ذوالقرنين والأمة العادلة

img

جاء في بعض الآثار أن ذا القرنين بعد فتح المدن في الشرق والغرب انطلق أيضاً في البلدن… (( فبينما هو يسير إذ وقع إلى الأمة العالمة الذين هم من قوم موسى الذين يهدون بالحق وبه يعدلون، فوجد أمة مقسطة (أي عادلة) يقسمون بالسوية، ويحكمون بالعدل ويتواسون ويتراحمون، حالهم واحدة، وكلمتهم واحدة، وقلوبهم مؤتلفة، وطريقتهم مستقيمة، وسيرتهم جميلة، وقبور موتاهم في أفنيتهم وعلى أبواب دورهم، ليس لبيوتهم أبواب، وليس عليهم أمراء، وليس بينهم قضاة، وليس منهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف، ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون ولا يختلفون ولا يتنازعون، ولا يستبون ويقتلون، ولا تصيبهم الآفات، فلما رأى ذلك من أمرهم ملأ منهم عجباً فقال لهم:

أيها القوم أخبروني خبركم، فأني قد درت في الأرض شرقها وغربها وبرها وبحرها، وسهلها وجبلها، ونورها وظلمتها فلم أرى مثلكم أخبروني مابال قبوركم على أبواب أفنيتكم؟ قالوا: فعلنا ذلك عمداً لئلا ننسى الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا، قال: فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب؟ قالوا: ليس فينا لص ولا خائن وليس فينا إلا الأمين، قال: فما بالكم ليس عليكم أمراء؟ قالوا: إنا لا نتظالم، قال فما بالكم ليس عليكم حكام؟ (قضاة) قالوا: إنا لا نتخاصم، قال: فما بالكم ليس فيكم ملوك؟ قالوا: لأنا لا نتكاثر، قال: فما بالكم ليس فيكم أشراف؟ قالوا: لأنا لا نتنافس، قال: فما بالكم لا تتفاضلون ولا تتفاوتون؟ قالوا: من قبل إنا (أي لأننا) متواسون متراحمون، قال: فما بالكم لا تتنازعون ولا تتخاصمون؟ قالوا: من قبل ألفت قلوبنا وصلاح ذات بيننا، قال: فما بالكم لا تستبون ولا تقتلون؟ قالوا: من قبل إنا غلبنا طبائعنا بالعزم، وسئنا أنفسنا بلحام. قال: فما بالكم كلمتكم واحدة، وطريقتكم مستقيمة؟ قالوا من قبل أنا لا نتكاذب ولا نتخادع ولا يغتب بعضنا بعض. قال أخبروني لم ليس فيكم فقير ولا مسكين؟ قالوا: من قبل أنا نقسم بالسوية، قال: فلم جعلكم الله أطول الناس أعماراً؟ قالوا: من قبل إنا نتعاطي الحق ونحكم بالعدل، قال: فما بالكم لا تقحطون؟ قالوا من قبل إنا لا نغفل عن الإستغفار.

قال: فما بالكم لا تحزنون؟ قالوا: من قبل إنا وطنا أنفسنا على البلاء وحرضنا عليه فعزينا أنفسنا، قال: فما بالكم لا تصيبكم الآفات؟ قالوا: من قبل إنا لا نتوكل على غير الله ولا نستمطر بالأنواء والنجوم……..)).

والهدف من نقل هذه القصة أن هؤلاء القوم السعداء كيف جعلوا قبور موتاهم على أبواب بيوتهم كي لا يغفلوا عن ذكر موتاهم عند الخروج من البيوت وعند الدخول إليها وبذلك تلين قلوبهم وتقل أمالهم ويوفقون لكل خير.

( من كتاب القلب السليم للسيد دستغيب نقلاً من كتاب بحار الأنوار)

الكاتب زينب آل كرم (أم كميل)

زينب آل كرم (أم كميل)

مواضيع متعلقة