الظلم _ 6

img
عام 0 ----

مصطفى آل مرهون

وقد فسر في روايات أهل البيت بثالث المعاني، وفي قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ([1]) تطميعهم في التوبة رجاء المغفرة.

ـ ظلم العباد: عن الرسول|: «إن أهون الخلق عند الله من ولي أمر المسلمين فلم يعدل لهم»([2]). وقال|: «إياكم والظلم، فإن الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة»([3]).

قال الشاعر:

ألم تعلم بأن الظلم عار *** جزاء الظلم عند الله نار

وللمظلوم نور في الجنان *** وللظلام في النيران نار

يقول تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ([4])، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ([5]). وعن النبي‘: «من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام»([6]).

قال للمنصور عمه عبد الصمد بن علي: لقد هجمت بالعقوبة، حتى كأنك لم تسمع بالعفو. قال: لأن بني مروان لم تبلى رمحهم، وآل أبي طالب لم تغمد سيوفهم، ونحن بين قوم قد رأونا أمس سوقة، واليوم خلفاء، فليس تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو واستعمال العقوبة.

وحدث الطبري: لما عزم المنصور على الحج دعا ريطة بنت أبي العباس امرأة المهدي، وكان المهدي بالري قبل شخوص أبي جعفر، فأوصاها بما أراد، وعهد إليها، ودفع إليها مفاتيح الخزائن، وتقدم إليها وأحلفها، ووكد الأيمان أن لا تفتح الخزائن ولا تطلع عليها أحداً إلا المهدي ولا هي إلا أن يصح عندها موته، فإذا صح ذلك اجتمعت هي والمهدي فقط حتى يفتحا الخزانة. فلما قدم المهدي من الري إلى مدينة السلام دفعت إليه المفاتيح وأخبرته عن المنصور أنه تقدم إليها فيه ألا يفتحه ولا يطلع عليه أحد حتى يصح عندها موته، فلما انتهى إلى المهدي موته وولي الخلافة فتح الباب ومعه ريطة، فإذا أزج كبير فيه جماعة من قتلى الطالبيين وفي آذانهم رقاع فيها أنسابهم، وإذا فيه أطفال ورجال شباب ومشايخ عدة كثيرة، فلما رأى ذلك المهدي إرتاع لما رأى، وأمر فحضرت لهم حفيرة فدفنوا فيها وعمل عليها دكاناً([7]).

ووقفت في طريق المنصور يوم دخل المدينة ابنة صغيرة لعبد الله ابن الحسن وهي تستعطفه وتطلب منه الرحمة والاشفاق عند ما يقع نظره عليها وهي بتلك الحالة وتخاطبه برقة واستعطاف:

ارحم كبيراً سنه متهدم *** في السجن بين سلاسل وقيود

إن جدت بالرحم القريبة بيننا *** ما جدكم من جدنا ببعيد

وكانت تأمل أن يطلق أسيرها رحمة لها، ولكن المنصور عندما سمع صوتها قال: اذكرتنيه. ثم أمر به فاحدر بالمطبق وضيق عليه سجنه، وكان السجن خاتمة مطاف ذلك الأسير ونهاية حياته.

____________________

([1]) النجم: 32.

([2]) بحار الأنوار 72: 352 / 61.

([3]) الخصال: 176.

([4]) إبراهيم: 42.

([5]) الشعراء: 227.

([6]) بحار الأنوار 72: 377 / 31.

([7]) تاريخ الطبري 6: 344.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة