التربية وصفات المربّي ـ 1

img

مصطفى آل مرهون

﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ

المعنى اللغوي للتربية

التربية في اللغة مأخوذة من: «رب ولده»، والصبي يربه «رباه»، أي أحسن القيام عليه حتى أدرك.([1])

وفي الحديث: «لك نعمة تربها»، أي تحفظها وتراعيها كما يربي الرجل ولده.

إذاً التربية حسب المعنى اللغوي عبارة عن: تعاهد الطفل بالتغذية والرعاية وحسن القيام عليه حتى يفارق طفولته، وهو شامل لتنمية مداركه وعقله.

المصطلح العلمي

عنى علماء التربية مند أقدم العصور بتفسير هذه الكلمة وإيضاح مدلولها ولكنهم لم يستقروا على تفسير واحد. وأسبق تعريف لها ما أدلى به أفلاطون حيث قال: التربية هي إعطاء الجسم والروح كل ما يمكن من الجمال وكل ما يمكن من الكمال. فشمل التربية البدنيه والروحية.

ولعل أوثق تعريف هو ما أدلى به (جون ديوى) من أنها: عملية تكيّف ما بين الفرد والبيئة، يقول: «التربية: هي ضوغ وتكوين لفاعلية الأفراد، ثم صبِّها في قوالب معينة، أي تحويلها إلى عمل اجتماعي مقبول من الجماعة».

المدلول التربوي:

المدلول التربوي له معنيان:

المعنى الأول: المعنى العام، وهو شامل لكل عمل يصدر عن قصد أو غير قصد إذا كان من شأنه أن ينمّي قواه أو قوى غيره الجسمية والعقلية والخلقية، فهي تشمل كل شيء يؤثّر في بناء الأخلاق سواء صدر من نفس الإنسان أم من غيره، كالمناخ وطبيعة الأرض، وكثيراً ما نسمع ما يقوله الناس: «ربتني الأيام».

المعنى الثاني: المعنى الخاص: ويقصد به انتقال الأسس التربوية والثقافية من جيل إلى جيل، كما نلاحظ أن القرآن ينقل لنا كيفية تربية لقمان لولده.

ضرورة التربية

التربية ضرورة من ضرورات الحياة، وشأن أصيل من شؤون الإنسان، بها يكسب: 1 ـ مقوّماته النفسية 2 ـ والاجتماعية 3 ـ وبها يتحقق امتيازه عن سائر الحيوانات. فهي ضرورة للفرد والمجتمع على حد سواء باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها الإنسان لتحقيق نضوجه ورفع مستواه الفردي والاجتماعي، ومن ثم كانت ضرورة لازمة للحياة.

الأهداف التربوية

الهدف الاول: الأهداف الروحية

حيث ذهب البعض إلى أن الهدف الأساسي من التربيه إنما هو تطهير النفس وصفاء الذات والاتصال بالله تعالى الذي هو من أسمى الغايات وأنبل المقاصد.

يقول (فرويل): «إن التربية ينبغي أن تقود الإنسان إلى معرفة نفسه الداخلية وتقدير الطبيعة والثقة بوحدانية الله، ويجب أن ترفع الإنسان إلى الحياة الطاهرة المقدسة الناشئة عن معرفة الله والطبيعة والنفس الإنسانية». وقال: «إن الغرض من التربية حياة طاهرة مقدسة ملؤها الإخلاص والطهارة»([2]).

الهدف الثاني: الأهداف المادية

التي عنوا بها إعداد الناشئين لاكتساب العيش، ويسمى ذلك عند بعض المربين من الانجليز: غرض الخبز والزبد.

وقيمة هذا الرأي أن الإنسان بحسب حبه للبقاء مرغم على السعي لاكتساب وسائله، وليس هناك وسيلة أهم من جلب القوات واكتساب الرزق اللازم لبقائه وبقاء عياله؛ ولذلك فإن حرفة في اليد أمان من الفقر. كما أن الله جعل الأرض ذلولاً، وأمرنا بالسعي في مناكبها والأكل من رزقه.

الهدف الثالث: الأهداف الاجتماعية

وذلك بتقويم شخصية الإنسان، واحترام حقوق الآخرين وحرياتهم، وتنمية روح التفاهم والتعاون بين أفراد المجتمع، وزرع روح إحساس المساعدة على تفعيل وتنشيط دعم الفقراء والمحتاجين. يقول الرسول‘: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»([3])، «ليس منّا من بات شبعان وجاره جائع»([4]). ومن هنا شرع الله الصيام، حيث الإحساس بالفقراء من أكبر فوائده. «وتصدقوا فيه على فقرائكم». وفي الحديث أن هشام بن الحكم سأل الإمام الصادق (عليه السلام) عن علة الصيام فقال: «إنما فرض الله الصيام ليستوي به الغني والفقير»([5]).

____________________

([1]) تاج العروس 2: 7.

([2]) لم نعثر عليه.

([3]) عوالي اللآلي 1: 129/ 3.

([4]) عوالي اللآلي 1: 268/ 74، وفيه: «ما آمن بي» بدل «ليس منا…».

([5]) من لا يحضره الفقيه 2: 73/ 1766.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة