حول الإنسان/ البطن (50)

img

ولذلك فقد استدل بعض علماء الإمامية الأعلام من هذه الآية على إمكان وجواز بقاء الإمام المهدي× هذا العمر الطويل؛ لأنه يعيش في الحياة الطبيعيّة يأكل من رزق الله ويعيش في أرض الله، فلا عجب من بقائه، ولا غرابة في حياته، وإنما العجب ـ لو كان في قدرته عجب ـ أنْ يبقى بشر حيّاً في بطن الحوت حتى ولو ساعة واحدة؛ لأن معدّات الحياة غير موجودة لديه، فلا ماء ولا كلأ، ولا ضياء ولا هواء، فهو لم يكن في الرحم، فيعيش حياة الجنين، وإنما هو في بطنها الآخر تحت سلطة الجهاز الهضمي الذي يعمل في الطعام والشراب عمله اللّاإرادي حتى يعجنه ويطحنه؛ فجلّت قدرة الله.

وكما شهد الوجدان والقرآن أن البطون هي أوعية الطعام، فقد شهد بأنها الأوعية التي تتكوّن فيها الأجنّة، قال تعالى: ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ([1])، وقال تعالى: ﴿وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا([2])، وقال تعالى عن لسان اُمّ مريم÷: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ([3]).

والبطن من كلّ شيء: خلاف الظهر حتى من البلد، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا([4]). يعني عندما دخلتم داخل مكّة يوم الفتح منتصرين ظافرين، فكفَّ أيدي قريش عنكم بما ألقى الله في قلوبهم من الرعب، وكفّ أيديكم عنهم بما ألقى الله سبحانه في قلوبكم من حبّ العفو والرحمة. وكلّ ذلك من أجل أن تبقى مكّة حرماً كما كانت وكما يجب أن تكون إلى يوم القيامة.

الهوامش:

([1]) الزمر: 6.

([2]) النحل: 78.

([3]) آل عمران: 35.

([4]) الفتح: 24.

الكاتب الشيخ عبد الحميد المرهون

الشيخ عبد الحميد المرهون

مواضيع متعلقة