كشكول الوائلي _ 13

img

الأمويون وقبر الحسين (عليه السلام)

وهذا هو الذي حمل الاُمويين على منع زيارته باعتبار أن هذا عامل إيجابي وفعّال؛ لذلک لمّا ارعبتهم زيارة الحسين (عليه السلام) عمدوا إلى القضاء عليها بالتدريج، ووضعوا لها وسائل مكافحة على مختلف الاُسس والمستويات:

1 ـ فعلى المستوى العقائدي راحوا يركّزون على أن زيارة القبور بدعة، يقول الأعمش: جلسنا ليلة نتذاكر فضل زيارة الحسين (عليه السلام) فقال أحد الجيران: هي بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. فرأيته في اليوم الثاني عند الحسين فسألته عن السبب فقال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في المنام مع ركب جاؤوا لزيارة الحسين، وأنا قد تبت.

2 ـ ادّعاؤهم أنهم عند زيارة الحسين يفعلون ما ينافي الدين، كشتم الصحابة، وهؤلاء عندهم حتى معاوية صحابي محترم، فالغزالي يقول: لعلّه تاب أو ندم، ولا يجوز شتم المسلم. فهو لذلک يستشكل في شتمه.

3 ـ إزالة هذا الهدف بإمحاء معالم القبر،…

الديزج وقبر الحسين (عليه السلام)

يقول الديزج: أرسلني مع جماعة وقال: انظر هذا القبر الذي افتتن به الناس وانبشه وانثر عظامه في الهواء، وكتب معي إلى جعفر بن محمد بن عمار القاضي: اعلمک أني قد بعثت إبراهيم الديزج إلى كربلاء لنبش قبر الحسين، فإذا قرأت كتابي فقف على الأمر حتى تعرف فعل أو لم يفعل.

قال الديزج: فعرفني جعفر بن محمد بن عمار ما كتب به إليه، ففعلت ما أمرني به جعفر بن محمد بن عمار ثم أتيته فقال لي: ما صنعت؟ فقلت: قد فعلت ما أمرت به، فلم أرَ شيئآ ولم أجد شيئآ. فقال لي: أفلا عمّقته؟ قلت: قد فعلت وما رأيت. فكتب إلى السلطان: إن إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئآ، وأمرته فمخره بالماء، وكربه بالبقر.

قال أبو علي العماري: فحدّثني إبراهيم الديزج، وسألته عن صورة الأمر، فقال لي: أتيت في خاصّة غلماني فقط، وإني نبشت فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين بن علي، ووجدت منه رائحة المسک، والدم ينبج منه، فتركت البارية على حالتها وبدن الحسين على البارية ، وأمرت بطرح التراب عليه، وأطلقت عليه الماء، وأمرت بالبقر لتمخره وتحرثه، فلم تطأه البقر، وكانت إذا جاءت إلى الموضع رجعت عنه، فحلفت لغلماني بالله وبالأيمان المغلّظة لئن ذكر أحد هذا لا قتلنه. ولكن الشيعة لم يكترثوا، وكان عندهم بعض العلامات، وكانت زيارتهم ليلا، وكانوا إذا جاء العسكر يرمونهم بالسهام، فكانوا يعتقدون أن هذا من فعل الملائكة أو الجن، حتى امتنعوا.

وبعد هذه الحادثة قتل الأتراک المتوكّل، فجاء المنتصر وأمر ببناء القبر وإعادة العمارة في الأرض التي زرعت، وبقيت إلى زمن المعتضد في سنة (285) هـ، فأرسل المهندسين وأقام البناء عند ضريحي أمير المؤمنين والحسين (عليه السلام).

ثم جاءت عمارة عضد الدولة البويهي، وكانت عمارة فخمة في الضريحين، ثم جاءت عمارة الوزير محمد الرهارمُوزي التي رآها الرحالة ابن بطّوطة. ثم جاءت عمارة اُويس الإيلخاني وهي الموجودة حاليّآ، وقد جرى عليها الكثير من الإصلاحات.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة