وصية لقمان لولده ـ 2

img

مصطفى آل مرهون

وصايا لقمان لولده

روي أن لقمان (عليه السلام) قال لولده في وصية: «لا تعلق قلبك برضى الناس ومدحهم وذمهم؛ فإن ذلك لا يحصل ولو بالغ الإنسان في تحصيله بغاية قدرته»([1]). وقد ورد أن «رضى الناس غاية لا تُدرك»([2]).

خرج لقمان مع ولده، فركب لقمان الحمار وترك ولده يمشي خلفه، فاجتازا على قوم فقالوا: هذا شيخ قاسي القلب قليل الرحمة، يركب الدابة ويترك ولده يمشي. فقال لولده: «هل سمعت إنكارهم؟» قال: نعم. فأمر ولده يركب ومشي خلفه، فاجتازا على قوم فقالوا: هذا بئس الولد وبئس الوالد حيث لم يأدبه أبوه، يركب ويترك أباه يمشي. فقال لولده: «هل سمعت؟» قال: نعم. فركبا معاً ومرا على قوم فقالوا: ما في قلبَي هذين الراكبين رحمة، حيث يحملان الدابة ما لا تطيق، فلو ركب أحدهما ومشى الآخر لكان أصلح. فقال له: «سمعت؟» قال: نعم. فتركا الدابة ومشيا خلفها فاجتازا قوماً فقالوا: عجيب من هذين يتركان الدابة ويمشيان. فقال لولده: هل سمعت؟ ما ترى في هؤلاء حيلة لمحتال، فلا تلتفت إليهم واشتغل برضى الله، ففيه شغل شاغل عن كل شيء»([3]).

يقول علي (عليه السلام) لولده الحسن: «وما طلابك لقوم إن كنت عالماً عابوك، وإن كنت جاهلاً لم يرشدوك؛ إن طلبت العلم قالوا متكلف، وإن تركت طلب العلم قالوا عاجز؛ إن أنفقت قالوا مسرف، وإن امسكت قالوا بخيل؛ وإن نطقت قالوا مهذار، وإن سكتت قالوا ألكن»([4]).

يقول الشاعر:

وما أحد من ألسن الناس سالماً *** ولو أنه ذاك النبي المطهر

 فإن كنت مقداماً يقولون أهوج *** وإن كنت مفضالاً يقولون مبذر

وإن كنـت صوّامــاً وبالليل قائــماً *** يقــولون زوار يـرائي ويمــكر

وإن كنت سكيتـاً يقولون ألكن *** وإن كنت منطيقـاً يقولون مهـذر

  فلا تكترث بالناس في المدح والثنا *** ولا تخشى إلا الله والله أكبر

____________________

([1]) فتح الأبواب (لإبن طاووس): 307.

([2]) نهج السعادة 8: 38.

([3]) فتح الأبواب (لإبن طاووس): 307.

([4]) بحار الأنوار 74: 235/ 3.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة