كشكول الوائلي _ 14

img

مؤن المقاتلين

فمن مبادئ قانون الحروب الدوليّة ألّا يمنع الطعام والشراب عن المقاتلين حتى ولو كانوا في ساحة القتال، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم يمنع طعاماً ولا شراباً عن قريش أثناء قتاله لهم.

تمامة وقطع الطعام عن مكة

وهناک واقعة عن تمامة بن أنال الحنفي، وهو رئيس محترم في اليمامة كبير ومطاع، وله أراضٍ كبيرة، وكانت جماعة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) مرتبطة به، فيما كانت جماعة مكّة تأخذ قوتها من اليمامة عن طريق جماعة هناک، فرأى هذا الرئيس أن يقطع الطعام عن جماعة مكّة؛ لأنها أفضل وسيلة حسب رأيه لمحاربتهم وقتالهم. وبالفعل قطع الطعام عن مكّة، حتى اشتدّ الجوع على قريش، فكتب أبو سفيان كتابآ للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول فيه: أمّا بعد، فأنت تأمر بصلة الرحم، وأراک تقطع الرحم. قتلت الكبار وأجعت الصغار، فلمّا قرأ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) الكتاب تأثّر كثيرآ، وأمر ذلک الرئيس برفع الحجْر عن الطعام، وفعلا رفع عنهم الحجر، ولم يقاتلهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهم جياع، على الرغم من أن قريشآ قد أقامت حوله حصارآ من قبل.

العنف…

ومن مبادئ قانون الحروب الدوليّة أيضاً ألّا يستعمل العنف والقسوة حتى في ساحة القتال، والإسلام يقرّ ذلک بل ويتعدّاه إلى أنک حتى لو أردت قتله فلا تستعمل معه وسيلة غير إنسانيّة، بل ولا بعد قتله، فيقول: “إنَّما المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ” وفي الوقت نفسه يقول: «المسلم أخو المسلم»، ولذلک فإن الآية الكريمة تقول: “وَالفِتْنَةُ أكْبَرُ مِنْ القَتْلِ“. والفتنة هي استعمال القسوة حتى يرجع المسلم عن عقيدته، فقد كانت قريش تأخذ المسلم إلى الصحراء وتستعمل معه أنواع العذاب كافّة لكي يرجع عن دينه، ومن هؤلاء بلال فقد كان يتعرّض لضرب السياط يوميّآ، حتى تنتزع قطعة من جلده، وهو يقول: أحد أحد.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة