الصحابي الجليل مصعب بن عمير

img

مصعب بن عمر رضوان الله عليه يعتبر من الرعيل الأول من رجالات الإسلام، والبناة القدامى للدين الحنيف، وإنه من الصفوة التي لا يجود دائماً بمثلها الزمن، وهو في طليعة المعنين بقوله جل جلاله: (وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء: 95).

في سطور:

  • أبوه: عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدري، القرشي.
  • كان فتى مكة شباباً وجمالاً وتيهاً.
  • من السابقين في الإسلام.
  • كنيته: أبو محمد.
  • لقبه: مصعب الخير.
  • هاجر إلى الحبشة.
  • أرسله النبي ‘ إلى المدينة معلماً ومرشداً، فأسلم على يديه خلق كثير.
  • جاء مع وفد الأنصار السبعين الذين حضروا العقبة الثانية.
  • شهد مع النبي ‘ بدراً.
  • أعطاه الرسول ‘ اللواء يوم أحد، فقطعت يده اليمني، فحمله باليسرى، فقطعت اليسري، فحنى عليه حتى استشهد &.
  • وقف النبي ‘ على مصرعه، وأبنه.

 

داعي الحق

وبعد اللقاء الذي تمّ بين الرسول الأعظم ‘ ووفد أهل يثرب الاثني عشر عند العقبة، وبعد رجوعهم أخذ الإسلام ينتشر بعض الشيء في يثرب، فكتبوا إلى الرسول ‘ يطلبون منه أن يرسل رجلاً يفقههم في الدين، ويعلمهم القرآن.

قال ابن شهاب: لما بايع أهل العقبة رسول الله ‘، ورجعوا إلى قومهم فدعوهم إلى الإسلام سراً، وتلوا عليهم القرآن، وبعثوا إلى رسول الله ‘ معاذ بن عفراء، ورافع بن مالك: أن ابعث إلينا رجلاً من قبلك فليدع الناس بكتاب الله قمن أن يتبع.

فبعث إليهم رسول الله ‘ مصعب بن عمير، فلم يزل يدعوهم آمناً، ويهدي الله تعالى على يديه، حتى قلّ وجود دار من دور الانصار إلا وقد أسلم أشرافهم، فأسلم عمرو بن الجموح، وكسرت أصنامهم، وكان المسلمون أعزّ أهل المدينة.

وأخذ مصعب بعد إحراز هذا النصر العظيم يخطط لاستقبال الرسول الأعظم ‘، ويهيء للعاصمة الجديدة.

فعن محمد بن سعد: ثم خرج مصعب بن عمير من المدينة مع السبعين الذين وافوا رسول الله ‘ من العقبة الثانية من حاج الأوس والخزرج، ورافق اسعد بن زرارة في سفر ذلك، فقدم مكة فجاء منزل رسول الله ‘ ولم يقرب منزله، فجعل يخبر رسول الله ‘ عن الأنصار وسرعتهم إلى الإسلام واستبطائهم رسول الله ‘ فسر رسول الله ‘ بكل ما أخبره. وبلغ أمه أنه قد قدم فأرسلت إليه: يا عاق أتقدم بلداً أنا فيه لا تبدأني؟ فقال: ما كنت لآبدأ بأحد قبل رسول الله ‘. فلما سلّم على رسول الله ‘، وأخبره بما أخبره ذهب إلى أمه فقالت: إنك لعلى ما أنت عليه من الصبأة بعد. قال: أنا على دين رسول الله ‘، وهو الإسلام الذي رضي الله لنفسه ولرسوله. قالت: ما شكرت ما رأيتك، مرية بأرض الحبشة، ومرة بيثرب. فقال: أفرّ بديني أن تفتنوني. فأرادت حبسه فقال: لئن أنت حبستني لأحرض على قتل من يتعرض لي. قالت: فأذهب لشأنك، وجعلت تبكي. فقال مصعب: يا أماه إني لك ناصح، عليك شفيق، فاشهدي أنه لا إلة إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله. قالت: والثواقب لا أدخل في دينك فُيزرى برأيي، ويضعف عقلي، ولكني أدعك وما أنت عليه وأقيم على ديني. وأقام مصعب بن عمير مع النبي ‘ بمكة بقية ذي الحجة ومحرم وصفر، وقدم قبل رسول الله ‘ إلى المدينة مهاجراً لهلال شهر ربيع الأول قبل مقدم رسول الله ‘ باثني عشرة ليلة.

مكانته

مرّ عليك أن الرسول الأعظم ‘ أرسل مصعب بن عمير رضوان الله عليه إلى المدينة معلماً ومرشداً، وناهيك بها من مرتبة عظيمة، ومنزلة سامية، تدل على عظيم منزلة هذا الرجل، وسمو مقامه، وما يتمتع به من ثقة صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه.

وقرأت أيضاً النجاح الباهر الذي أحرزه هذا السفير، ودخول الأوس والخزرج أفواجاً في الإسلام.

وأقرأ له الآن فضيلة أخرى: فقد كتب إليه الرسول ‘ أن يقيم الجمعة في المدينة لما فشا فيها الإسلام، وعلت كلمة التوحيد، وأصبح الظرف مواتياً لذلك.

ذكر السهيلي رسالة الرسول ‘ لمصعب، جاء فيها: فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة، فتقربوا إلى الله بركعتين.

وقال: فأوّل من جمع مصعب بن عمير، حتى قدم رسول الله ‘ المدينة، فجمع عند الزوال من الظهر، وأظهر ذلك.

وذكره ابن شهاب فقال: وكان أول من جمع الجمعة بالمدينة بالمسلمين قبل أن يقدمها رسول الله ‘.

إيمان وأدب

وكان حياة هذا الشهيد تشع بنفحات الإيمان والأدب، فقد كان رضوان الله عليه مثال المسلم المستقيم، المتأدب بآداب الإسلام، وفيه يقول عامر بن ربيعة: فلم أر رجلاً قط كان أحسن خلقاً، ولا أقل خلافاً منه.

كلمات العلماء والعظماء

إن مقام هذا الرجل العظيم أجل من يطريه مادح، ويشيد به كاتب، ويرفعه شاعر، وما قيمة هذا وشبهه لرجل ترك دنيا رغيدة، مختاراً عليها حياة كفاح وجهاد، متباعداً عن الأهل، مكابداً آلام الغربة، معانياً شدة الفقر، كل هذا وغيره من أجل رفع راية الإسلام خفاقة. فمقامه يسمو عن الإطراء، ومنزلته تفوق مدحة المادحين، ولكنا تعودنا في كتابتنا عن المعصومين وأبنائهم وأنصارهم أن نذكر مثل هذا الثناء.

  1. قال عامر بن ربيعة: كان مصعب بن عمير لي خدناً وصاحباً منذ يوم أسلم إلى أن قتل & بأحد، خرج معنا إلى الهجرتين جميعاً بأرض الحبشة، وكان رفيقي من بين القوم، فلم أر رجلاً قط كان أحسن خلقاً، ولا أقل خلافاً منه.
  2. قال سعد بن أبي وقاص: كان مصعب بن عمير انعم غلام بمكة، واجوده حلة، مع أبويه، ثم لقد رأيته جهد في الإسلام جهداً شديداً حتى لقد رأيت جلده يتحشف كما يتحشف جلد الحية.
  3. قال الواقدي: كان مصعب بن عمير فتى مكة شباباً وجمالاً.
  4. قال البلاذري: مصعب الخير، ابن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، هاجر إلى الحبشة في المرة الأولى والثانية جميعاً، ثم قدم مكة فهاجر منها إلى المدينة.
  5. قال الحاكم النيسابوري: مصعب الخير، هو ابن عمير، هو المقري الذي بعثه رسول الله ‘ إلى الأنصار يقرئهم القرآن بالمدينة قبل قدوم رسول الله ‘، فأسلم معه خلق كثير، وشهد بدراً.
  6. قال ابن عبد البر: كان من جلة الصحابة وفضلائهم.

خاتمة المطاف

تبقى حياة هذا العظيم الخالدة مشعلاً منيراً للسالكين طريق الهدى والصلاح، والسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.

والحمد لله رب العالمين

الكاتب تهاني العبد الله

تهاني العبد الله

مواضيع متعلقة