التربية وصفات المربّي ـ 3

img

مصطفى آل مرهون

العمري والإمام موسى (عليه السلام)
كان رجل عمري في المدينة المنورة يؤذي الإمام موسى (عليه السلام) ويشتم علياً (عليه السلام)، فقال بعض حاشية الإمام: دعنا نقتله. فنهاهم عن ذلك وسأل عن العمري في بعض الأيام فقيل له: إنه يزرع في نواحي المدينة. فركب إليه في مزرعته فوجده فيها، فدخل المزرعة بحماره، فصاح به الرجل: لا تطأ زرعنا، فاستمر في طريقه حتى انتهى إليه فنزل وجلس عنده وجعل يضاحكه. ثم قال له: «كم غرمت في زرعك هذا؟» قال: مائة دينار. قال الإمام: «فكم ترجو؟» فقال: إنا لا نعلم الغيب. فقال له الإمام: «إنما قلت لك كم ترجو أن يجيئك منه؟» فقال: أرجو أن يجيئني مائتا دينار. فأعطاه الإمام ثلاث مائة وقال: «هذا زرعك على حاله». فقام العمري وقبّل رأسه وانصرف الإمام إلى المسجد فوجد الرجل جالساً، فلما نظر إليه قال: ﴿اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: 124].

فوثب أصحابه وقالوا له: ما قصتك؟ لقد كنت تقول خلاف هذا، فخاصمهم وجعل يدعو لأبيث الحسن (عليه السلام) كلما دخل وخرج. فقال الإمام (عليه السلام) لأصحابه: «أيما كان خيراً ما أردتم أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار»([1]).

الصفة الخامسة: الاستشعار بالمسؤولية في تربية الولد

ايماناً وسلوكاً، وتكوينه نفسياً وجسمياً، وإعداده عقلياً واجتماعيا مما يجعله ينطلق بمراقبة الولد، وملاحظته، وفي توجيهه وملاحقته، وفي تعويده وتأديبه مما يستدعي عدم التاهل المتكرر المؤدي إلى التفريط والتكاسل الذي نهايته الندم والضياع.

أتبكي على لُبنى وأنت قتلتها *** وقد ذهبت لبنى فما أنت صانع

لذا نجد الإسلام حمّل الآباء مسؤولية التربية في أبعد حدودها ومراميها، وحثّهم عليها. يقول تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 133]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: 6].

___________________

([1]) الإرشاد (للمفيد) 2: 233. إعلام الورى 2: 26.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة