الامام السجاد
في هذا اليوم من سنة 37 من الهجرة وُلد مولانا زين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع) من أمّه شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى آخر ملوك الفرس الساسانيين، الذي قُتل بمرو من بلاد خراسان سنة 31هـ في خلافة الخليفة عثمان بعد أن ملك عشرين سنة، وفي ذلك يقول أبو الأسود الدؤلي المتوفّى بالبصرة سنة 69هجرية يمدح الإمام(ع) بوالديه فيقول:
وإنّ وليداً بين كسرى وهاشم |
لأكرم مَن نِيْطَتْ عليه التمائِمِ([1]) |
قالوا وقد روى الزمخشري في (ربيع الأبرار) عن النبي| أنّه قال: «لله من عباده خيرتان؛ فخيرته من العرب قريش، ومن العجم فارس». ولذلك كان زيد العابدين(ع) يقول: «أنا ابن الخيرتين»([2]).
وقد مُدح الإمام زين العابدين بكثير من الشعر ولكن أشهر ما مدح به قصيدة الفرزدق همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي المتوفّى بالبصرة سنة 19 هـ، وقد خمسها كثير من شعراء أهل البيت(ع) وقد حشر المؤلّف نفسه معهم وإن لم يكن أهلاً لذلك فقال:
شعبان أبدى من السَجّاد غُرّتهُ |
فأشرق الكونُ لمّا رامَ طلعتَهُ |
والبيت يعرفه والحل والحرمُ)
أَهلُوه ما جاءتْ الدّنيا بمِثْلِهُمُ |
هُمْ سادَةٌ لجميعِ الناسِ كُلِّهُمُ |
هذا التقيّ النقيّ الطاهرُ العلمُ)
أبوه مَن كان للإسلام كاهلَهُ |
أبوه مَن كان للقرآن حامِلَهُ |
بجدّه أنبياءُ الله قد خُتِمُوا)
خيرُ البيوتِ وخيرُ الأرضِ أرضِهُمُ |
ومَن غداً سوف يسقى الناس حوضهُمُ |
كفرٌ وقربَهُمْ مَنْجاً ومعتَصَمُ)
مضُاعَفٌ فوقَ أجر الناس أجرهُمُ |
وفائقٌ فوقَ فَخْرِ الناسِ فخرُهُمُ |
في كلّ بكٍ ومختوم به الكَلِمُ)
أحبّةُ اللهِ مَن كانوا أحِبّتهُمْ |
وقاصدوا اللهَ هم كانوا أدلّتَهُمْ |
أو قيل مَن خيرُ أهلِ الأرض قيل هُمُ)
همْ أعرفُ الخْلقِ إطلاقاً بربِّهمُ |
والفضلُ في الناس مقرونّ بقربِهمُ |
ويستربّ به الإحسان والنعم)
بصائر الخلْق جاءت من بصائِرِهِ |
يعطي المسيء ويَعْفُو عن كبائِرِهِ |
العُرْبُ تَعرِفُ مَن أنكرتَ والعَجَمُ)
الجودُ يُمْطِرُ دَوماً مِنْ سَحابَتِهِ |
صحيفة الخير جاءت من عبارتهِ |
فلا يُكلَّم إلاّ حينَ يبتسمُ)
هذا المطّهَّرُ وابنُ الطاهرين كذا |
جاؤوا فليس بهم مندوحة لأذى |
الدينُ مِنْ بيتِ هذا نالَهُ الأممُ)
نيلُ السعادةِ مضمونٌ بطاعتِهِ |
وجَنَّةُ الخلْد تُعطَى من شفاعتِهِ |
ركنُ الحطيمِ إذا ما جاءَ يَسْتَلِمُ)
قد فاق كلَّ الورى في طيب محتده |
عِلْم السماء وعِلْم الأرض في بلدهْ |
لولا التشهّدُ كانتْ لاؤهُ نَعَمُ)
إذا الخلائقُ لم تنفع وسائلُها |
يومَ القيامةِ وامتازتْ فصائلُها |
إلى مكارم هذا ينتهي الكرمُ)
([1]) مناقب آل أبي طالب 3: 305، بحار الأنوار 46، 4، رياض السالكين 1: 210.
([2]) المصدر غير موجود. انظر: مناقب آل أبي طالب 3: 304، بحار الأنوار 46: 4، وفيات الأعيان 3: 267.
***