شرح دعاء كميل (34)
﴿وَعَظُمَ فيمَا عِندَكَ رَغبَتُهُ﴾
معطوفة على ما قبلها، كما مرّ.
الرّغبة: تارةً تُستعمل مع «في»، وهي بمعنى: ميل النفس، كما هاهنا. وتارةً تُستعمل مع «عن»، وهي بمعنى: الزهد وعدم الميل، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ﴾([1])، وقوله‘: «ومن رغب عن سنّتي فليس منّي»([2]). والهاء فيها لتأنيث المصدر.
وفي الحديث: «لا تجتمع الرّغبة والرّهبة في قلب إلّا وجبت له الجنّة»([3]).
والرغبة: هي السؤال والطلب عن الله تعالى، والرهبة: هي الخوف منه تعالى. والرغبة في الدّعاء هي أن تستقبل ببطن كفيّك إلى السّماء، وتستقبل بهما وجهك.
فاعلم أنّ جميع المتعاقبات في سلسلة الزمان من الجواهر والأعراض مجتمعات في وعاء الدهر، وجميع ما في الدهور الأربعة منطويات في السّرمد، فجملة الموجودات ثابتة باقية بنحو كمالاتها عنده تعالى، كما قال: ﴿مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ﴾([4]).
فالطّالب ينبغي أن يلتمس منه تعالى جميع حوائجه وجملة مآربه ومطالبه ولو كان ملح طعامه وبلاغة كلامه، كما قيل:
كان السّؤال للعبيد ديدنا قال لموسى عنّي اسأل ملحكا رفع اليدين كِدية ثمّ الحذا |
طول الخطاب للحبيب استحسنا وهكذا سلني شراك نعلكا للوجه ايماء للاستحياء خذا([5]) |
يتبع…
الهوامش:
([3]) من لا يحضره الفقيه 1: 209/ 632. وسائل الشيعة 5: 477، أبواب أفعال الصلاة، ب3، ح7106.