شرح دعاء كميل (37)
﴿وَخَفِيَ مَكْرُك﴾
الخفية: الاستتار، خفي مكره: أي استتر.
المكر من الخَلق: خدعة وخبّ، ومن الله: مجازاة، كما قال الله تعالى: ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾([1]).
[ما قيل في معنى المكر و التّردد من الله تعالى]
وقيل([2]): مكره تعالى: استدراج العبد الماكر من حيث لا يعلم.
وقيل([3]): مكره: إرداف النعم مع المخالفة، وإبقاء الحال مع سوُء الأدب، وإظهار خوارق العادات التي من قبيل الإستدراجات.
وقيل([4]): إنّ المكر والغضب والحياء والخدعة والتردّد وسائر صفات المخلوقين إذا اُسندت إليه تعالى يراد منها الغايات لا المبادئ، مثلاً قوله تعالى في الحديث القدسي: «ما تردّدت في شيء أنا فاعله كتردّدي في قبض روح عبدي المؤمن، إنّني لأحبُّ لقاءه ويكره الموت فأصرفه عنه»([5]).
فالمراد من معنى التردّد في هذا الحديث: إزالة كراهة الموت عنه، وهذه الحالة تقدّمها أحوال كثيرة من مرض وهرم وزمانة وفاقة وشدّة بلاء تهوّن على العبد مفارقة الدنيا، ويقطع عنها علاقته، حتى إذا يئس منها تحقّق رجاؤه بما عند الله، فاشتاق إلى دار الكرامة، فأخذ المؤمن عمّا تشبّث به من أسباب الدنيا وحبّها شيئاً فشيئاً بالأسباب المذكورة، مضاهي فعل التردّد من حيث الصّفة، فعبّر تعالى به.
يتبع…
الهوامش:
([2]) معالم التنزيل (البغوي) 1: 307، وليس فيه: (الماكر).
([4]) انظر: مجمع البحرين 3: 48.
([5]) انظر: المحاسن 1: 159 ـ 160 / 99 و 100. الكافي 2: 246، باب الرضا بموهبة الإيمان، ح6. فيهما: بإختلاف.