شرح دعاء كميل (57)
[حركات النطفة في الرّحم]
فاعلم أن النّطفة ـ كما نقل عن البقراط ـ إذا صبّت في الرّحم تصير كروية؛ لأنّها ماء، والماء شكله الطبيعي كروي؛ إذ كلّ بسيط ـ سواء كان فلكيّاً أو عنصرياً ـ شكله الطبيعي هو الكروي.
ثمّ تنضج([2]) بالتدريج، حتّى تطفو أجزاؤها اللطيفة من مركزها إلى محيطها، فتنقسم إلى طبقات أربع بعدد العناصر، فالذي هو غليظ في الغاية يبقى في المركز، وما هو لطيف في الغاية يطفو ويصير طبقة محيطة، وما غلظته غالبة تقرب إلى المركز، وما لطافته غالبة تقرب من المحيط، فما في المركز سوداء، وما في المحيط صفراء، وما يلي الصفراء دم، وما يلي السوداء بلغم.
فهذه وإن كانت طبائعها مختلفة، ولكن باعتبار كونها في حشو الرّحم ودم الطمث تحمرّ بالتدريج، فتصير علقة حمراء في أربعين يوماً.
وفي القدسي: «خمّرت طينة آدم بيديّ أربعين صاحباً»([3]).
| بصورت آدمي شد قطرهى آب | كل چل روزش قرار اندر رحم ماند([4]) |
وممّا يناسب هذا المقام: أنّ الله تعالى أخذ في تخمير طينة آدم عشر قبضات، قبضة واحدة من العناصر، وتسع قبضات من الأفلاك التسعة: مثل أنّ قبضته الفردانية والجاه أخذها من فلك الشمس، وقبضته المباغضة والعداوة أخذها من فلك المرّيخ، وقبضته المحبّة من فلك الزهرة، وقبضته السّعادة من فلك المشتري، وقبضته النحوسة من فلك زحل، وقِس عليه.
ودوّرها أربع دورات: دورة جمادية، ودورة نباتية، ودورة حيوانية، ودورة إنسانية، والكلّ أربعون.
دادت چهار دور چو اندر گِلت سرشت
يك قبضه از عناصر ونه قبضه ازفلك([5])
يتبع…
الهوامش:
([1]) لم نقف عليه، ولكن انظر: شرح الأسماء الحسنى 1: 262.
([2]) «نضج»: النون والضاد والجيم، أصلٌ يدلّ على بلوغ النهاية في طبخ الشيء، ثم يُستعار في كل شيءٍ بلغ مدى الإحكام. معجم مقاييس اللغة 5: 437، مادة «نضج».
([3]) تفسير المحيط الأعظم 1: 398. عوالي اللئالي 4: 98 / 138.
([4]) گلستان سعدي ـ الباب السابع في تأثير التربية ـ الحكاية 11.
