آية الله العظمى السيد محسن الحكيم

img
عام 0 ــ ــ

الإمام المجاهد سماحة آية الله العظمى زعيم الطائفة ومرجعها الأعلى السيد محسن ابن السيد مهدي الطباطبائي الحكيم، وينتهي نسب سيدنا الحكيم بثلاثين واسطة إلى أبي الأئمة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ولد في النجف الأشرف سنة 1306 هـ، حيث ينتسب سيدنا المفدي إلى بيت الحكيم، وهو البيت العريق في العلم والمعرفة. الشهير بالدين والتقوى، الجامع بين شرف العلم وخدمة الروضة العلوية الحيدرية، وأما والد الإمام الحكيم فهو علّامة عصره السيد مهدي الحكيم. كان مجتهداً ورعاً تقياً وربانياً مهذباً بارعاً في العلوم كما يعبّر عنه الحجة الكبير الإمام الشيخ اقا بزرك الطهراني في كتابه القيم (أعيان أعلام الشيعة).

أخلاقه:

كان يجمع سيدنا الإمام الحكيم والمرجع الأول للتقليد عند الشيعة الإمامية بين الهيبة وطلاقة الوجه، كما كان يجمع بين هاتين الصفتين النبي الكريم. والأخلاق الفاضلة التي يتمتع بها قلّما تجتمع في إنسان آخر، فهو يسعي في أن يطبق الأخلاق متفقداً لأحوال الفقراء والضعفاء، وله اهتمام شديد لرفع مستوى العلماء مادياً ومعنوياً، وليس من العجب أن يكون سيدنا الحكيم بهذه الصورة من الأخلاق الطيبة، فإنه تتلمذ مُدّة على أخلاقيّ عصره الكبير المولى حسين قلي الهمداني، الذي كان يُعد من أكبر أساتذة علم الأخلاق في النجف الأشرف.

النشأة العلمية والنبوغ الفطري:

بدأ الإمام الحكيم في السنة السابعة من سني حياته القرآن الكريم، ثم ابتدأ في دراسة علم النحو وهو في التاسعة من عمره، وكان المتولي لتربيته العلمية أخوه الأكبر سماحة العلامة الحجة السيد محمود الحكيم، فدرس علية المقدمات إلى كتاب (القوانين)، ثم درس في النجف على جملة من أفاضل عصره بقية الكتب، وكان متفوقاً على أقرانه، نشأ نشأة علمية كانت تبشر بمستقبل زاهر، وحضر عند الشيخ الملا كاظم الخراساني قبل وفاته بثلاث سنوات أبحاثه الفقهية والأصولية خارجاً، ففي سنة 1331 هـ وعندما كان عمر السيد لا يتجاوز السادسة والعشرين قدم تأليفه القيم (ميراث الزوجة) إلى العلامة المجاهد السيد محمد الجنوبي، فلم يملك الجنوبي أن أطلق كلمته الخالدة التي تبين من ثناياها إعجابه واعتزازه بهذا الشاب ونظره إليه بعين الإكبار والإجلال: «إننا لم نعرف قدرك حتى الآن، أما الآن وقد رأينا هذا الكتاب فقد عرفناك حق المعرفة».

مؤلفات الإمام الحكيم:

ألف كتباً شتى منها كتابة القيم (مستمسك العروة الوثقى)، الذي هو من أجلّ ما كتب في الفقه الإمامي في العصر الحاضر، ومن يتتبع المستمسك يقع في حيرة ولا يدري أهو مطول أم مختصر، والسر أنه لا يجد فيه حشواً وتطويلاً لا طائل له، وفي نفس الوقت يجده متخماً بالعلوم والاحصاءات زارخاً بالتحقيق والتدقيق، ومن هنا جاء كتاباً كبيراً في معانيه وتحليلاته، صغيراً في ألفاظه وكلماته وكذلك كتاب حقائق الأصول: ومنهاج الصالحين، ودليل الناسك ونهج الفقاهة، وشرح التبصرة، رسالة في بعض الفروع المتفرقة من الصلاة، وحاشية على الربا، ورسالة مختصرة في الدراية.

مشاريع إسلامية هامة:

لسيدنا الإمام الحكيم مشاريع إسلامية هامة غير ما يقوم به من الإنفاق على طلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف، وفي ما يلي تلك المشاريع:

للإمام الحكيم توجيهات إسلامية هامة وجهها إلى المسلمين في ظروف خاصة وبمناسبات شتى كان لها الأثر الفعال في النفوس المؤمنة، وأنقل لك جانباً من كلمة الإمام الحكيم في مولد الإمام علي عليه السلام:

(ايها المؤمنون ليس الغرض من هذه الاحتفالات المقدسة هو مجرد الحضور والاستماع إلى ما يلقى فيها من نظم ونثر، وإنما الغرض منها هو الاستفادة من حياة الإمام عليه السلام، وجعلها نبراساً لنا نستضيء بنوره ونهتدي بهديه، فلقد كان عليه السلام بعد الرسول الاعظم صل الله عليه وآله المثل الأعلى لجميع الصفات الحميدة والخصال الكريمة، التي دعا إليها الإسلام في تعاليمه وحرّض عليها في محكم كتابه: ﴿لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾. أيها المؤمنون جدير بنا أن نقف حيث اختار لنا من دينه وأن لا نتعدى ما وصف لنا من حدوده، وإنها لكرامة كبرى ومنزلة رفيعة أن يختار الله لعبده ما يحب فيأمره به، وأن يعرفه ما يبغض فينهاه عنه. إنها لكرامة من عند الله ومنزلة رفيعة عنده أن يكون هو الناظر لعبده في جميع أعماله، فيكشف له ما في العمل من صلاح أو فساد، ويوضح له ما في السلوك من خير أو شر وليس بعد ذلك إلا أن يمثل وليس عليه إلا أن يرتقي، فقد نصب له السلم ويسر له السبيل ووضع له الدليل).

الكاتب ــ ــ

ــ ــ

مواضيع متعلقة