كشكول الوائلي _ 9

img

شهداء اُحد

ومن ذلک ما روي أن معاوية لما جاء إلى الحكم نادى منادٍ: من كان له شهيد بأحد فليذهب إليه ويستخرجه؛ لأننا نريد زراعة الأرض. فلما نزلوا إلى القبور وجدوا ضمن من وجدوا عمرو بن الجموح وعبد الله الأنصاري أبا جابر بن عبدالله؛ وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قد دفنهما في قبر واحد وكفن واحد، فوجدوا الكفن الذي كفّنهما به النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كما هو. ووجدوا لون الدم كما هو والرائحة رائحة المسک. فقال أبو سعيد الخدري: لا ينكر منكر فضل الشهادة بعد هذا اليوم.

زينة المؤمن

هناک ثلاثة آراء في الزينة، هي:

1ـ أنها وجوب الستر عند إرادة الصلاة.

2ـ أنها لبس أجمل الثياب وأنظفها عند إرادة الوقوف أمام الخالق سبحانه. وهذا يعني الاعتناء بالمسجد والمحافظة عليه، وألّا يدخله الإنسان المنفّر للمصلين، كآكل الثوم، أو من يقوم بتوسيخ المسجد، أو يرمي فضلاته في جوانب المسجد، وقد روي أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) رآى رجلاً رمى بنخامته في المسجد، فقال: «إن المسجد لينزوي من النخامة كما تنزوي الجلدة من النار»، أي عندما تنكمش من الحرارة.

وقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) يتطيّب إذا أراد الذهاب للمسجد، كما ورد. وهناک أحاديث واردة في هذا المعنى في آداب أهل البيت:

كما أنّ من العناية بالمسجد عدم اللغو في الحديث، فحتى لو كان ذلک الإنسان مخالفاً لكيفيّة العبادة، فعلينا ألّا نكفّره ولا نؤذيه، فـ :

اختلاف الرأي لا يفـ *** ـسد في الودّ قضيّة

وكما أن المطلوب هو الاعتناء بالمظهر الخارجي، فكذلک مطلوب الاعتناء بداخل الإنسان، وعدم جرح مشاعره.

3ـ أنها تعني إظهار النعمة، كما يقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) «إن الله يحب إذا أنعم على عبد أن يرى أثر نعمته عليه»، أي في اللباس والطعام والمنزل الحسن، والتوسعة على العيال، وهكذا.

لا تسرفوا

“وَكُلوا وآشْرَبُوا ولا تُسرِفُوا”، فالبعض كان إذا دخل مكّة يحرّم على نفسه الطعام والشراب، ويرى أن ذلک أفضل للعبادة، فأوضح الإسلام أن الأكل حسن، وأن الممنوع هو الإسراف، حيث إن الإنسان لا يعيش ليأكل وإنما يأكل ليعيش.

الطبيب المسيحي

كان عند العباسيّين ومن قبلهم من الاُمويّين الكثير من المسيحيّين في بلاطهم، وقد أنفق هؤلاء المسيحيّون الكثير من الأموال لاختراق الخلافة الإسلاميّة منذ عهد معاوية، مثل جون الذي كان في بلاطه. ومن مؤرّخي السريانيّين (ابن بنكات)، وكان يعيش في بلاط معاوية، وكان من أعظم أنصار البلاط الاُموي وخصوصاً معاوية، وكانت لهم يد غريبة في الأحداث التي جرت في التاريخ.

وكان عند الرشيد طبيب يقال له (ابن بختيشوع) فتفوّه مرّةً بكلام ضدّ الإسلام، وقال مخاطبآ الرشيد: ليس في دينكم من العلم شيء؛ لأن العلم علم أديان وعلم أبدان، وليس عندكم منه شيئاً. فقال له الرشيد: تكلّم القرآن عن ذلک حيث قال في علم الأبدان: “وَكُلوا وآشْرَبُوا ولا تُسرِفُوا“، وقال الرسول: «المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء، وأعط كلّ بدنٍ ما عُوّد به»، فقال له مجاملا: نعم، ما ترک قرآنكم لـ(جالينوس) شيئاً من الطب.

إذن فالروايات عن الطبّ في الإسلام كثيرة، وقد أسّس الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) ذلک، وحثّ على علم الطبّ، حيث قال: «إذا مرضتم فتداووا، إن الله ما خلق داءً إلّا وجعل له دواء». والجزئيّات نراها كثيرآ في تراث المسلمين.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة