شرح دعاء الصباح 50
﴿أم كَيفَ تَرُدُّ ظَمآناً ورَدَ إلى حِياضِكَ شارِباً﴾
«الظمآن» كالظمي: صفة مشبّهة من «ظمَأ» ـ كفَرَح ـ أي عطش أو أشدّ العطش. و«الحياض»: جمع الحوض. «شارباً» أي مريداً للشّرب، لا يتوقّع التصرّف فيها أزيد من ذلك؛ تأدبّاً، وإلّا فأنت صاحب طَمْطام الجود، وباذل قمقام الوجود. وقد قيل في مخلوق منك:
وَلَو لم يَكَنُ في كَفّهِ غَيرُ نَفسِهِ |
لَجادَ بِها فَليتَّقِ الله سائلُهُ([1]) |
وقد قلتَ في قتيل سيفك المبارك: «أنا دِيَتُهُ»([2])، فلا تزيدك كثرة العطاء إلّا جوداً وكرماً، فلو كان للوارد ظرفيّة ملّكتَه حياضَك، بل أوْصَلْتَه رضوانَك ولقاءك، فضلاً عن رياضك. والتّعبير عن الإرادة بالفعل باب واسع كقوله تعالى: ﴿وَإذا قُمتُم اِلَى الصَّلوةِ فأَغسِلُوا وَجُوهَكُم﴾([3]).
يتبع…
الهوامش:
([1]) البيت لأبي تمام يمدح به المعتصم مغالياً. نهاية الإرب في فنون الأدب: 308، ربيع الأبرار 1: 382، وذكر أنه في مدح كعب. ونسبته بعض المصادر إلى غير المادح في غير الممدوحين، انظر: طبقات الشعراء: 348، زهر الآداب وثمر الألباب: 241، وغيرهما.