شرح دعاء الصباح 41

img

﴿وَتَبَاً لَها لِجُرأتِها عَلى سَيِّدِها وَمَولاها﴾

«تَبّاً لَها» أي خَساراً لها، وهَلاكاً ومَلعَنةً لها؛ لأنّ كلّ عبد يجسر على مولاه مستحقّ للملعنة؛ لأنّ العبد كَلٌّ على مولاه الّذي هو وليّ النّعمة له، ولا يملك شيئاً؛ فحقّه عظيم لديه، ومَنُّه جسيم عليه. ولا يملك المولى وجودَه وتوابع وجودِه، ولا يتصرّف في باله، إنّما له المالكيّة الإضافيّة الّتي من مقولة الإضافة الاعتباريّة، وله التصرّف في اُمور غريبة عنه؛ وأمّا السيّد الحقيقي والمولى التحقيقي جلّ سُلطانه، فهو مالُك مُلك الوجود وكمالاته وآثاره، وفي قبضته ضمائر عبيده، وإضافته إليهم إضافة إشراقيّة تقويمّية، وهم لا يملكون عنده وجوداً ولا صفةً ولا فعلاً. ففي المقام الأوّل([1]): لا هو إلّا هو، وفي الثّاني: لا إله إلّا الله، وفي الثالث: لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.

فتبّاً فظيعاً لمجترئ على هذا السيّد، وتعساً شنيعاً لجسور على هذا المولى؛ لأنّ ذات هذا العبد وكمالَهُ الأوّل وكمالَه الثّاني وغُنيَته وقُنَيته من هذا المولى الكبير، نعم المولى ونعم النّصير. وهذه «العبوديّة» هي الّتي كانت «جوهرةً كنهُها الرّبوبيّة»، وأقصى مراتبها الّتي لختم الأنبياء قدّمت في التشهدّ على الرّسالة. ومن كلمات مشايخ العرفاء: «إذا جاوز الشيء حدّه انعكس ضدّه»([2]).

يتبع…

الهوامش:

([1]) تطبيق الأذكار الثلاثة على المقامات الثّلاث أنّ الهويّة هي التشخّص وهو منع الصّدق على الكثرة، والتشخّص هو الوجود؛ لأنّ كل ماهيّة أمرٌ مبهمٌ بذاتها دائر بين الكليّة والجزئيّة، ثمّ بين هذا الفرد وذاك وذلك. ولا يُرفَعُ إبهامُها بانضمام ماهية اُخرى ـ من كمّ أو كيف أو وضع أو غيرها ـ إليها؛ لأنّ ضمّ كلّي طبيعيّ إلى كلي طبيعي لا يفيد التشخُّصَ فضلاً عن ضمّ كليّ عقلي إليها، إلاّ أن يعتبر الوجود الحقيقيّ معها. وكلّ مرتبة من الوجود الحقيقي كما أنها حيثيّة طرد العدم، كذلك حيثيّة طرد الشّركة، ومنع الصّدق على الكثرة. والوجود مطلقاً راجعٌ إلى الله؛ لأنّ حقيقة الوجود ذاته وظهوره. والجاعل هو الوجود ومجعوله الوجود.

وعند بعض الحكماء: التشخّص بالفاعل؛ لأنّه مقوّم كل وجود. وعند بعضهم: بالانتساب إليه، فكما أنّ الوجود راجع إليه ـ كما نقلنا عن التّقديسات: أنّ الوجود عاد إلى صقع الله، ولا وجود حقيقيّ في الحقيقة إلّا وجوده ـ كذلك لا هويّة إلاّ هويّته. وقد جعل هذه الكلمة الطّيّبة فاتحة كتاب التقديسات.

ولمّا كان «الله» اسماً للذات المستجمعة لجميع الصّفات الجماليّة والجلاليّة، ناسب الثّاني للثّاني، وهو توحيد الصفة. ولمّا كان «الحول» معناه الحركة، «والقوة» مبدأ التأثير والتغيير وتشمل الملكات المسبّبة عن الحركات والأفعال، ناسب الثّالث للثالث، وهو توحيد الأفعال. منه.

([2]) مرآة العقول 12: 150، وقد نسبه إلى أبي حامد الغزالي.

الكاتب الملا هادي السبزواري

الملا هادي السبزواري

مواضيع متعلقة