السجود ـ القسم الأول
قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ﴾ الحج (18)
السجود:
يعتبر السجود ركناً من أركان الصلاة حيث يجب على المكلف السجود في كل ركعة مرتين، وتبطل الصلاة بنقصانهما عمداً أو سهواً. كما أنه لابد في السجود أن لا يكون لغير الله سبحانه وتعالى، إلا بأمره كما في سجود الملائكة لآدم ×، ومثل هذا السجود هو في حقيقة الأمر امتثال لأوامر الله عزوجل وطاعة له.
والسجود هو عبارة عن تذلل وتواضع أمام الله عزوجل، حيث يبقى كل ما في الكون حقيراً وصغيراً أمام عظمة الله سبحانه وتعالى، ساجداً في ساحة عظمته وعزته وكبريائه: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ﴾الحج (18)
والسجود هو عبارة عن تسبيح وتنزيه الله سبحانه وتعالى من كل عيب وضعف ونقص، ومن كل خصيصة بشرية، ويعتبر السجود من أعلى درجات العبودية والطاعة، لذا فمن الواجب أن يؤدي العبد هذا العمل بقلبٍ ونفسٍ منكسرة.
وفي السجود أدب جسماني ونفساني، أما الأدب الجسماني فقد قال أمير المؤمنين ×: (السجود الجسماني هو وضع عتائق الوجوه على التراب، واستقبال الأرض بالراحتين والكفين وأطراف الخدين من خشوع القلب وإخلاص النية. والسجود النفساني هو فراغ القلب من النفايات والإقبال بكنه المهمة على الباقيات، وخلع الكبر والحمية وقطع العلائق الدنيوية، والتحلي بالخلائق النبوية).
فلسفة السجود:
سئل الإمام على × عن معني السجود؟ فقال ×: (السجدة الأولى معناها “اللهم منها خلقتني” يعني من تراب، ورفع الرأس من السجود معناه: “منها أخرجتني”، أي من التراب، والسجدة الثانية: “إليها تعيدني”، ورفع رأسك من السجدة الثانية: “ومنها تخرجني تارة آخرى”)
هذا يعني أن الإنسان من تراب ثم يعود فيه، ثم يبعث منه فالمصلي الساجد لله يتمثل له المعاد الذي إليه يصير في كل ركعة مرتين، فمن وقف على سر الصلاة وعرفها فيترآي له أنه وقف عند موقف القيامة ويراها أنها قد قامت.
وأما السجود عند أهل المعرفة والسير والسلوك الذي هو وضع الرأس على التراب فهو إشارة إلى رؤية جمال الجميل في باطن قلب التراب وأصل عالم الطبيعة، ومن آدابه القلبية معرفة حقيقة النفس وأصل جذر وجوده، وسر الوضعية في السجود هو غمض العينين عن النفس، وأدب وضع الرأس على التراب إسقاط أعلى مقامات نفسه عن عينيه، ورؤيتها أقل من التراب.
عن الإمام الصادق ×: (قد جعل الله معني السجود سبب التقرب إليه بالقلب والسر والروح، فمن قُرب منه بَعُدَ عن غيره. ألا ترى في الظاهر أنه لا يستوي حال السجود إلا بالتواري عن جميع الأشياء، والاحتجاب عن كل ما تراه العيون كذلك أراد الله تعالى أمر الباطن، فمن كان قلبه متعلقاً في صلاته بشئ دون الله تعالى فهو قريب من ذلك الشئ بعيد عن حقيقة ما أراد الله منه في صلاته).
ما يجب أن يتحقق في السجود:
1 ـ وضع المساجد السبعة على الأرض، وهي: الجبهة: الكفان، الركبتان، الإبهامان من الرجلين.
2 ـ أن لا يكون مسجد الجبهة أعلى من موضع الركبتين والإبهامين، ولا أسفل منه بما يزيد على أربعة أصابع مضمومة، ولا يترك الاحتياط بمراعاة ذلك بين المسجد والموقف.
3 ـ يعتبر في مسجد الجبهة أن يكون من الأرض أو نباتها غير ما يؤكل أو يلبس، فلا يصح السجود على الحنطة أو الشعير أو القطن ونحو ذلك، ويصح السجود اختياراً على القرطاس المتخذ من الخشب ونحوه مما يصح السجود عليه.
والسجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها، والسجود على التراب أفضل من السجود على غيره، والسجود على التربة الحسينية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام هي أفضل الجميع.
4 ـ يعتبر الاستقرار في المسجد.
5 ـ يعتبر في مسجد الجبهة الطهارة، والإباحة على الأحوط لزوماً.
6 ـ يجب الذكر في السجود على النحو التالي: (سبحان ربي الأعلى وبحمده).
7 ـ يجب الجلوس بين السجدتين، أما جلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية فوجوبها مبني على الاحتياط.
8 ـ يعتبر المكث في حال السجود بمقدار أداء الذكر الواجب، كما يعتبر فيه استقرار بدن المصلي.