يعرف الرجال بالحق الجزء الثالث

img

من منطلق البحث عن ضآلتنا الحقيقة ولنثبت لكم زيف مزاعمكم- عبدة الجبت والطاغوت- ، وفساد إدعاءكم كينونة فتاواكم ومجازركم وقبيح فعالكم مستقاة من صميم الإسلام !!كما سنثبت عظيم فريتكم على الله ورسوله باستحالة كونكم تمثلون حزب الله وأنكم الفئة الناجية !! وما أنتم إلا الفئة الهاوية والمتهالكة ،وما أنتم إلا حثالة جهنم وكلابها المسعورة!! ومآلكم الحتمي إلى مستقركم مع نديمكم الدنيوي ومخادعكم -الذي ارتضيتموه لكم رباً وموجهاً وناصحاً وقبلة – في أحضان نار الله الموقدة، وإني لحائرة من أمركم أما تعلمتم من المخادع المتغطرس شيئاً ؟! ألم يخدعكم فرعون بقوله الذي نص عليه الفرقان العظيم :” مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ”.( غافر -٢٩)كما قال علام الغيوب :” يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ”.( سورة هود -٩٨)، أما كان في جسده المنبوذ على شاطئ البحر عبرة لكم ؟!! أفي قول الله تعالى شك حتى لا ترتعد بعده فرائصكم؟! فتعقلون وتنبذون الباطل وتمحقون الظلام وقواده ، يقول جل شأنه :” وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ، فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ”.( يونس -٩٠-٩١-٩٢)، ومن النتائج الحتمية أن النار مثواكم ،لا كما زعمتم في مستقر رحمة الرحمن الرحيم ، متقلبين   في انتقام الله في نار جهنم المطبقة عليكم أبوابها، لا في أحضان الحور العين اللواتي هن أشرف وأسمى من أن تَعْرِضُوهن مزايدة لمن يبالغ في الإثم في مزاد العهر الوضيع المهين، ومكافأة لكل أفاقٍ جيوشاً من الحور العين !!

وعليه لابد لنا أن نبحر في المتطلبات الحتمية توافرها في رجالات الله ورسله وحملة رسالاته والمؤتمنين على نواميس الله وكتبه ، معرجين معكم على بعض من مواقف أخلاقية للأنبياء( ع ) ، والمسالك والطرائق التي اتبعوها في الدعوة إلى الله تعالى والتي خطها الله وارتضاها لهم وللمؤمنين والمؤمنات، والتي لولاها ما رضيهم الله رجالاته ممثلين إرادته ومشيئته ، وما أناط بهم مهمة صعبة وشاقة بحجم تبليغ رسالات الله إلى خلقه ، إن العلي الأعلى يقرر إذ يقول :” اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ “.(الأنعام-١٢٤) ، مهمة تتطلب حنكة ودراية ومدارة وأمور كثيرة نتحدث عنها في بحثنا هذا.

تبليغ رسالات السماء مهمة ليست باليسيرة بل إنها صعبة مستصعبة لا يقدر عليها إلا نبي مرسل من قبل الله تعالى، أو ملك مختار ومصطفى بمشيئة الله تعالى للقيام بهكذا مهمة، أو إمام معصوم وربما مؤمن امتحن الله تعالى قلبه للإيمان ،مهمة يترتب عليها الآثار الشديدة الفعالية والتأثير على البشرية جمعاء ومسارها ومرساها ونهاياتها، فتبليغ رسالات الله هي الميزان في التمييز بين الخبيث والطيب الصالح والطالح، وهي المبني عليها معياراً لتزكية الأنفس، كما أنها الركيزة كما الحجة ليوم القيامة والتي لولاها لما استقامت فكرة الثواب والعقاب ، والجنة والنار حيث لا عقاب على من لم تصله رسالات السماء فيسقط عنه التكليف بنواميس السماء فأنى لمن لم تبلغه الأوامر الإلهية القيام بواجباته المنوطة به !! كما ليس باستطاعته الإمتناع عن المحرمات من تلقاء نفسه وإن امتنع فليس حباً في ذات الله وخشوعاً ونزولاً عند إرادة خالقه وإنما نفوراً واستهجاناً لفعل ما أو شيئ ما .

غير إننا نصبو لإيضاح متطلبات الداعية إلى الله من رسول ونبي وإمام معصوم أو مؤمن صالح يجد في نفسه الأهلية للدعوة إلى الله للمكلفين شرعاً من الرجال والنساء البالغين العاقلين والراشدين، الذين يندرجون تحت مظلة القدرة على التمييز والاختيار بملئ ارادتهم دون ضغوط خارجية نفسية كانت أم جسدية، الذين يستمعون إلى القول فيتبعون أحسنه ثم لا يجدون في أنفسهم حرجاً من الخنوع والخضوع لإرادة علام الغيوب ويسلمون له الأمر كله حباً وكرامة وإعظاماً لذات الله وإكباراً لمشيئته ، والنظر لرسله بعين الإجلال والإكبار لعظيم منزلتهم من الله أولاً ولكرامتهم وكرامة المضامين والفحاوى من أوامر الله ونواهيه ولأفواه طابت بالحكم الإلهية والمنطق البليغ ،ولجسيم معاناتهم في ذات الله ، ولفضلهم في هداية البشرية والإنسانية من حيرة الضلالة، ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولأجل إشراقات نورانية عمت الكائنات بفضل من الله ورسله فتجلى لهم الحق في أسمى مظاهره ، يقول المولى عز وجل :” الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ “.( الزمر-١٨)

وعوداً على بدء ، يفرض المنطق والعقل اللذان هما ميزان التفاضل بين الحق والباطل أن يكون سُفراء الله إلى خلقه وأعني بهم الأنبياء والرسل (ع) ومن لف لفهم يتمتعون أولا بجملة من الأخلاق والفضائل الإستثنائية والمتميزة المنقطعة النظير ، ألم يقل الله تعالى مادحاً حبيبه المصطفى :” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ “. ( القلم : -٤- )، فمن الطبيعي أن الداعية إلى الله عذب اللسان حلو المعشر ، قدوة حسنة وهو المنبع للأخلاق الحميدة

متواضعاً متباسطاً إذا حضر أكبروه لدماثة أخلاقه وحلو معشره وعذب منطقه وحكمته، وإن غاب افتقدوه وتحسسوا مواضع تواجده، وبحثوا عن درر حكمته وبلاغة رسالته التي يحملها من السماءإلى قومه ، ودروسه في تعاليم السماء وشرائع الرحمن ، قال تعالى :وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ”.(لقمان -١٢)، كما قال سبحانه :” رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ “.( البقرة -١٢٩) ويقول أيضاً:” كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ”.( البقرة -١٥١).

وحث الأمر الإلهي الرسل غرس مبدأ إعمال العقل والفكر والتأمل ملياً لاستحقاق الإيمان الراسخ واليقين الصامد في وجه هجمات كؤود من قبل شياطين ورجال عُنْدٍ مشاكسين مناصرين الباطل رغم هشاشة أركانه ، وعليه لابد من ركيزة راسخة توجه العقول والأفئدة نحو الصراط المستقيم ، ولله رجال يُعرفون بسيماهم يدعون إلى الحق والصراط المستقيم وانفردوا بمواصفات قَلَّ نظيرها مجموعة لهم لتمام وكمال البيان الإلهي والحجة القائمة لله على البشرية جمعاء فلا تَظَلُمَ ولا اعتراض لأحد بعد قيام الوحي بشقيه الملائكي والرسالي في الإبلاغ بنواميس السماء وتشريعات المولى وتمام البيان والآيات الساطعات ، ولهذا فلب المتطلبات وقلبها مواصفات وأخلاقيات نبوية نعرج عليها على النحو الآتي -مع العلم أننا لن نتطرق إلى عصمة الأنبياء والأئمة الأطهار وإنما نتحدث عن مواصفات الداعية إلى الله وإن لم يكن معصوماً- :-

١- القدوة الحسنة : سفير الله إلى الناس وداعيته إلى الحق إنما هو منظومة حية دافقة لمكارم الأخلاق وأتم محاسنها قولاً وفعلاً ومنهاجاً ، يقول المولى جل شأنه :” لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا “( المائدة -٤٨)، ويقول حبيب الله المصطفى ( ص ):” بعثت لأتمم مكارم الأخلاق “. ومبعوث الله إلى الناس قبلة الناظرين والمتطلعين لمركبات أخلاقية مثالية تتوافق بل تتناغم والفطرة البشرية السوية ، وتتسق مع مكونات المجتمعات الإنسانية الطامحة للمثالية، مثلٌ ومبادئ وقيم هى في واقع الحال محط آمال الشرايح الواسعة للطبقات المجتمعية ،يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز :” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ .( القلم -٤)، ولقد قال الرسول الأكرم ( ص ):” إن جبريل الروح الأمين نزل علي من عند رب العالمين ، فقال : يا محمد ! عليك بحسن الخلق ، فإن سوء الخلق يذهب بخير الدنيا والآخرة “. ( كلمة الله -٢٢١ )، ألا وإن الله خاطب نبيه محمد ( ص )مباركاً مسلكياته التي ارتضاه له بقوله سبحانه :”فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ “.( آل عمران -١٥٩)، وصفي الله هذا عذب لسانه حلوة مترادفاته محكمة غاياته متسامية عن متاع الدنيا أهدافه، حكمته يانعة بالغة وما ينالها إلا ذو حظ عظيم ، حقاً قول الله تعالى :” وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ “.( لقمان -١٢)وما فتئ الفرقان المجيد يردد على مسامعنا قوله تعالى :”يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ”. (البقرة -٢٦٩).

ومنطق الداعية إلى رضا الرحمن سلس فيض في حججه، غني في دعائمه وركائزه وقرائنه وآياته ، رؤاه الحق الذي لا يحيد عنه قيد أنملة نديمه مشاعر متدفقة حباً ورحمة وإيثاراً لمن يستحقها من المؤمنين المنضوين تحت مظلة الحق ، وكذلك من يقف على الحياد فلا هو معهم ولا هو معين عليهم، غير أن الظلمة ليس لهم إلا الغلظة والشدة منطقاً ومقوماً ، وفي هذا السياق يقول تعالى :” مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”.( الفتح -٢٩).

وحديث ممثل السماء ذا وتيرة صوتية واثقة هادئة متأنية متمكنة ، بعيدة كل البعد عن الضجيج والضوضاء والإنفعالات الزائفة فمن يملك المنطق لا يلجأ الى الصراخ، ومن ملك مقاليد الحكمة يتقدم إلى مواقع مهامه بروح رصينة قلبها الإيمان وتاجها رضا الرحمن ورايتها الخشوع والخضوع لله عبر بوابة العقل والعقلاء ناهيك عن ثبات الخطى النابعة من يقين وعقيدة راسخة شامخة لا تضاهيها ولا تنافسها في ذلك حتى الجبال الراسخات، وعليه فلا حاجة لموجات صوتية حادة النبرة ولا ضجيج ولا جعجعات مردها انعدام الحكمة أو ضعف المنطق وربما الخوف من ضياع الفرصة في مقارعة الحجة بالحجة ، وحتمية الهزيمة النكراء تطارد مضاجع قساة القلوب وفاقدي العقول فملاذهم الصراخ ولا حول ولا قوة لهم !! يقول اللطيف الخبير :” وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ “.( لقمان -١٩) ، وقال أيضاً :” يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ “.( الرحمن -٣٣)،

وحكمة رجالات الله العظام لطائف منطقهم ،ومنطق الدعاة وحكمتهم لازمتان كعوامل جذب لعقول مستضعفة أو مغيبة وبالتأكيد غافلة لاهية عن معرفة أصل الوجود كله، كما غُيبت بفعل إجرامي عن علل وأسرار ومغازي وجودها ، عوامل مخترقة المفاهيم البالية والمعتقدات السقيمة الشركية منها والتكفيرية على حد سواء، يقول الخالق علام الغيوب :” أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”،( محمد -٢٤) ،وسهام الحق في معاصمهم مصوبة إلى القلوب المتحجرة قبل السوية وهي ركيزة لدحر دمائم الأمور وكسر طوق التعصب والتصلب لمعتقدات تضر ولا تنفع ، ولسلب أسماع وأفئدة العدو قبل الصديق ،ودماثة الخلق للداعية إلى الله لهو محرك للقلوب المريضة والسقيمة وممرها الى الصحوة والنجاة ، وخلاصها من براثن عصبيات وزندقة وإلحاد ، وعامل طارد لاعتراضات وترهات وألسنة سباقة للإنقضاض على كل متغير يتصادم ومصالحها الشخصية ومقاماتها المجتمعاتية،ألم يقل الحق فيهم :” قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ،فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ، وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ” .( نوح -٥-٦-٧) ، والفئة الرافضة تلك لأدنى حلحلة في تركيبة المجتمع الإستبدادي الذي اعتاد عليه وتقبله بعيوبه ومثالبه وعميق الهُوَات بين طبقاته المتسببة بتعسف وإجحاف وجور عظيم لغير السادة الرجال !! فلقد أوحى الله إلى بعض أنبيائه:” الخلق الحسن يميت الخطيئة ، كما تميت الشمس الجليد “. ( كلمة الله -٢٢١)، كما إنه جل شأنه قال في محكم كتابه :” وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا “.( إبراهيم -١٣).

ورسول الله إلى الناس محرك متفاعل وفاعل في المجتمع المدعو هدايته مبتدئاً بنفسه مطبقاً تعاليم السماء على ذاته سباقاً للحق ،قدوة القوم تتحدث سلوكياته ومسالكه عما في حوزته من قيم ومبادئ سماوية وشرائع ربانية فتنعكس كلها مجتمعة على من حوله شذى وأريجاً يُنْتَصَفُ به للمستضعفين ، والمتاحة لهم ممارسة حقوقهم تحت مظلة العبودية لله لا للسادة وكهان المعبد ،بعد أحقاب من الزمان مهينة لإنسانيتهم وكرامتهم بإخضاعهم لعبادة السيد الصنم وتشكيلته المركبة بيديه من ألهة صماء بكماء !! ثم ينتفع بعبق القيم والنواميس الإلهية الصفوة من البشر عباد الله المقرين لله بالألوهية والربوبية ، أولئك الذين أحبهم الله وأحبوه فتطلعوا إلى قيم سفير الله فارتضوا قوله وفعله وسلوكياته دستوراً ناظماً للحياة الدنيا وذخراً ووديعة في خزائن الله الذي لا تضيع ودائعه ليوم عصيب يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ “.(المطففين -٦)، ولهذا كان من الحتمية بمكان أن يتجلى سفير الله إلى الناس كرجل المواقف الإيجابية المعتمد عليه في نصرة الحق ونصرة المظلوم والمتجهة الأنظار إليه وحده لدعم الحق وارجاع الحقوق لأصحابها دون مواربة أو محاباة، ألم يقل الصادق الأمين (صلّى الله عليه وآله): “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً إن يكُ ظالماً فأردده عن ظلمه وان يكُ مظلوماً فانصره “.( موقع الإمام الشيرازي )

وما برح ذاك المكرم مبعوث السماء يمحق العداوة بين الناس محقاً، ويرسم الخطوط العريضة لحياة سوية قائمة على قيم المساواة والعدالة الإجتماعية والإخاء، وسلاحه لتحقيق ذاك الواقع الحلم الكلمة الطيبة وإفشاء مفهوم التسامح والتعاضض والتكافل بين فئات الأمة الواحدة ويتجلى ذاك تلقائياً على الإنسانية جمعاء ومجرى حياتها ومقاصد غاياتها المعطرة بابتساماتِ آمال وأهازيج وأرائج فواحة شذاها تغرس محامد الأخلاق وصادق المبادئ وعميق الإيمان ومواثيق ربانية، ألم يقل الله تعالى :” وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ “.( فصلت -٣٤)

وهو عين الله الناضرة الناس وفق معايير عدلية ربانية وإيمانية يقينية لا من منظار القوة والمنصب والألقاب العائلية،وعليه ركز العلي الأعلى على تلك الحقائق إذ يقول :” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “.( الحجرات -١٣)، فمعايير المفاضلة عند الإله الخالق ومبعوثيه الإيمان والتقوى لا الجنس والحسب والنسب والسلطة والسطوة ، ويندرج تحت مظلتها العرب والأعاجم على حد سواء ، وغير ناظرة إلى ألوانهم فالأبيض والأسود والأحمر والأصفر متساوون في الحقوق والواجبات وأيضاً في الخطاب ، يقول رسول الله (ص):” الناس سواسية كأسنان المشط “، وأنه ” لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى “، و ” لا فضل لابن البيضاء على ابن السوداء إلاّ بالحق “.

كما ترتبط القدوة الحسنة بعواطف جياشة تتفاعل مع المجتمع وعنصريه الرجل والمرأة ،القوي والضعيف، فتتفاعل مع القوي الإنسان الأمين المؤتمن أعراض الآخرين وحقوقهم عينية كانت أم معنوية،وتناصر ثم تساند الضعيف المبهوت حقه المسلوب أرادته المسيطر عليه وعلى ما ملكت يمينه، فلا تعدٍ ولا اعتداء فالإنسان كل الإنسان مصانة حياته معزوزة كرامته محفوظ في نفسه وأهله وماله وما لأحد الحق سلبه أو اغتصابه

أياً منها بالقوة والإكراه وإلا جوبه بأحكام شرعية تلزمه برد الحقوق إلى أصحابها مضاف إليه تعزيره وتأنيبه وقد يصل الأمر لإقامة الحد عليه ، يقول صاحب الأمر القادر المقتدر :” تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ( البقرة -٢٢٩) كما قال سبحانه :”تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا “.( البقرة -١٨٧)

كما أن وحي السماء لا يميز بين القوي والضعيف فمن انطوى تحت مظلة الدين والعقيدة إنما هو مؤمن متكامل الحقوق والواجبات لا يختلف كماً أو نوعاً أو سيادة عن ذاك القوي العزيز في قومه ، يقول العدل الحق :” وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ”.( هود -٢ )، وقال أيضاً :” قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ، قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ، وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ “،( الشعراء -من ١١١-الى ١١٤) ، كما أن سفير الله إلى الناس يخضع قبل غيره لنواميس السماء فهو وإن علا شأنه ومقامه عند بارئه عبد الله الذي يتقدم الآخرين بل يسابقهم إلى الإلتزام بتعاليم الله وحرفية تطبيقها ، يقول الله تعالى في كليمه موسى ( ع ):” وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ”.( طه -٨٤) وذكر الله في محكم كتابه :”يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ “.( آل عمران -٤٣)، كما قال المولى :” قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا ، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ، إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ، وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا “.( المزمل -من ٢-إلى -٨).كما قال تعالى :”وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ”.( الأنبياء -٧٣).

ومفاعيل المنطق تفرض تلقائياً أن يكون مبعوث الله إلى الناس قدوتهم الحسنة قولاً وفعلاً ومسلكاً في السراء والضراء وحين البأس فلا يستثني نفسه عن الآخرين ، ولا ينأى بذاته ولا يقصيها عن أي ظرف عصيب ، ولا يخرج نفسه من تطبيقات نواميس السماء ،فهو الأولى بها وبالتمركز في محورها ،ويشير الله تعالى إلى مسلكيات الرسل بقوله :” قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ “،( هود -٨٨).

ومبعوث الله إلى الناس ضالع حتى أذنيه في الأحداث الدائرة ضمن نطاق مجتمعه وقومه الذين أرسل لهم ، فتفاعله إيجابي، مسدد الخطى محسوب العواقب معروفة آثارها الإصلاحية على النفس البشرية والشرائح المجتمعية، ولولا كونه القدوة الأمثل لما اتبعه الأخرون على اختلاف مجتمعاتهم وتضارب مصالحهم ، وتفاوت منسوب قبول التغيير في حياتهم وإن كان للأفضل . قال تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ”.( التوبة-١١٩).

يقول الباقر ( ع ):” إن لكل شيء قفلاً، وقفل الإيمان الرفق “.

كما لا يخفى على أحد أن القدوة الحسنة المتنقلة بين الناس عارضة يد الهداية والرحمة والإحسان ، ومتحدية ظروف عصيبة مملؤة بحطام ألهة متعددة الأجناس -خشبية القوى-، ناسفة الموبقات والمعتقدات السقيمة ، وحكماء وعلماء ربانيون ، هم كاشفون الغطاء عن حقائق ربانية وفرمانات إلهية من لدن رب السموات والأرض غُيبَتْ بفعل شياطين الإنس والجان ! شياطين كافرة حُقُد متجاسرة ولكن !! يقول المولى عز من قائل :” يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ”.( الصف -٨)،

وما برحت سواعد ليوث الجبار ضاربة بعصا القادر المقتدر وسطوة الجبار كل أحدوثة كاذبة مخالفة لما خطه المدبر المهيمن للبشرية ، وارتضاه غايات ساميات من عبودية لله وحده دون سواه ، عبادة عارف عالم بربه عاشق لذاته المقدسة، يناجيه ويناغمه بعبادة خشوع وخضوع وتذلل لمحبوب هامت في عشقه خلجات القلب وحِشاف الفؤاد ، يقول الإمام علي ( ع ):” إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك “.

وهو في سعيه الدؤوب للإصلاح والتوجيه لا ينتظر أجراً ولا حظوة ولا جاه ولا ريادة ولا منصباً ، لا من كبير القوم وعزيزهم ولا من صغيرهم ووضيعهم ،غير طامح لجائزة أو هدية من ملك أو قائد أو شيخ قبيلة ، واذكر نبي الله سليمان ( ع ) إذ دعا الملكة بلقيس وقومها إلى الله فسارعت بإرسال هدية تسر الناظرين، فكان حبه لذات الله أكبر وخشيته من أليم العقاب إن سولت له نفسه بما لا يليق به ، ذاكراً شاكراً نعماء الله عليه:”وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ، فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ”.( النمل -٣٥-٣٦)، إنما ناظرة عيني المبعوث السماوي بحزم إلى رضا ملك الملوك وعلام الغيوب والحافظ الأمين الذي لا يغفل ولا يسهو ولا تضيع ودائعه ولا تفنى خزائنه ، يقول تعالى :”يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ”.( هود -٥١) ، وقال مالك الملك :” وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ،اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ “.( يس -٢٠-٢١)، وقال الله تعالى :”إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا”.( الإنسان -٩)، وهو في جهاده اللامتناهي في تعميم نهج الرحمن وجعله مطلباً إنسانياً وضرورة ملحة قائمة في كيان الوجود ، وجعله الركيزة الأولى والأخيرة ، تترفع ذاته وهامته عن كل نقيصة مذلة، ودعوة زائفة ،   وهوى جارف إلى متاع زائل ، ونظراته أسمى من أن تتطلع إلى أدران الدنيا وقَتَّالِ الرجال ، وزاهدة وعافة نفسه عما يشغلها عن تواصلها برب الوجود ومالك رقها، وعن محاربة الطواغيت وإحقاق الحق ،ألم يقل رسول الأخلاق كلها(صلى الله عليه وآله): “لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي، ما تركت هذا الأمر حتى أنفذه أو أقتل دونه”.(ـ المناقب: ج-١- ص٥٨)

وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): “والله لو أعطيت الأقاليم السبع بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته”.( نهج البلاغة، الخطبة-٢٢٤)

فالروح شاخصة إلى غاية المنى ولب المنطق والحكمة ، تعلقت بحب الرحمن ورضاه ، فسعت سعيها للنعيم الدائم ولحياة الخلود في مستقر رحمة الله تعالى غير ناظرة إلى إناء لا ينضح إلا سماً زعافاً قاتلاً لا

يَفْرُقَ مقدمه حبيب أم عدو ،فلا أجر يعدل العمر الفاني في طاعة الرب ولا الدنيا بمفاتنها وزخرفها تعدل رضا الخالق المعبود ،ألم يحذرنا الله تعالى خداع العدو الأكبر إذ قال :” الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ “. (البقرة -٢٦٨) ، وقال أيضاً :”يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا”. ( الحج-١٢٠)

وما للندامة طريق إلى قلبه رغم عظيم التضحيات وجسامتها المرتهنة بمسئولياته ، والمتوقعة منه تقديمها في نضاله لإحقاق الحق وهداية البشرية ، مطوعاً ذاته للتعالي على الدنيا وزخرفها ومباهجها في سبيل غاية الغايات العودة بالإنسانية إلى كنف الرحمن وحظيرته ، يقول المولى :” وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ “. ( البقرة -٢٠٧)، وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى خليله إبراهيم ( ع ):” إنك لما سلمت مالك للضيفان ، وولدك للقربان ، ونفسك للنيران ، وقلبك للرحمن ، إتخذناك خليلاً “. ( كلمة الله -١٣٨)، وقال رسول الله صلّى الله عليه و آله ـ في دعائه ـ : اللّهُمَّ اجعَل حُبَّكَ أحَبَّ الأَشياءِ إلَيَّ ، وَاجعَل خَشيَتَكَ أخوَفَ الأَشياءِ عِندي ، وَاقطَع عَنّي حاجاتِ الدُّنيا بِالشَّوقِ إلى لِقائِكَ”.

يقول الحق :” قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلْ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ “.( يونس -٣٥).

وللحديث بقية

الكاتب ام عزيز (سلوى الشيخ علي)

ام عزيز (سلوى الشيخ علي)

مواضيع متعلقة