شرح دعاء الصباح 46
﴿وأقِلْني اللهمَّ صَرْعَةَ رَدائي﴾
«أقلني»، أي تجاوز عنّي. و«الصَّرعَة»: الطرّح على الأرض. فسقوط الرّداء ـ حيث إنّ الرّداء ممّا به تجمّل الرّجل ـ كناية عن نقص تجمّل النفس الناطقة بالعفّة والشّجاعة والحكمة([1]).
إن قلتَ: «صَرعة» ـ بالفتح ـ للمرّة([2])، ولا يناسب مقام الاستغاثة، فالصّرع أنسب، وبعده الصِّرعة ـ بالكسر ـ لأنّها للنّوع، كما في المَثَل: «سوء الاستمساك خير من حسن الصِّرعة»([3]).
قلتُ:
أوَلاً: لعلّه من بناء أصل المصدر، كـ«الرّحمة»، ولا ينافيه «الصّرع» كالرّحْم.
وثانياً: أنّه لِمَ قلتم: إن المرّة لا تناسب المقام؟ إذ يجوز أن يعترف بكثرة المعاصي، ويكون سقوط رداء التجمّل الباطني للنّفس الناطقة بعد الإصرار والتكرار البليغين مرّة واحدة؛ لمكان حلمه تعالى وأناته. وربّما يصدر عن الإنسان جمّ غفير من العصيان، ولا يخلو قلبه بعدُ عن وميض يحيا به، ولا سيّما في الصغائر، أو الكبائر مع التوبات المنقوضة. وفي بعض النّسخ زيادة كلمة «مِنْ» قبل «الصرعة»، و«دائي» بدل «ردائي»؛ وحينئذ فالصّرعة هي العلّة المعروفة، والمعنى: خلِّصْني من مَرَضي المعنوي الذي كالصّرع.
يتبع…
الهوامش:
([1]) هذه أجزاء العدالة؛ فانّ العدالة عند الخواصّ هي مركبّة من هذه. وقد تربَّع بازدياد السّخاوة، وقد تثلّث كما في «الشّفاء» لأنّ السخاوة مندرجة في الشجاعة إذ البخيل جبان ويحذر من فوات المال، والفقر في المال. منه.
([2]) أي مصدر المرّة، وليس هو بالكسر فيكون للهيئة التي هي أعمّ من الأوّل.
([3]) الإمتاع والمؤانسة: 200، العقد الفريد 1: 287، جمهرة الأمثال 1: 121، 125. شرح اُصول الكافي 11: 161، بحار الأنوار 84: 349، ترتيب إصلاح المنطق: 223 ـ الصرعة، الصحاح 3: 1243 ـ صرع.