العفة ـ القسم الثاني

img

قال صاحب المحكم: العفّة هي الكفّ عمّا لا يحلّ ولا يجمل، يقال: عف يعفّ عفّةً وعفافاً، وتعفّف

  • تعني العفّة اصطلاحاً: التنزّه عن الشيء البغيض – وعفّ عن الشيء يعني تنزّهت نفسه وترفّعت عنه.
  • وتعني العفّة في المجتمع: التنزّه عن الرّذيلة والفحشاء بين الرّجال والنساء، واقتصار العلاقة بينهما في حدود الزواج الشّرعي الذي يحفظ حقّ الأسرة، ويضمن سلامة وصحّة النسل.
  • تعني العفّة حفظ النّفس عمّا يقبحها وعمّا يشينها بكرامتها، ولذلك عّدة مجالات: فحفظها عن الوقوع في الفواحش إعفافٌ لها، وحفظها عن سؤال النّاس إعفافٌ لها عن الوقوع في سبب المذلّة، والكف عن المحارم وخوارم المروءة إعفاف لها.. وهكذا، قال النوويّ في شرحه على مسلم: “وأمّا العفاف الكف عن المحارم وخوارم المروءة”.
  • واستعفّ، ورجلٌ عفٌّ وعفيف، وأنثى عفيفةٌ، وجمع العفيف أعفّة وأعفّاء. انتهى، والله أعلم.

العفة:منع النفس عن الأمور المحرمة أو التي لاينبغي القيام بها
والعفة هى الصبر والامتناع عن الوقوع في الحرام عند ظهور الشهوة

ويعرّف الشهيد المطهري (رح) العفاف: العفة حالة نفسانية تعني السيطرة على القوة الشهوانية بواسطة العقل والإيمان أو عدم التأثر بالقوة الشهوانية

الشيخ النراقي صاحب كتاب جامع السعادات يعرّف العفة : انقياد قوة الشهوة للعقل في الإقدام على ما يأمرها به من المأكل والمنكح كما وكيفاً، والاجتناب عما ينهاها عنه، وهو الاعتدال الممدوح عقلا وشرعاً، وطرفاه من الإفراط والتفريط مذمومان، فان المطلوب في جميع الأخلاق والأحوال هو الوسط، إذ خير الأمور أوساطها ومن تعريفاتها :حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، والمتعفِّف هو المتعاطي لذلك، بضربٍ من الممارسة والقهر، وأصله الاقتصار على

تناول الشيء القليل الجاري مجرى العفافة والعفّة أي: البقيّة من الشيء

يقول الإمام الباقر ع : ” ما عبد الله بشيء أفضل من عفة بطن وفرج ”

وهي على نوعين :

  • العفّة عن المحارم وتشمل: ضبط الفرج عن الحرام وكفّ اللسان عن الأعراض.
  • العفّة عن المآثم وتشمل: الكف عن المجاهرة بالظّلم، وزجر النّفس عن الإسرار بالخيانة
  • وهنا يجب أن نلتفت لأمر هام وهو أن العفة شيء والحجاب شيء آخر فالعفة تتفوق على الحجاب من حيث السعة والأفضلية.
    أن الحجاب هو زي خاص، أما العفة فهي خصلة ورؤية ومسيرة.
    والحجاب غطاء خارجي، بينما العفة غطاء خارجي وباطني.
    وقد يكون الحجاب ناتج عن الرياء أو الجبر أو التظاهر أو الاضطرار، أما العفة فهي خصلة وقيمة اختيارية.


    وللعفة أشكال مختلفة، منها العفة في النظر، العفة في الكلام، العفة في الشهوة وغيرها. وقد ترتدي المرأة حجاباً مناسباً، ولكنها تفتقد إلى العفة في النظر أو الكلام أو القضايا الجنسية، وهذا مثال للحجاب دون عفة، وعلى هذا يجب أن تهتم بموضوع العفة العامة من أجل بناء مجتمع سليم ترتدي نساءه الحجاب بوعي.

  • وأما منشؤها فإنّ للعفّة منشأين
    الأوّل: منشأ فطريّ: وقد حفلت الروايات بذلك، وأشارت إلى أنّهما من الأمور الفطريّة، ومن لوازم الفطرة لدى الإنسان، وهما من جنود العقل أيضاً… فالعفّة والحياء والخجل من لوازم الفطرة البشريّة، كما أنّ التهتُّك والفحش وعدم الحياء على خلاف`ذلك. وهي تظهر على الإنسان وحركاته بشكل جليٍّ وواضح، إذ بمجرّد تعرُّضه لحادث أو أمر حرج فإنّ العفّة والحياء يظهران عليه تلقائيّاً من دون حاجة إلى التعلُّم والاكتساب.


    الثاني: منشأ بيولوجيّ: وقد أشارت الدراسات إلى أنّ للحياء منشأًً بيولوجيّاً يحصل إثرنشاط الغدد التناسليّة على الصفات الجنسيّة للذكر والأنثى، وهذه الصفات تنقسم إلى قسمين أساسيّة وثانويّة. وتتمثّل الصفات الأساسيّة في شكل ووظيفة الأعضاء التناسليّة، وفي قدرة الشخص على التناسل، أمّا الصفات الثانويّة فتتمثّل في تمييز الرجل بضخامة تكوينه وقوّة عضلاته والجرأة والغلظة، وفي تمييز المرأة بنمو صدرها وتركُّز الدهن في أماكن خاصّة من جسمها وبالاستحياء والرقّة16.
    فالحديث عن وجود وبروز الاستحياء لدى الفتاة أثناء نشاط الغدد التناسليّة وتغيير جسدها، إشارة إلى عامل الإثارة والإغراء الّذي يصدر عن الفتاة أمام الرجال، ولذا كان الاستحياء حاجزاً ومانعاً وحصناً لها من الوقوع في الفساد وحفظ نفسها من ذلك.

المحور الثاني : كيف نكتسب العفة  وهل من الضروري اكتسابها..

وذلك يكون باجتناب آفاتها كما هو المعلوم أن الشيء يعرف بضده ..

  • النظر المحرم ( جعلها تمشي خلفه): أخطر آفات العفة قال أمير المؤمنين ع : ” العيون مصائد الشيطان” وشبك الشيطان ليست بالشيء الذي يمكن الخلاص منها بسهولة لذا علينا التفكير قبل الوقوع في الفخ باجتناب نظرة السوء فننقذ أنفسنا من عبودية النفس فالإنسان أسير النفس والنفس رهينة البصر
  • الخلوة مع الأجنبي : فالخلوة تعتبر مجالا لوسوسة الشيطان مهما بلغ الرجل والمرأة من مستوى الصفات الأخلاقية والعفاف : ولما لهذا العمل من خطورة يروى أن الشيطان قال لنبي الله موسى : يا موسى لا تكن في خلوة مع المرأة التي لاتحل لك ومن خلا بامرأة حضرت معه لأغويه وأوقعه في الرذيلة ولا أترك لأصحابي القيام بهذا العمل
  • البطالة يقول الإمام علي ع :” القلب الفارغ يبحث عن السوء واليد الفارغة تنازع إلى الإثم “لذلك وجه القرآن ( فإذا فرغت فانصب)
  • الاختلاط بين الرجل والمرأة
  • الموسيقى المُطربة المبتذلة
  • مصاحبة الفاجر

اكتساب العفة ضرورة لأن لسببين :

أولا : أنّ العفّة تُشكِّل إحدى الفضائل الأخلاقيّة وتُعدّ واحدة من أمّهات الفضائل الأربع (العفّة، الشجاعة، الحكمة، والعدالة (( من الضروري أن نلتفت للفرق بين الحياء والعفة  فالحياء يمثل فرعاً من فروع العفّة، ومع ذلك فإنّ العلاقة بينهما وثيقة جدّاً تكاد تخفى على بعضهم لدرجة أنّه يظنّ أنّهما بمعنى واحد، لكن يظهر للمتمعِّن أنّ الحياء، وإن كان فرعاً من فروع العفّة، إلّا أنّ له دوراً كبيراً في ثبات العفّة وشدّتها لدى الإنسان، إذ كلّما اشتدّ حياء المرء كلّما زادت عفّته، فعن الإمام عليّ عليه السلام: “على قدر الحياء تكون العفّة، وذلك لأنّ الحياء هو ترك القبيح ، كما جاء في الروايات، ويصدّ عن الفعل القبيح ، وكلّما اشتدّ وازداد حياء المرء، كلّما ابتعد عن القبيح والمعاصي، فهو كفّ وابتعاد عنها، وهذا هو معنى العفّة. ولا يعني ذلك غياباً لاستعمال إرادة الإنسان، بل للإرادة دور مهمٌّ من أجل الوصول إلى حالة تمتنع بها النفس وتتحصّن من غلبة غريزة الشهوة والوقوع في الملذّات والشهوات غير المشروعة، فقد جاء في الحديث عن الإمام عليّ عليه السلام: “سبب العفّة الحياء“. صحيح

أنّ حياء الإنسان من فعل القبيح ينبغي أن يكون نابعاً من ذاته، لكن أحياناً قد يحصل الحياء ويكون حياءً من الناس، حتّى إذا ما اختلى بنفسه قام بما يُريده،إلّا أنّ للحياء هنا درجات ومراتب، وكلّ مرتبة تُمهِّد للأخرى.


ولهذا فإنّ الحياء من الناس، وترك القبيح استحياءً منهم، وإن لم يكن مندرجاً تحت عنوان الفعل الأخلاقيّ إلّا أنّ الاستمرار به ومداومة القيام به يؤدّي شيئاً فشيئاً إلى الانتقال للمراتب العليا للحياء، ليصل به إلى مرتبة أعلى وهي الحياء من النفس، ثمّ بعدها الحياء من الله تعالى، وهذا هو الإيمان. فقد ورد عن الإمام العسكريّ عليه السلام: “من لم يتقّ وجوه الناس لم يتقّ الله“. ولهذا اعتبرت العفّة إحدى ثمرات الحياء، ولهذا أشار الإمام عليّ عليه السلام: “أصل المروءة الحياء وثمرته العفّة:””)).

  • ثانيا لأن لفقدانها آثارا سيئة منها :
    • عدم الثقة : حين تسود في مجتمع ما حالةُ فقدان العفة تنعدم ثقة الأفراد ببعضهم وينتشر سوء الظن حتى بين المتزوجين لأنهم يشكون بوفاء بعضهم للبعض الآخر
    • الانفصال والطلاق : إذا حل الفساد والإباحية محل العفة والحياء انهارت الثقة بين الزوجين وترتب الشك ووقعت الاختلافات بينهما وانتهت بالطلاق
    • ركود الفكر والقابلية : من نتائج انتهاك العفة هو الركود الفكري وعدم نمو القابليات الرفيعة مثل النزعة الإيمانية وطلب العلم وينتج عن عدم ضبط الميل الجنسي اتجاه الإنسان بحواسه واهتماماته نحو إشباع الهوى مما لا يدع للإنسان مجالا للقيام بعمل بناء ويتوقف نضجُ تفكيرِه وقابليتِه .
    • السقوط : فقدان العفة هاوية وإذا سقط قوم في هذه الهاوية فقدوا عزّتهم وعظمتهم وهمّتهم ومروءتهم
    • الخيانة

ثالثا : لما لها من ثمرات عظيمة

فبها 1- تحقيق المروءة التي ينال بها المرء المجد والشرف في الدنيا والآخرة

  • تحصيل قوة القلب ونعيمه وطيب النفس وانشراح الصدر
  • صون الأعراض وصيانتها عن الحرام والرذيلة
  • تنمية روح الغيرة في النفس ..الغيرة على الحرمات .. ومن أعظمها حرمات الله ورسوله ..

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة