شرح دعاء كميل (56)
[أقسام النفس الأربعة]
ثم اعلم أنّ للنفس أربعة أقسام: نامية نباتية، وحسية حيوانية، وناطقة قدسية، وكلية إلهيّة.
روي: أنه سأل صاحب هذا الدّعاء ـ أعني كميل بن زياد ـ عن معلّمه و معلّم الأولّين والآخرين أمير المؤمنين×، قال: يا مولاي، اُريد أن تعرّفني نفسي. قال×: «أيّ الأنفس تريد أن اُعرّفك؟» قال: هل هي إلّا نفس واحدة؟ قال×: «إنّما النفس أربعة: النامية النباتية، والحسّية الحيوانية، والناطقة القدسية، والكلية الإلهيّة، ولكلّ واحدة من هذه خمس قوىً وخاصّيتان:
فالنامية النباتية لها خمس قوىً: ماسكة، وجاذبة، وهاضمة، ودافعة، ومربّية. وخاصّيتها الزيادة والنقصان، وانبعاثها من الكبد، وهي أشبه الأشياء بنفس الحيوان.
والحسّية الحيوانية لها خمس قوىً: سمع، وبصر، وذوق، وشمّ، ولمس. ولها خاصّيتان: الشهوة والغضب، وانبعاثها من القلب، وهي أشبه الأشياء بنفس السّباع.
والناطقة القدسية لها خمس قوىً: فكر، وذكر، وعلم، وحلم، ونباهة. وليس لها انبعاث، وهي أشبه الأشياء بنفس الملائكة، ولها خاصّيتان: النزاهة والحكمة.
والكلية الإلهيّة لها خمس قوىً: بقاء في فناء، ونعيم في شقاء، وعزّ في ذلّ، وصبر في بلاء. ولها خاصّيتان: الرضاء والتّسليم. وهذه هي التي مبدؤها من الله وإليه تعود؛ لقوله تعالىك ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا﴾([1])، وأمّا عَودها فلقوله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ ﴾([2]).
والعقل وسط الكلّ، لكي لا يقول أحدكم شيئاً إلّا لقياس معقول»([3]).
أقول: تحقيق معنى قوله× في النفس النباتية: «وانبعاثها من الكبد»، وفي الحسّية الحيوانية: «انبعاثها من القلب»، يبتني على طول كلام في حركات النطفة، واستكمالاتها في الرّحم إذا وقعت فيها.
يتبع…
الهوامش:
([3]) بحار الأنوار 58: 84. وفيه: « أقول : وقد روى بعض الصوفية في كتبهم عن كميل بن زياد» وذكر الخبر.