يعرف الرجال بالحق – الجزء الأول

img

الكل يتحدث عن أحداث طاغية على مجرى حياتنا المعاصرة تسيرنا في متاهات جسام لا يحمد عقباها ! ونسمع عن مجاميع من أشباه الرجال تقتل وتفتك وتذبح وتمثل وتلوك القلوب والأكباد وتتغطرس وتتباهى بحمل رؤوس ضحاياها وتتبارى باللعب برؤوسهم في مباراة شيطانية لم يعرف التاريخ لها من مثيل، ثم يمضون سامراً من الليل وأطراف النهار في استباحة الأعراض استناداً على فتاوى جبتية طاغوتية ما أنزل الله بها من سلطان !! ألم يحذرهم الله تعالى من الإفتراء عليه إذ قال :” قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ(الأعراف-٣٣-) ، فتاواهم تلك تأمرهم بالتقرب الى مولاهم ذاك القابع في أوكار الشياطين والأباليس وحسن أولئك قريناً -بتلمس مواضع الشهوات الحرام والتكالب عليها بهتك أعراض البنات والنساء ! والتشفي بصرخات البواكر والنائحات أعراضهن !!وبمزيد من الفتاوى العجيبة والتي تبيح علاقات تدعي أنها زيجات موقتة بقضاء حاجة المناضل الهمام !! وتبيح الزنا والجنس الجماعي ، وتبادل الزوجات وتقاسمهن مشاعاً سلسبيلاً ! ومن مهازل فتاواهم – وكل فتاواهم انحطاط وتسافل مستهجن – جواز نكاح زوجات الآخرين على ألا تخبر بعلها احتراماً لرجولته وإنصافاً لمشاعره !!!ولكن إن قَبِلَ بذاك الأمر باعتباره جهاداً فإنما ذاك نابع من بلوغه قمم الإيمان والرجولة حقاً !! كما تبيح اللواط والعلاقات المحرمة تلك العلاقات المشينة بين الجنس الواحد اعتماداً على الضرورات تبيح المحظورات ! وما الضير من قضاء حاجة ملحة مستقاة من الحكم السابق لبعض آلاف من المرات فقط؟! إنها الحاجة ياقوم ففي فتاوى شياطينهم ما يغني عن الحجج ! فتاوى حسب زعمهم منبثقة من صميم دينهم الأعرج ، وناموسهم المسخ !

غير أن الله تعالى طاهر مطهر لا يقبل باتهامه أنه منبع ومصدر فتاواهم !! قال تعالى :” الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ”. ( النور -٢) كما قال جلَّ شأنه :” وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ”. ( الأنعام -٢١).

وتُحَمِلُ تلك العصبة من كهان المعبد بعد هذا الإسلام والدين تبعات أفعالها !! فتقيم المحاكم الشرعية لمقاضاة المخالفين لهم والذين يعدونهم كفاراً ثم لا يجدون حرجاً من الحكم عليهم بأشد العقوبات مُوَئِّلين أحكامهم إلى الشرع الحكيم الذي يفرض عليهم دون أدنى شك القصاص من المردة العصاة بأشد وأقصى العقوبات بل أعنفها فتكاً وتنكيلاً، ويا حبذا لو يجعلون هؤلاء عبرة لمن يعتبر بالتمثيل بجثثهم أو تقطيع أوصالهم مستخدمين بعضاً منها للطهي والتدفئة ، ولاريب أن منطق القوة يفرض عليهم أظهار الغلظة والقسوة لمجاميع الخوارج عن حكمهم الرافضين للدخول في الدين الجديد الذي يحملونه بشرى للعالمين !! وكلما فرضت الضرورات إظهار قوتهم لبسط نفوذهم وسلطتهم بالنار والحديد اقتضت رعونتهم عليهم مواقف بطولية تميزهم وتزكيهم عند الجبت والطاغوت!!فيبلغ الحاضر الغائب عن ماهية قدراتهم ، وعظيم أفعالهم !! فحتمية الفحولة والرجولة تستصرخهم جائعة طامحة لقلوب غضة بريئة لأطفال وأيفاع تقدم قرابين تحت أقدام الإله المسخ المتجدد !ولأجنة -من حوامل مبقورة أرحامهن -ترفع لترفرف عالية منذرة بيوم كيوم عاد وثمود!!! وشهيتهم تتضروع لأسياخ مشوية في الأفران من أجساد معارضيهم ، أو أولئك الذين ساقهم حظهم العاثر في طريق هؤلاء الجبابرة ، ويتراقص هؤلاء المسخ من أشباه الأدميين برقصات شيطانية فوق رؤوس الضحايا ، تاركين بعض ممن وقعوا تحت نيرانهم ليدقوا نواقيس الخطر بدموعهم وآهاتهم للغضب العاصف الزاحف القادم على أيدي أولئك .

ورغم الفواجع والمآسي التي يخلفونها وراءهم تستشيط تلك الطغمة من الحيوانات الأدمية غيظاً وحنقاً لإنفلات بعضاً من فرائسها من بين براثنها !! وتمني النفس بمساحات من أرض الله الواسعة للتعويض عما يدعونه خسارة ، فهم حسب زعمهم يد الله الضاربة في البرية ، فيعيثون في الأرض فساداً !! قال علام الغيوب :” ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ”. ( سورة الروم -٤١ )

ولا تقبل الفئة تلك الحوار !!ولا التشكيك بأفعالها ولا مناقشتها فيما تدعيه قيمها ودينها !!فقد وجدت ضآلتها في فتاوى شيوخها وملاكها ، وما ترى إلا ما ارتأته مشايخها وما قبله ساداتها ! وما الدين الحكيم إلا من أفواه السادة العلماء من مشايخهم !! وما الفتاوى المحكمة السديدة إلا من عقول ساداتهم وكبرائهم الذين يعلمون ما لا يعلمه غيرهم !!! ألم يقل الله على لسان فرعون :”قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ “.( غافر -٢٩) ، كما قال اللطيف الخبير :”وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ”!!!!. [ الأعراف -٢٨]

   أولئك ألبسوا جرائمهم وقبيح فعالهم لباس الإسلام ، وحَمَّلوا الإسلام ما لا يُحَمَل ، وأصبغوا فعالهم صبغة سماوية وتجاسروا فشخصوا أمراضهم وعللهم ومجونهم بشخوص وفتاوى نبوية وأصروا واستكبروا استكباراً ، قال تعالى فيهم :” وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا”. وقال جلَّ جلاله :” وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْـزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ “. ( المائدة -١٠٤)

كما قال الحق:” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “. ( سورة النحل -125)، غير أن صراطهم مغاير لصراط بقية المسلمين ، ومع ذلك سندعوهم للمرة الواحدة بعد المليون إلى كلمة سواء بيننا وبينهم ، ألا نعبد إلا الله لا نشرك به شيئاً ، ثم نتحاور جميعاً بعد أن نتفق على إلقاء السلاح لحيظات، لنتحاور حوار العقلاء الذين يبحثون عن ضآلة الجميع الحق ولا شيء غير الحق على ألا نجعل الحوار غاية للفرقة وتقطيعاً للوقت ، وإنما هو بحث عن أنجع الحلول الجامعة للأمة، المطابقة للأحكام الشرعية الحقة لا المصطنعة ، المتحدثة عن الأوامر الإلهية لا المصلحة الشيطانية ولا السلطوية ولا الفئوية ولا الشخصية ، حلول ننقذ بها الأمة بشبابها وشيابها، لعلنا ننقذ الطفولة من اليتم القهري،والشبيبة من القتل والتمثيل بجثثهم ومن رميهم بأفران تستعر لهيبها، ألم يقل الله في محكم كتابه الحكيم :” قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ،النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ، إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ”.( البروج -٤-٥-٦، -) ، ونوفر على النسوة الترمل وأخاديد تحفر في وجههن بدموع حائرة وقلوب منكسرة وزفرات وعبرات محرقة أشجانها، والأمومة من اجترار الحسرة لفقد فلذات الأكباد والأحبة،ولا مبرارت منطقية تساق لهذا الكم الهائل من الموت الذريع !!!

وبعيون مبصرة هول النتائج التراكمية الكارثية لصراعات العائلة الواحدة والأمة الواحدة ، مجردة من أحقاد خيبرية وأضغان أموية نتلمس الفوارق بين الفرق الضآلة والتي نُعِتَت بكلمات الله التامات وبكلمات حبيبه المصطفى ( ص ) بأقدح النعوت والصفات الشائنة ، وبين الفرق التي تتبنى الفكر المحمدي السوي،الفكر الذي يؤسس لكلمة جامعة موحدة تعلي من شأن الأمة بإعلاء كلمات الله التامات، وبالرضوخ لها وجعلها الحكم والميزان والغاية والصراط الواضح والبيان الساطع ٠ فهل نجتمع وهؤلاء حول مائدة معطرة بذكر الله وبالصلاة على محمد وآل محمد وبعزيمة المؤمن الحق لإتباع الحق فنميز الخبيث من الطيب والصالح من الطالح ؟؟!! فعلى بركة الله نعقلها وإياكم مستأنسين بالحق وإن قل طالبوه !!!! يقول سيد المتقين علي ( ع ):” لا تستوحشوا طريق الحق وإن قل سالكوه “.

مفتتحة حديث العقلاء بوددت لو أخاطبكم أيهاالمدَّعون جهلاً حماة الدين وكهنة المعبد على النحو الآتي :

قفوا هنيهة ونكسوا سلاحكم لعلي أوفر عليكم إرهاق دماء برئية، وازهاق أرواح غالية عليكم لصلات الأرحام التي تربطكم وإياهم ، فكما قال الإمام علي عليه السلام “إن الناس صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق “، ولربما يحالفكم الحظ بإخارج نفوسكم من حلق المضيق ، أو تجدون ضآلتكم الحق ولكن من بوابة الحق ، لا من أفواه مستعرة لهيباً محرقاً لا تبقي ولا تذر !! إني أناشدكم الله إلا ما استمعتم مقالي هذا ومنطقي الذي أرجو الله تعالى أن يوفقني لجعله خشبة خلاص لي ولكم ولأجيال أكاد لا أراها في قائمة الخلق !إن استمر منطق الصراع الشيطاني على ما هو عليه الآن من غلو مقصود متعمد لذبح الإنسانية في دين الله تعالى ! وإفساد في الأرض ما له من نظير طال الحجر والمدر والبشر ومخلوقات الله الأخرى، يقول الله تعالى :” وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ”. [البقرة-٢٠٥]. وجثى فوق هامات حضارات سادت وأبدعت ثم مافتىء يدمر ويَكْنُس كل أثر لوجود تلك الحضارات وكأنها عدوه اللدود الذي يذكره بجملة من النواقص في مقومات شخصه المتسافلة في انحطاط ماجن ! والأهم من ذلك امتدت اليد الآثمة إلى النور والفرقان العظيم فما راعت لله مقاماً !!!!

ولست في مقام التسفيه بأحد لكني على القطع رغم قلة حيلتي وصغر وزني وحجمي في أمة شامخة بعلمائها وكبرائها ومثقفيها ممن استماتوا في سبيل إعلاء كلمة الحق والحفاظ على ديمومتها، وما انفك العقلاء من العلماء من رجال الدين والقانون والأكاديميين والحلماء وبعض ممن لا زالوا يقتفون أثر الدين والمنطق والحلم والحكمة يدعونكم أيها الكهنة لمدينة الشيطان للرجوع للعقل والمنطق والرجوع إلى حظيرة الدين القويم، وإلى الصراط المستقيم ، قال الحق :” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ “. ( سورة النحل -125، ) ، ولكن استسمحكم عذراً وأتوكل على الحي الذي لا يموت وأتجرأ ثم أتصدر بكلمتي العارية حيزاً من مقام الدفاع عن قيم ومبادئ ديني في مقالي هذا ، ولعلكم تجدون في إسلوبي غلظة مردها إلى عظيم الألم الذي أعانيه والكثير من عباد الله المستضعفين من قسوة فتاوى صدرت من أفواه شيطانية جبتية وجدت صدها رحباً يتردد بأشكال همجية حيوانية عاتية رعناء متعددة المخالب والأنياب !!فأي طامة كبرى حلت بالأمة ؟! وأي مصاب جلل هز أركانها ؟! أهي المؤامرة الكبرى الغربية الشرقية على الخالق وإرادته ومشيئته ؟! { استغفر الله رب وأتوب إليه من قلوب لا تصغي وعقول لا تعقل وأذان لا تعي ما تسمع }_ وعلى رسله ووحيه وأخلاقه وقيمه ، ودينه الذي ارتضاه لعباده المؤمنين !!!! قال تعالى :” بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا،الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا”.[النساء:١٣٩،١٣٨].وقال الحق فيهم :”صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ “. أم هي خزعبلات وأوهام من صنع طائفة لا تجد في هذه الدنيا عملاً سوى تحميل الآخرين علل فشلهم وتخلفهم عن دروب الحضارة الحديثة ؟!!! قال الحق :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”.( الحجرات -٦)

وللحديث بقية

٢٠١٤/٢/٢١م   ١٤٣٥/٤/٢١هـ

الكاتب ام عزيز (سلوى الشيخ علي)

ام عزيز (سلوى الشيخ علي)

مواضيع متعلقة