تأملات قرآنية، تأملات في سورة العصر 2

img

الأستاذ صالح السعود

يُحكم الزمن (العصر) قبضته على (الإنسان)، ويسيطر على حركته، فإن انتصر في جانب مادي أركسه في معنوي، وإن تقدم في المجال التكنلوجي، أرجعه في الصحي.. ويظل يتقاذفه من (خسر) إلى خسر، والأدهى من ذلك أنه يظل يصارع الزمن طوال عمره، ويأمل يكون له وقت إضافي ليقضي شيئاً من طموحه.. ولكن الزمن يعصره.. (والعصر، إن الإنسان لفي خسر).

إلا وعند هذا التأزم، وذروة القلق الذي يعيشه المتلقي، تَفتح (إلّا) أمامه فسحة من أمل، وتضع مفاتيح النجاة في يده، تاركة المسؤولية على عاتقة، ليستغل قوانين العصر إلى صالحه، ويقلب موازين الخسر المؤكد إلى ما يشاء – حسب تطلعاته وطموحاته من نجاة أو ربح.. فـ (إلا) استدراك، يتدارك بها أناس، ويخسر كثيرون .

ورغم قصر السورة الكريمة وإيجاز صدرها،وتركيز وسطها، إلا أن عجزها يطنب في تفصيل سبل النجاة، تعبيراً عن الجهد الطويل الذي يسلكه الإنسان في الخلوص من الخسر المؤكد، والانعتاق من شراكه.. أمام متطلبات العصر .

الذين
وزيادة في الإسهاب يأتي توصيف منهج الخلاص بالاسم الموصول الجمعي (الذين) متبوعاً بجملة فعلية ماضوية (آمنوا) عوض (إلا المؤمنين)، وهذه الصلة وهذا الحدث (الذين آمنوا) يستنهض (الإنسان) إلى التحرك، وإحداث الفعل الإيماني والاستمرار فيه حتى يصير في سلك (الذين آمنوا)

وربما كان في استخدام الجمع (الذين.. آمنوا.. عملوا.. تواصوا) تعزيزاً لروح التعاون والوحدة، وتطميناً للمتلقي بأن في طريقه أناساً مؤمنين عاملين، يسعون معه لكسب الزمن والسيطرة عليه .

آمنوا

والإيمان مشتق من الأمن…

يتبع…

 

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة