بلال بن الرباح
صفحة مشرقة من الإيمان والجهاد والاستقامة على المبدأ، والتضحية في سبيل اعلاء كلمة الحق، ورفع راية الإسلام خفاقة. ليست هذه الصفحة الغراء لسيد قرشي عظيم، ولا لعربي أصيل، ولا لصاحب مال ودنيا، بل هي لعبد حبشي فقير، خلّده الإسلام مع الخالدين.
في سطور
- أبوه: رباح.
- أمه: حمامة.
- يكنى أبا عبد الله.
- من أوائل المسلمين.
- أحد السبعة الذين أظهروا الإسلام.
- أحد المعذبين في الإسلام.
- أول من أذن في الإسلام.
- كان مؤذن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في السفر والحضر.
- كان خازناً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
- آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين عبيده بن حارث بن عبد المطلب.
- بشره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة.
- نزل فيه آيات من القرآن الكريم.
- امتنع من الأذان لأبي بكر وقال: لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
- طُلب منه أن يترك المدينة، فخرج إلى الشام.
- له شعر قليل.
- توفي في الشام سنة 20 للهجرة.
- عمره 63 سنة.
- قبره في الشام في مقابر باب الصغير، مزار يقصد للزيارة والصلاة عنده.
أحد أحد
تحدى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قريشاً والعالم أجمع بهذا القرآن، وهم يومئذٍ أهل الفصاحة والبيان بل ليس لهم فنّ سوى ذلك، فشعراؤهم وخطباؤهم لا يحصيهم العد، ومواسمهم الشعرية قائمة، ومعلقاتهم على ظهر الكعبة مرفوعة، فطلب منهم أن يأتوا بمثل هذا الكتاب )فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ( الطُّور:34 .
ومن حديث لعبد الله في المعذبين في الله تعالى فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراع الحديد، ثم صهروهم في الشمس، فما منهم أحد إلا وأتاهم على ما أرادوا إلا بلالاً، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد.
وعن عمرو بن العاص قال: مررت ببلال يعذب في الرمضاء، لو أن بضعة لحم وضعت لنضجت، وهو يقول: أنا كافر باللات والعزى، وأمية مغتاظ عليه فيزيده عذاباً، فيقبل عليه فيذهب خلقه فيغشى عليه ثم يفيق.
في القرآن الكريم
قال ابن عساكر: إن هذه الآيات نزلت في بلال وصهيب وخباب، وناس من الضعفاء (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) الأنعام:52، الآية(وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) الأنعام:54، (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا) الكهف:28 .
في أحاديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم
بعض ما جاء من أحاديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في بلال رضوان الله عليه:
1- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم المرء بلال، وهو سيد المؤذنين.
2- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بلال سابق الحبشة.
3- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد أخفت في الله تعالى وما يخاف أحد، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت عليّ ثلاثون من يوم وليلة وما لي ولا لبلال طعام يأكله أحد إلا شيء يواريه ابط بلال.
4- قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رأيتني دخلت الجنة وسمعت خشفاً أمامي، فقلت من هذا يا جبريل؟ فقال: هذا بلال.
نداء السماء
والصلاة أهم الواجبات الإسلامية، إن قبلت تقبل بها الأعمال، وإن ترد ردّ كل ما عمل. وهي تختلف عن بقية الفرائض لأنها لا تسقط عن المسلم في كل الأحوال، فلو قدّر لشخص أن يركب سفينة، ونجا على لوح، فعليه أن يؤدي فريضة الصلاة بما يتيسر له.
أما الواجبات الأخرى فقد تسقط عن المسلم أحياناً، فالحج لايجب لمن لا يملك الزاد والراحلة، والزكاة لا تجب على من لم يملك النصاب من عينيات ومواشي مذكورة في كتب الفقه، والصوم يسقط عن المريض والمسافر.
وأراد الله جل جلاله نداءً خاصاً للصلاة، يسمعه المسلمون فيسرعون إلى مساجدهم، ويقيمون جماعتهم؛ ينبه الغافل، ويذّكر الناس. وأهم من هذا وذاك يكون شعاراً للمسلمين، ورمزاً لإسلامهم، فلا تعرف المدن الإسلامية من غيرها إلا بهذا النداء.
وهذا النداء هو الأذان، نزل به جبرائيل(عليه السلام) على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلمه بلالاً، فهو المؤذن الأول، والمردد لنداء السماء.
سين بلال
وجاء رجل إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين إن بلالاً كان يناظر اليوم فلاناً فجعل يلحن في كلامه، وفلان يعرب، ويضحك من بلال.
فقال أمير المؤمنين( عليه السلام): يا أبا عبد الله إنما يراد إعراب الكلام وتقويمه لتقويم الأعمال وتهذيبها، ما ينفع فلاناً إعرابه وتقويمه لكلامه إذا كانت أفعاله ملحونة أقبح لحن، وما يضر بلالاً لحنه في كلامه إذا كانت أفعاله مقومة أحسن تقويم، ومهذبة أحسن تهذيب.
المؤتمن
وعن عبد الله الهوزاني قال: لقيت بلالاً فقلت: يا بلال حدثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟
قال: ما كان له شيء، كنت أنا الذي إليّ له ذلك منذ بعثه الله عز وجل حتى توفي، وكان إذا أتاه الرجل المسلم فرآه عارياً يأمرني فأنطلق فاستقرض واشتري البردة فاكسوه وأطعمه.
ثواب
أحاديث كثيرة عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل بيته صلوات الله عليهم في ثواب الأذان، وفي لقاء لأحد التابعين مع بلال رضوان الله عليه سأله أن يتحفه ببعض ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فحدثه بهذه الأحاديث. والشيء المهم في هذه الأحاديث أن هذا الصحابي الجليل يبدأ كل حديث بالبسملة لما ورد في ابتداء كل عمل بذكرها.
قال الشيخ الطبرسي عليه الرحمة: أمرنا بأن نفتتح أمورنا بتسمية الله.
كما أن هناك فوائد لها أخرى يحصّل عليها المعلم والمتعلم والكاتب والداعي.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المعلم إذا قال للصبي: بسم الله، كتب الله له وللصبي ولوالديه براءة من النار.
لا أؤذن
نسي المسلمون أو تناسوا بيعة يوم الغدير لعلي بن أبي طالب(عليه السلام) بالإمامة قبل وفاة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم. ولقد شهد ذلك اليوم جل المسلمين ولكنهم وبعد سبعين يوماً نسوه، لقد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ينتخبون خليفة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وما خرجوا من الاجتماع إلا بعد البيعة لأبي بكر، وبقي علي وأهل بيته، وقلّة من كبار الصحابة في معزل. ومرّ عليك في بعض أعداد هذه السلسلة إنكار بعض هؤلاء الأكابر على الحاكمين موقفهم، حتى نزل أبو بكر عن المنبر، وذهب إلى منزله فلم يخرج منه ثلاثة أيام.
ولبلال رضوان الله عليه نهج آخر في الإنكار على الحاكمين، فقد أبى أن يؤذن لأبي بكر رغم ما بينهما من الصلات معتذراً: أني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم..
شعره
الشعر ديوان العرب، وكان الكثير منهم يقوله وإن لم يتصف به، بل كان يقوله غيرهم ممن تعلّم لغتهم، بل إن بعض هؤلاء برع فيه قديماً وحديثاً، وعدّ من أعلام شعراء عصره كما هو الحال في مهيار الديلمي رحمه الله.
والشيء المهم في الشعراء، أو الذين دونهم في الشعر هو التفاوت في المنهجية، فبعضهم في الله ومرضاته، وما يقرب إليه، وآخرون في المجون والفجور و…
وقد مرّ عليك بعض ما وجدناه من شعر بلال رضوان الله عليه ونذكر الآن:
إن بلالاً كانت تصيبه الحمى بالمدينة، فإذا أقلع عنه يرفع صوته قائلاً:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولــي أذخر وجليل
وهل أردن يوماً ميـاه مجنّة وهل يبدون لي شـامة وطفيل
كلمات العلماء والعظماء
1- قال علي بن أبي طالب(عليه السلام) السبّاق خمسة: فأنا سابق العرب، وسلمان سابق فارس، وصهيب سابق الروم، وبلال سابق الحبش، وخباب سابق النبط.
2- قال عمار: كل قد قال ما أرادوا- يعني المشركين- غير بلال.
3- قال الصادق(عليه السلام): كان بلال عبداً صالحاً.
خاتمة المطاف
وجدير بنا أن نجعل هذه السيرة الغراء، الحافلة بالإيمان والثبات والجهاد والاستقامة دليلاً لنا في مسيرتنا نحو الله جل جلاله وعلماً في متاهات الضلال والانحراف ونتوسل إلى الله جل جلاله بنبيه أن يأخذ بأيدينا وينقذنا من الشيطان وسبله ووساوسه كما أنقذ هذا العبد الصالح من الجاهلية وجعلها إنه قريب مجيب.