وصية لقمان لولده ـ 1

img

مصطفى آل مرهون

﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ﴾ [لقمان: 13]

«بنيّ» الأصل فيه «ينبؤ»، ويُجمع على بنين من الجمع المذكر السالم، ومفرده ابن بإضافة همزة الوصل، فاللفظ يدل على التصغير كما عرفت، وللتصغير نكت متعددة منها: الرقة والحنان والشفقة، كقول الله تعالى حكاية عن نوح (عليه السلام): ﴿يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا﴾ [هود: 42]. ومنها التعظيم كقول الشاعر:

وكل أُناس سوف تدخل بينهم *** دويهية تصغر منها الأنامل

مراد به التعظيم بدلالة «تصغر منها الأنامل».

وقد عرفت أن لقمان سمى ولده «باثار»، فكان القرين له أينما حل ورحل، وكان عينه ويده؛ حيث حل من قلبه محلاً كبيراً خاصة أنه البقية من أولاده:

وإنــمــا أولادنـــا بيــننــا *** أكبادنا تمشي على الأرض

وقال آخر:

من ســــرّه أن يـــرا الكبـــدا *** تمشي على الأرض فليرى الولدا

لقد عقد لقمان أمله الكبير على ذلك الولد وحسب أن يكون له ذخراً وخلفاً من بعده حيث كان من المعلوم عنده أن المرء ينقطع عمله إلّا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وخلف من ولد صالح يدعو له.

 الرجل المعذب في قبره

مر عيسى بن مريم (سلام الله عليها) ذات يوم على قبر يعذب صاحبه، فمر عليه بعد حين فرأى العذاب مرفوعاً عنه، فسأل ربه عن ذلك فقال تعالى: «نشأ له ولد فأصلح طريقاً وآوى يتيماً، وبذلك رفع عنه العذاب»([1]).

فالإنسان يستفيد من خلفه. يقول لقمان لولده: «فإنك تخلف في سلفك وتنفع في خلفك»([2]). وهذا من أظهر الأدلّة على ما يذكره العارفون.

حقوق الأولاد

يقول أحد العارفين: أولادنا أكبادنا، وثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة، وبهم نصول عند كل جليلة، فإن طلبوا فعِظهم، وإن غضبوا فِرضهم، يمنحوك ودّهم، ويحبّوك دهرهم، ولا تكن عليهم ثقيلاً فيتمنوا وفاتك، ويكرهوا قربك، ويملوا حياتك، فكنت في ذلك قد أعنتهم على عقوقك، وارتكبت وإياهم محرماً.

فمن حقوقه:

  1. تسميته باسم حسن، وخير الأسماء ما عبد وحمّد.
  2. ومن حقوقه اختيار أمه وإكرامها وعدم الإساءة إليها
  3. ومنها تزويجه
  4. تأديبه وتعليمه والمحافظة عليه

يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «أمهل‏ صبيك‏ حتى‏ يأتي‏ له‏ ست سنين، ثمَّ ضمّه إليك سبع سنين، فأدّبه بأدبك، فإن قبل وصلح وأفلح، وإلا فخل عنه فإنه لا خير فيه»([3]). وعنه (عليه السلام): «الغلام‏ يلعب‏ سبع‏ سنين، ويتعلّم الكتاب سبع سنين، ويتعلّم الحلال و الحرام سبع سنين»([4]).

_____________________

([1]) أمالي (الصدوق): 603/ 837.

([2]) تفسير القمي 2: 164.

([3]) الكافي 6: 46/ 2، وفيه: «إلى قوله… فخل عنه».

([4]) الكافي 6: 47/ 3.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة