أمراض الشتاء

أخصائي أطفال بمستشفى القطيف المركزي
بحلول فصل الشتاء يستعد الناس لمواجهة بردة القارس، ويبدأ الكثير منهم بالتفكير فيما يحمل الشتاء لهم من أمراض مختلفة، وخصوصا بالنسبة لأطفالهم، وما تتطلبه هذه الأمراض ـ عند الإصابة بها ـ من رعاية صحية تستلزم صرف قسط من الوقت أو بذل جزء من المال لمن يرغبون في تلقي العلاج في المستشفيات الخاصة.
ففصل الشتاء إذا يعد مصدر قلق لبعض الناس؛ لذلك تراهم يهرعون في كل صغيرة وكبيرة لزيارة الطبيب وتشكيل طابور طويل للاطمئنان فقط على وضعهم ووضع أطفالهم الصحي أو تلقي العلاج الذي قد يصرف نتيجة الضغط المباشر على الطبيب من قبل المريض أو من قبل والديه.
وحيث أننا في الوقت الحاضر نعيش تحت وطأة فصل الشتاء؛ لهذا فالحديث عن أكثر الأمراض شيوعاً فيه يكون مستحسنا لدى كثير من القراء، وذلك لما للشتاء من تأثير على صحة الإنسان من جلده إلى خلده، ومن ظاهره إلى باطنه، فيبدأ من جفاف الجلد إلى اكتئاب النفس. وسوف نتناول في هذه العجالة وبصورة مختصرة بعض الأمراض الشائعة وخصوصا بالنسبة للأطفال.
- الزكام:
وهو احتقان يصيب الأغشية المخاطية للأنف مما يسبب زيادة الإفراز للمادة المخاطية السائلة.
ويعزى سبب الإصابة بالزكام إلى أكثر من 200 فيروس مما يجعل تكون المناعة ضدها يتطلب عمراً مديداً للإنسان. وتنتقل هذه الفيروسات عن طريق الرذاذ. كما يعتبر الأطفال هم الأكثر نسبة للإصابة بالزكام. ويصاحب الزكام أعراض أخرى تتفاوت شدتها تبعاً لحدة الالتهاب كالعطاس، والتهيج الأنفي، والتهاب الحلق، والسعال ليلاً، وحمى خفيفة، وفقدان الشهية، وتهيج العينين، وصداع.
كما تزول هذه الأعراض في غضون سبعة أيام دون حاجة إلى علاج في أغلب الأحيان.
- التهاب الحلق والتهاب اللوزتين:
هما من أكثر التهابات الجهاز التنفسي شيوعا وتزداد نسبة الإصابة بهما وبشكل واضح فيما بعد عمر السنة لتستمر طيلة فترة الطفولة المتأخرة وحياة الكهولة. والتهاب الحلق والتهاب اللوزتين هما مرضان فيروسيان في الأعم الأغلب؛ إلا أنه يمكن لبعض البكتيريا أن تسببهما. وتنتقل هذه الجراثيم عن طريق الرذاذ.
وتشابه أعراض التهاب الحلق والتهاب اللوزتين فيما بينهما كما تتداخل الأعراض. وعلاجات الفحص السريري لهما ليصبح من الصعب التمييز فيما سببه فيروسي أم بكتيري.
إلا أن المظهر العام للمريض وصورة الحلق واللوزتين يساعدان الطبيب على التشخيص. وتشمل الأعراض عادة الحمى واحتقان الحلق، وتضخم اللوزتين واحمرارهما ووجود تقيح فوقهما، وصعوبة البلع، وفقدان الشهية، والصداع. وتزول الأعراض الناتجة من الالتهابات الفيروسية خلال يوم واحد إلى خمسة أيام حتى من دون علاج. أما الأعراض التي يكون سببها التهابا بكتيريا فإنه يجب على المريض تناول المضاد الحيوي لمدة 10 أيام كاملة ليتم القضاء على البكتيريا بشكل تام وتزول خطورة تأثر القلب والكلي الناتج عنها.
- الأنفلونزا:
هو مرض فيروسي يصيب الجزء العلوي من الجهاز التنفسي وتظهر أعراضه سريعاً وبشكل مفاجئ. وتكون الأعراض عادة على شكل حمى شديدة مصحوبة بقشعريرة، وزكام، وسعال جاف، والتهاب الحلق، وفقدان الشهية، وصداع، وآلام عضلية وأحياناً إسهال وتقيؤ، وهذه الأعراض عادة ما تزول خلال 48 ـ 72 ساعة حتى من غير علاج. ويوجد لقاح (تطعيم) خاص للوقاية من هذا المرض وعقاقير تدعم فعالية هذا اللقاح وتساهم في تقليل حدة الأعراض وتقصير مدة المرض. ويحتاج المريض أثناء فترة المرض إلى الراحة والإكثار من شرب السوائل وتناول مخفضات الحرارة.
- الخناق:
وهوالتهاب فيروسي يصيب الحنجرة والرغامي والقصبات الهوائية مما يؤدي إلى انسدادها بسبب حدوث وذمة (وهي احتقان وتورم) فيها.
وأكثر المصابين هم ما بين 3 أشهر و 5 سنوات من العمر.
ويسبق المرض ـ عادة ـ بأيام التهاب تنفسي علوي بسيط كالزكام. وتبدأ بعد ذلك الأعراض بسعال خفيف ذو نغم نحاسي وصرير يزدادان في الشدة مع تطور المرض والهياج والبكاء، ويصاحبهما صعوبة في التنفس تستاء كلما امتد الالتهاب من الأعلى نازلاً إلى القصبات.
وقد يصاب المريض بحمى بسيطة، وتزداد الأعراض ليلاً بشكل ملحوظ. وتكون الأعراض أقل حدة كلما تقدم عمر الطفل.
ويستخدم البخار في علاج الخناق عن طريق جهاز يصدر البخار أو البخار البارد الصادر من جهاز رذاذ، كما يمكن استخدام البخار في حمام معلق فيما إذا كانت الأعراض بسيطة.
وإذا كانت الصعوبة في التنفس عند الطفل متوسطة أو شديدة الحدة، فيجب أخذه للمستشفى.
- التهاب القصيبات الهوائية:
هو التهاب فيروسي ـ في الغالب ـ حاد يصيب القصيبات الهوائية في المجاري التنفسية السفلى وينتج عنه حدوث وذمة وانسداد في مجرى الهواء. ويصيب هذا المرض الأطفال ما دون عمر السنتين، وأكثر ما يحدث للأطفال الذكور بين عمر 3 ـ 6 أشهر.
وتبدأ الأعراض عادة بالتهاب تنفسي علوي بسيط يستمر عدة أيام وترتفع بعدها حرارة جسم الرضيع مع حدوث سعال وصعوبة في التنفس تزداد سوءا مع تطور المرض.
كما يعاني الطفل من قلة الرضاعة. وتزول هذه الأعراض خلال 1 ـ 3 أيام تبعا لشدة المرض. ويكون العلاج باستخدام البخار كما ذكر في علاج الخناق.
وإذا كانت الأعراض متوسطة أو شديدة الحدة فيجب أخذ الطفل إلى المستشفى.
- النزلة المعوية:
وتحدث عادة بسبب التهاب معوي فيروسي ينتج عنه الإصابة بالإسهال او التقيؤ وألم في البطن مع حمى في بعض الأحيان، ولكن يعتبر الجفاف أهم عرض.
وتنتقل العدوى عن طريق تناول أطعمة لشخص مصاب وملوثة بالجراثيم.
وتتحسن أعراض النزلة المعوية عموماً لوحدها.
ومن المهم بالنسبة للمريض أن يستعيض ما فقده من سوائل عن طريق شرب محلول الإرواء (ORS) وأن يعود الطفل للرضاعة الطبيعية متى أمكن ذلك. وقد يحتاج المريض للإرواء عن طريق المغذي بالوريد خصوصاً إذا كان عدد مرات التقيؤ كثيرة أو أصيب المريض بجفاف شديد.
كيف يمكن الاستعداد لأمراض الشتاء؟
تكاد الإصابة بأحد أمراض الشتاء أو بعضها أمراً حتمياً لذا ينبغي على المريض (إذا كان بالغاً) أو والديه (إذا كان طفلاً) تقبل هذا الأمر والتعايش معه.
ثم إن عليه أو على والديه أن يمارسوا إستراتيجية منع انتشار المرض إلى الآخرين وذلك باستعمال المناديل الصحية ورميها في الأماكن المخصصة، وغسل اليدين الملوثتين بالإفرازات التنفسية أو بالبراز.
كما ينصح بأخذ اللقاحات المتوفرة خصوصاً لبعض الحالات التي تشكل إصابتهم ببعض الأمراض خطورة على صحتهم أو حياتهم مثل مرضى فقر الدم المنجلية والربو وبعض أمراض القلب وأمراض الكلي وداء السكري.
وأن يتوفر في صيدلية المنزل دواء خافض للحرارة مثل الفيفادول ومحلول الإرواء.
كما يوصى بعدم أخذ المضاد الحيوي من دون استشارة الطبيب إضافة لذلك فإنه ينبغي الإتقاء من البرد بشرب السوائل الساخنة وارتداء الملابس الدافئة.
متمنين للجميع الصحة والعافية وشتاء دافئ وجميل.