حول الإنسان/ اليد (42)

img

واليد هي هذه العضلة الممدودة إلى جانب الجسد، المتعلّقة به من جهته العليا، والمتحرّكة إلى جميع جهات الإنسان السفلى والعليا، والأمام والوراء، وإلى اليمين والشمال، وتمتد إلى تناول الإنسان للشيء، وتنثني إلى مناولته له لغيره؛ فإن بسطهما كانتا مجرفة، وإن ضمّهما كانتا مغرفة ([1])، وإن جمعهما كانتا للوكز والبطش، قال تعالى: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ([2])، وإن نشرهما وضمّهما كانتا آلة للبسط والقبض.

وتحتوي اليد على عدّة مقاطع، فأعلاها الكتف، وتحته العضد أو الساعد، وتحته المرفق الذي يجمع على (المرافق) التي ذكرتها الآية الآنفة الذكر حيث قال تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾. وتحت المرفق الذراع، فالذراع والعضد يجتمعان في المرفق؛ ولذا قال أمير المؤمنين×: «كنت من رسول الله| كالصنو من الصنو، والذراع من العضد»([3]). يعني أصلنا واحد، وله× قوله:

أنا أخو المصطفى لا شكّ في نسبي
جدّي وجدّ رسول الله متّحد
صدّقته وجميع الناس في بُهُم
معْه رُبيت وسبطاه هما ولدي
وبنته زوجتي لا قول ذي فندِ
من الضلالة والإشراك والنكدِ([4])

قال جابر بن عبد الله الأنصاري t: سمعت علياً× ينشد بهذا، ورسول الله| يسمع فتبسم| وقال: «صدقت يا علي»([5]).

وكلّ من له رجلان ويدان فله ذراعان حتى الحيوان، قال تعالى عن كلب أهل الكهف: ﴿وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ([6]).

وتحت الذراع الزند، والذي يسميه بعضهم الرسغ، وتحته الكفّ. وإنما سمّيت الكفّ لأن الإنسان يكفّ بها عن نفسه ما يكره، كما يتناول بها ما يحبّ، قال تعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ([7]).

وتحت الكفّ الأصابع، قال تعالى حكايةً عن نبيه نوح× وقومه المتمرّدين على دعوته: ﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا([8]).

وتسمى الأصابع أيضاً: الأنامل، قال تعالى عن تعامل المؤمنين مع المنافقين الذين يتظاهرون للمؤمنين بالإيمان: ﴿هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾، ولستم مثلهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ﴿وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا﴾ رياءً ونفاقاً منهم، ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ([9]).

يتبع…

الهوامش:

([1]) قال تعالى: ﴿إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ﴾ البقرة: 249.

([2]) القصص: 15.

([3]) نهج البلاغة / الكتاب: 44.

([4]) مناقب آل أبي طالب 2: 34، البداية والنهاية 8: 10.

([5]) شرح الأخبار 1: 427/ 65، كنز العمّال 13: 137/ 36433.

([6]) الكهف: 18.

([7]) الرعد: 14.

([8]) نوح: 7.

([9]) آل عمران: 119.

الكاتب الشيخ عبد الحميد المرهون

الشيخ عبد الحميد المرهون

مواضيع متعلقة