شرح دعاء كميل (49)
﴿اللَّهُمَّ مَولايَ كَمْ مِنْ قَبيحٍ سَتَرْتَهُ وكَم مِنْ فادِحٍ مِنَ البَلاءٍ اَقَلتَهُ﴾
قد جاء «مولى» لمعان كثيرة، منها: السيّد، والناصر، والنصير. والأنسب هاهنا هو الأول.
وكلمة «كم» خبريّة في الموضعين، وهي اسم ناقص مُبهم مبنيّ على السكون، وله موضعان: الاستفهام، والخبر. تقول إذا استفهمت: كم رجُلاً عندك؟ بنصب ما بعده على التمييز، وإذا أخبرت تقول: كم درهم أنفقت؟ تريد التكثير.
ويخفض ما بعده كما يخفض بـ«رُبّ»، إلّا أنّه للتكثير و«ربّ» للتقليل، وإن شئت نصبت.
الفادح: الأمر الذي يثقل، والجمع: الفوادح.
الإقالة ـ هنا ـ بمعنى: العفو والترك والمسامحة، وفي الحديث: «من أقال نادماًَ، أقاله الله من نار جهنم»([1]).
ومنه: «أقاله الله عثرته»([2]) أي خطيئة.
ومنه قول الشّاعر:
فقلت يقال المستجير بارضكم أوّله هذا: اقول لظبي مرّ بي وهو راتع فقلت أفي ظلّ الأراكة بالحمى |
اذا ما جنى ذنباً فقال يقال
أأنت أخو ليلى فقال يقال |
|
الأول من «القول» مضارع مجهول، والثاني من «الإقالة» بمعنى: الاستراحة والنوم في منتصف النهار، والثالث أيضاً من «الإقالة» بمعنى: المسامحة والعفو والمغفرة.
فقول السائل: «كَمْ مِنْ قَبِيحٍ» أي كم من فعل قبيح صدر عنّي في خلواتي وجلواتي سترتها بذيل عفوك ورحمتك، وكم من أمر فادحٍ من البلاء والابتلاء الذي أثقلني وأتعبني حمله، أنت تجاوزت وكشفته عنّي بفضلك ورأفتك.
يتبع…
الهوامش:
([1]) النهاية في غريب الحديث والأثر 4: 134. مجمع البحرين 5: 459. مادة «قيل».
([2]) انظر: الكافي 5: 153 / 16. من لا يحضره الفقيه 3: 196 / 3738.
([3]) القائل هو مجنون بني عامر. يتيمة الدهر 5: 145. الوافي بالوفيات 2: 37.