شرح دعاء كميل (40)

img

﴿وَجَرَت قُدْرَتُكَ﴾

[ما قيل في معنى قدرته]

القدرة عند المتكلّمين([1]): صحّة صدُور الفعل والترك. وعند الحكماء هذا التعريف مخصوص بقدرة الحيوان؛ إذ الصّحة إمكان، والإمكان ذاتياً كان أو وقوعيّاً لا يليق بجناب الواجب الوجود بالذات الذي هو واجب الوجود من جميع الجهات، بل هم قالوا في تعريف القدرة([2]): كون الفاعل بحيث إن شاء فعل، وإن لم يشأ لم يفعل، ولكنّه تعالى شاء وفعل، وصدق الشرطيّة ـ كما قرّر في محلّها ـ لا ينافي وجوب المقدّم ولا امتناعه، فإنّها تتألّف من صادقين ومن كاذبين، ومن صادق وكاذب.

فالمعتبر في القدرة ـ كما قالوا ـ مقارنة الفعل للعلم والمشيئة، ولا يعتبر حدُوث الفعل فيها ولا ينافي دوامه معها. وقدم العالم باطل، وحُدوثه واقع بدليل آخر؛ لأنّ القدرة استدعت ذلك، فإنّ العقول كلّها صادرة عن الله تعالى بالقدرة والاختيار، مع أنّها دائمة بدوام الله.

وبالجملة: فقدرته تعالى في مقام ذاته عين ذاته، وذاته كلّها قدرة واختيار وإرادة وعلم ومشيئة. وفي مقام فعله أيضاً عين فعله؛ إذ كما أنّه فعل الله كذلك هو قدرة الله. وفي العقول: جواهر مفارقة عن المواد، ذاتاً وفعلاً؛ لأنّها فيها نفس وجوداتها. وفينا: القدرة كيفيّة نفسانيّة. فجرت قدرته تعالى بإخراج الممكنات من الليس إلى الأيس، واكتساء المواد بألبسة الصّور، ونفخ الأرواح في الأبدان، وإماتة النفوس، وإحياء الموتى، وإيصال النفوس إلى الغايات في الإستكمال، وأرزاق الخلائق، وإعطاء المسألات، وإرسال الرسُل، وإنزال الكتب، وبالجملة:

كمترين كاريش هر روزست آن
لشكرى ز اصلاب سوى امهات
لشكرى ز ارحام سوى خاكدان
لشكرى از خاك زان سوى اجل
كاو سه لشكر را كند اين سو روان
بهر آن تا در رحم رويد نبات
تا ز نر و ماده پر گردد جهان
تا بيند هر كسى حسن عمل([3])

يتبع…

 الهوامش:

([1]) كشف المراد: 354. شرح المواقف 8: 84. النافع يوم الحشر: 32.

([2]) انظر: اثنا عشر رسالة (للمحقق الداماد) 5: 14. رياض السالكين 1: 260. شرح الأسماء الحسنى 1: 45.

([3]) مثنوي معنوي: 126.

الكاتب المولى عبد الأعلى السبزواري

المولى عبد الأعلى السبزواري

مواضيع متعلقة