ارفع يدك عني …… وإلا ؟؟؟؟؟؟! – الجزء الثاني

img

  ٨- انا سليلة الانبياء أنا حنة بنت آل عمران، أنا المرأة التي انتظرت طويلاً لتفرح كسائر النساء وترى لها طفلاً تروى أمومتها من بسمة شفاهه، أنا التي راحت تدعو ربها مستغيثة فضله ومنه ورحمته بعد أن استبد بي الحنين والشوق لأمومة طال صبري لتحققها! أنا التي ما كدت أشعر بالحمل حتى نذرت ما في بطني محرراً لله رب العالمين قال تعالى:” إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ “. وما كدت أفرح بحملي حتى توفي بعلي وصبرت على قضائه وقدره، وأنا التي أَقْرَرْتُ بفضل ربي علي إذ أكرمني بحمل فأحببت أن أثبت شكري وأمتناني لله رب العالمين بأن أهبه للمعبد ليكون عبداً مؤمناً صالحاً، ويكرس حياته في خدمة الرب العظيم!، غير أني فوجئت بكون المولود بنتاً، فتحيرت في أمري ورفعت الأمر لخالقها يُمضي فيها مشيئته! قال تعالى:” فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم “. وتقبل الله نذري إذ قال تعالى:” فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا “. أنا أم العذراء مريم وجدة معجزة الله عيسى بن مريم روح الله، فهل تنازعني شرفي!

  ٩- هل يجوز لي أن أخبرك من أنا! وأنا أنا ؟!أنا أشهر من نار على علم! أنا نذر أمي، أنا المباركة منذ أن كنت جنيناً في رحم أمي، أنا التي انبتني ربي نباتاً حسناً، قال عز وجل:” فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا “. وأنا العابدة التي صدقت في نواياها وإيمانها قال تعالى:” وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ “. وانا المصطفاة التي اصطفاها ربها وأنا التي كرمني وشرفني ربي وخصني بدعوة منه إليه ، إنه المنعم المتفضل، إذ دعاني لأكون من من صفوة المؤمنات والمؤمنين الساجدين والساجدات، قال الحق: “يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ “. وأنا التي لفتت انتباه نبي الله زكريا زوج خالتي بجواب فطري سليم غاب لحظة عن ذهنه ، إذ احتار في أمري ففاكهة الشتاء في الصيف تُحضر لي في محرابي، وانا المعتزلة خلق الله بأمر من ربي! وفاكهة الصيف تساق لي في الشتاء دون أي عناء مني أو من غيري! فمن أين لي هذا؟! قال جلت قدرته:” وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ “. أنا الممتحنة في عرضي أنا التي حملت ابتلاء ما لاحد سواي قِبلٌ على حمله! أنا التي حملت في أحشائها معجزة ربي من غير مساس من زوج! أنا التي حين بُشرت بكلمة من ربي اسمها المسيح عيسى بن مريم تمنيت الموت قبل ذاك، لعلمي بقسوة رجال عصري ورجال العصور الأخرى وأنهم لن يرحمونني ولن يحسنوا الظن بي! وأنى لهم ذاك! ولم يطلعوا على غيب المولى ويحيطوا بذلك خُبراً! أنا إذ جاءني جبريل يحمل البشرى تمثل لي بشراً سوياً، قال القائم الدائم :” قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ “. كما قال تعالى:” فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا “. وأنا التي عاصرت معاجز ربي الواحدة تلو الاخرى نُوديت وبُشرت بمولود مبارك عظيم اذ قال الله تعالى:”فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا.” وعندما فاجأني المخاض إلى جذع النخلة أُمرت بهز الجذع فإذا بالحياة تذب فيها وتورق أمام ناظري وتثمر خلال لحظات، وتتساقط علي رطباً جنياً قال الحق:” وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا “. وأنا التي أُمرت ألا أتحدث مع أحدٍ إلا رمزاً!معلنة أني نذرت للرحمن صوماً ف “لن أكلم اليوم أنسياً” مشيرةً إلى رضيعي،حدثوه إن رغبتم!!! قال الحق:” فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا،فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا،يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا،فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا”. وها هي معجزة ربي وكلمته التي لم يتجاوز عمرها لحظات تنطق وتتكلم بالحكمة والمنطق فيقول الله تعالى على لسان نبيه :” قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا،وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا “. طفلي أيها السادة المتأسلمين لم يدافع عني وعن شرفي فأنا الطاهرة العفيفة فوق الشبهات وكفاني شهادة ربي لي اذ قال:” وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ “. وإنما خاطبهم النبي المعجزة بلسان النبي المأمور بحمل المهمة ولكنه نوه إلى وصية العلي الأعلى بالبر والاحسان لي، فأنا الراعية لعيسى نبي الله لا أنت أنا الطاهرة التي أختارني ربي لأكون سيدة أمتها لا أنت أنا الممهورة بختم ربها طهارة وإيماناً وصدقاً لا أنت!!!! السلام علي يوم ولدت ويوم مت ويوم ابعث حيةً..

  ١٠- أنا التي احتويت بين أضلعي الشرف كله، أنا التي خالط دمي دمه، أنا التي تغذى من روحي وفؤادي، أنا دون سائر الخلق نبض قلبه في مهجتي، أنا التي تناغمت دقات قلبه مع دقات قلبي، أنا أسعد الامهات، وأمسيت بين ليلة وضحاها صاحبة المنزلة العظيمة والشرف الرفيع، لا يقربني أحد من الأولين والآخرين بمقام كمقامي! فأنا أم سيد الخلق حبيب الله محمد – اللهم صل على محمد وآل محمد – أنا الصابرة على فقد زوجي وأنا أحمل جنينه! أنا التي جبر ربي خاطري إذ شرفني بحمل سيد خلقه، أنا التي بُشرت بأني أم سيد كائنات ربه، أنا التي شُرفت برؤية ولدي المولود لتوه يستقبل الارض ساجداً لله رب العالمين شاهداً أن لا إله إلا هو الله الواحد الاحد. أنا التي رأيت وفاطمة بنت أسد النور يصعد الى عنان السماء ويملأ المشرق والمغرب من جسد ولدي الطاهر المطهر ، قال تعالى:” ” اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ “. أنا التي كلمني الهاتف إذ قال لي:” وضَعْتِ خير البشر فعوَّذيه بالواحد الصمد من شر كل باغ وحاسد… وسميه محمداً “. أنا التي عاصرته سنوات ست كانت قصيرة ولكن بركتها كبيرة بإذن الله تعالى.. أنا المؤمنة المطعون في ديني، أنا المؤمنة على دين النبي إبراهيم الخليل ومن آل إبراهيم الذين اصطفاهم ربهم إذ قال تعالى:” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ”. أنا أم خير البشر يشار إلي بالبنان ويشكك في أمر إيماني ويجرؤ المتأسلم أن يوصمني بالكفر!! ألم يروا أن خيرة الانبياء أمهاتهن إما أوحى إليهن كأم نبي الله إبراهيم ونبي الله موسى وإما كلمن بوحي من الله جبريل رسولاً إليهن!!؟ كالعذراء أم المسيح عيسى بن مريم عليهن جميعاً أفضل الصلاة والسلام ولا أحد يشكك فيهن أو يكفرهن -وحاشاهن من الكفر-! وأنا المختارة لأكون أم محمدٍ حبيب الله وخير خلقه، أأكون حقاً كافرة بالله!أتكافئ الكافرة على كفرها بجعلها حاضنة لخير خلق الله!؟! قال تعالى:”وَتَوكّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرّحِيمِ ، الّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ “. أهكذا يطعن محمد في صميم مجده ؟! أيقف محمدٌ مطاطئ الرأس خجلاً من أمه الكافرة! ( حاشاك يا رسول الله، ارفع رأسك يا رسول الله فأمك الطاهرة المؤمنة آمنة بنت وهب (ع) )، قال الله تعالى: ” اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ “. أولم يختار الله لحبيبه محمداً أماً مؤمنة كسائر الانبياء! ؟ أيعاب محمداً وهو المصطفى من ربه دون سائر المخلوقات ؟!  ما هكذا تورد الابل يا سعد! حقيق على الله أن يصطفي محمداً بأم نورانية القلب خاشعة ذاكرة مهدية طاهرة على القطع! وهي كذلك آمنة بنت وهب. أنا التي كرمت بالكثير من المزايا إذ جعل الله سيدة نساء أمتها الاسلامية زوجاً لولدي خير البرية محمد (ص) وحفيدتي غاليتي وكريمتي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وبعلها نفس النبي ووزيره وخليفته ووصيه علي ابن ابي طالب (ع) ،أما أولادي وقرة عيني أحفاد ولدي الرسول الخاتم (ص) هم الائمة الاطهار (ص) والمصلح الخاتم الذي يصلح الله الامر له ويصلح الدنيا على يديه الكريمتين هو حفيدي المنتظر المهدي ( عج ).. قف وأعد علي من أنا ومن أنت ؟! أيها الظلامي أنت لا تعدو كونك رقماً في مقام الكائنات وأنا نوراً ساطعاً يبدد ظلمة يوم القيامة! إنك لا تؤمن للنبي شفاعةً يوم القيامة، فإن صحت فأنا الأولى بشفاعة ولدي المقرب من ربه لو جاز دعواك بكوني كافرة! وهي دعوى باطلة حكماً وعقلاً، أنا أم محمد (ص) فمن تكون ؟!

   ١١- أنا مرضعة محمد، أنا التي مُلئت يدي بركة إذ داعبت يديَّ أنامله الصغيرة الناعمة المباركة ، أنا التي دق السعد بابي يوم شُرفت ورضيت أن أكون مرضعة لليتيم محمد (ص)، أنا التي عايشت بركاته منذ اللحظات الاولى وتيقنت أن هذا الطفل خُلق عظيماً مباركاً! وأنا التي عاينت بركاته تحل على القفاري فتكسوها حلة خضراء للبهائم مرع ولنا معيشة ميسورة، وانا التي عاينت السماء تجود بعطاياها علي وعلى قبيلتي منذ أن حل محمداً ضيفاً عزيزاً علينا،، أنا التي شرفت بخدمته رضيعاً، أنا التي ضممته الى صدري أنا التي داعبت أناملي شعره ووجهه الطاهر، أنا التي ما انفككت أطبع على وجنتيه وجبينه الطاهر  قبلات حب وإكبار وإعزاز، وقبلة آخرى على محياه استودعتها جبينه المبارك شفيعتي يوم القيامة عند ولدي محمد (ص)، وسأطالب ربي بها! فإن كنت مقصرة وأنا كذلك! فبحق قبلاتي التي استودعتها ولدي محمداً إلا أظلني ربي برحمته الواسعة في المحشر وكرمني بمجاورة ولدي في الجنة كما شرفني وأسعدني بسنتين لا تحسبان من عمري، وَسَدْتُ فيهما محمداً الرضيع صدري وقلبي، أنا العبدة الفقيرة المستضعفة أم محمد وبه بلغت العلا مجداً، أنا حليمة السعدية، فمن تكون أيها المتحذلق والمدعي زيفاً مجداً ؟!

  ١١- أنا الغنية عن التعريف! أنا التي جمعت ثلاثة أمجاد في حجري، وأمجاد فوقها أمجاد أنارت الدنيا بأنوار ما لها من مثيل في عالم المخلوقات! أنا أم نور على نور فوق نور ومن تحتهم نور ، أنا كافلة محمد، أنا التي أحببته بكل كياني وجوارحي أنا التي قدمته على كل أطفالي، باشرته في مواضع أكله وشربه ومنامه، أنا قبل أن أُدهن شعره بالدهن أدهنته بحناني وحبي  فترعرع محمد شاباً لا كمثله شاب قال العلي الاعلى فيه:” وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ “. فنودي بالصادق الامين تحت مظلة بيتي، أنا أمه الثالثة! أنا التي آمنت بأبائي ابراهيم النبي وعبدت الله مؤمنة متيقنة به واحد أحد، فالتمست رحمته متعلقة بأستار كعبته مقسمة عليه بمحمد وجنيني الذي في أحشائي (ص) إلا ما هون علي ألام طلقي ويسر لي ولادة مباركة فإذا بمكرمة لم يسبقني إليها أحداً من الاولين ولم يتشرف بها أحد من الاخرين، إذ بقدرته تعالى انشق جدار الكعبة وضمتني إليها ثم أغلق الجدار بقدرته كما انشق بقدرته جلت قدرته، فولدت وصي محمد وحبيبه في بطن بيت الله الحرام وبت أياماً ثلاثة أكلت فيها من ثمر الجنة فمن مثلي ؟! أنا التي انجبت نفس محمدٍ، فسقاه محمد عصارته وأدبه وفكره، ولدي الذي أمن بربه ورب محمد (ص) غلاماً يافعاً وصلى مع محمد وخديجة زوح النبي محمد (ص) سنين قبل أي أحد، وتبع ولدي ابن عمه محمد (ص) كظله يرتوي بعذب كلام الله جلت قدرته ويعيش ويحيا لله رب العالمين، أنا أم حيدر الكرار مفتدي محمد بنفسه إذ بات في فراش ابن عمه الرسول غير آبهٍ بالموت طالما أن محمداً ينجو من الموت! أنا أم الفتى الذي باهى الله الملائكة في سمواته إذ سَما عليهم، واختار الموت شهادة مرغوبة إذا كان بالموت حياة لابن عمه المصطفى (ص)، أنا أم ذاك الفتى الرجل العملاق الذي إئتمنه رسول الله على أمانات الناس لردها باسم النبي محمد (ص)، قال تعالى:” إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا”. هو عينه الذي استودعه الفواطم ليكون حارسهم الأمين حتى يبلغن معه المدينة المنورة، أنا أم قتال العرب من قريش في بدر وأحد، أما في غزوة الأحزاب فأنا الأم التي باهت خلق الله في سمواته وأرضه، قال الحق:” لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا “. أنا التي أحسنت غرسها فها هو ولدي البطل الصديق الأكبر الذي بلغ حد الكمالات الإنسانية، وأثبت تصديقه منفرداً بوعد الله ورسوله، إذ قال محمد (ص):” « أيّكم يبرز إلى عمرو أضمن له الجنة”. قام مطيعاً أمر الرسول محمد (ص) وقاتل عمرو بن ود حتى قتله، فجاء جبريل لتزكيته قال معلناً من السماء ” لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار”،أنا أم علي بن ابي طالب صاحب المناقب التي لا تعد ولا تحصى، أنا أم الطاهر المطهر بشهادة ربي أنا أم أهل الكساء كلهم، أنا أم من نزل فيهم ثلث كتاب ربي، أنا أم من شهادته مقرونة بشهادة الخالق إذ قال تعالى:” قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ”.

ولعمري كلما حاولت أن أُوجزُ وجدت محاولاتي تبوء فشلاً!!كيف لي أن أتوقف عن ذكر أمجادي وأنا امام نهر أمجاد متدفق ما له من قرار! أنا يكفيني فخراً أنني أم نفس محمد (ص)،  وأنا أيضاً أم جعفر الذي أمن بربه وقاسى الامرين تمسكاً بدينه حتى أُمر بالهجرة إلى الحبشة مع من هاجر إلى هناك، أنا أم هذا العظيم الذي فرح رسول الله (ص) برجوعه من الحبشة يوم خيبر  اذ قال:” ما أدري بأيهما أنا أُسَرُ ؟ ّ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر ؟ “.وولدي الذي قاتل الروم بمؤتة رافعاً راية الإسلام حتى إذا ما قطعت يمينه استلمها بيساره وقطعت يساره فحملها بعضديه حتى قُتل في سبيل الله ، واستبدل الله يديه مكافأة له بجناحين يطير بهما في الجنة، على إثر ذلك سمي ولدي بجعفر الطيار، أنا أم قافلة من المؤمنين والمؤمنات قُدِّمُوا أضاحي في سبيل الله، ففي محراب الكوفة قدمت خير البرية بعد رسول الله أضحية على يد عبد الرحمن بن ملجم شر خلق الله، وآخر مسموماً على يد بني أبي سفيان، وقتلى الطف شهداء لا مثيل لهم في دينهم وتقواهم وحبهم لذات الله وبغضهم لأعداء الله من أبناء آكلة الأكباد واتباعهم ( ألا لعنة الله على القوم الظالمين ) أولئك الذين نهضوا لحفظ دين الله أحفادي دمي ولحمي، أنا أم الأُسارى كريمات محمد اللاتي حمينَّ وصُنَّ الإسلام ببلاغتهن ودموعهن وإيمانهن وتضحياتهن ويكفيني فخراً كلمة كريمة جدها المصطفى (ص) في حضور الشيطان الأكبر يزيد ( لعنه الله أبد الأبدين ) اذ قالت:” فكِدْ كَيْدكَ واسْعَ سَعْيَكَ وناصِبْ جُهْدَكَ، فواللهِ لا تَمحْو ذِكرَنا، ولا تُميتُ وَحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تُرحِضُ عنك عارَها ؛ وهل رَأيُك إلاّ فَنَد ، وأيّامُك إلاّ عَدَد، وجَمْعُك إلاّ بَدَد، يومَ يُنادي المنادِ: أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.. أنا أم شجرة لا شرقية ولا غربية يكاد يضيء زيتها ولم تمسسه نار، أنا أم الشجرة التي تؤتي أُكلها كل حين. أنا . أنا هذه العظيمة المباركة من لدن رب كريم فمن تكون أيها المحسوب علينا بشراً ؟!

  ١٢-أنا الملقبة الاميرة في قريش! أنا المحسنة الكريمة التي لم ترد يوماً سائلاً، أنا التي وصفت بالعقل والحكمة والإحسان، أنا سيدة الأعمال التي تاجر الرجال ببضائعي وثروتي فما بخلت على أحد بالعمل معي ولا أبخستهم حقهم، أنا التي طلب الرجال ودي، أنا التي ما أن وقع عيني على محمد المصطفى ونبل خلقه حتى عرضت عليه بطريق غير مباشر الزواج مني، أنا التي شَرِفتُ به زوجاً وشَرِفتُ به ثانية زوجاً رسولاً ، وآمنت به فأنا المسلمة الأولى من النساء وقبل الرجال كلهم! بيتي منزل النبوة ومقام الوحي، ومنزل القرآن هنا في بيتي، ومن منطلق إيماني المطلق بالله وبرسوله ضحيت براحتي ورفاهيتي وأموالي في سبيل الله رب العالمين، وفي سبيل النهوض بدين الله الواحد الأحد وفي سبيل تحرير الضعفاء والعبيد من الداخلين في دين الله ، والذين يتعرضون لأصناف وعذابات من قبل الناكرين لدين الله الكافرين الرافضين دعوة محمد (ص) لهم ولعبيدهم ، فكان المال وسيلة لتحريرهم ولإراحتهم من شر قريش.

 أنا التي قاطعتني نساء قريش لزواجي من محمد فما اكترثت، أنا التي كافأني ربي بأنيس من لحمي ودمي! جنيني يحادثني ويسامرني ويبدد وحشة الوحدة من حولي ، أنا التي بشرني ربي بفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين إلى الآخرين ابنة محمد من دمي ولحمي، أنا حبيبة سيد الخلق خمسة وعشرين عاماً ما عرف محمد الزوج حليلة غيري! أنا أم الزهراء بضعة أبيها أنا أم أم أبيها أنا الائمة الاطهار أحفادي، أنا عقيلة الهاشمين حفيدتي ، أنا أم سكينة ورقية وكريمات محمد (ص) قطعة من فؤادي، أنا أم الصلاة على محمد وآل محمد!!! أنا التي أحضرت لبعلي طعاماً فإذا بجبريل يقول له:” أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب “. وأنا التي وقفت صامدة أدافع عن دين الله مع سيد خلقه بصمودي وجوعي وجسدي الضعيف في شعاب مكة حتى نحل جسدي وضعف، فما أن انفك الحصار حتى أسلمت روحي لبارئها  أنا التي كفنت بكفنين أولهما عباءة النبي محمد التي كان يرتديها وهو يدعو الى عبادة الله الواحد الاحد، والثاني كفن أرسل من السماء هدية للعابدة المؤمنة سيدة نساء الأمة الإسلامية.. أنا خديجة بنت خويلد.

   ١٣-أنا الحوراء الإنسية أنا التي تكونت نطفتي من ثمر الجنة، أنا المخلوقة التي لم يخلق من النساء والرجال من ينازعني منزلتي عدا سيد الخلق ابي محمد -اللهم صل على محمد وآل محمد -ونفسه الطاهرة ابن عمه وأخيه علي بن ابي طالب، إذ قال رسول الله (ص) لعلي (ع) :”يا علي! لقد عاتبني رجال من قريش في أمر فاطمة وقالوا: خطبناها إليك فمنعتنا وزوجت عليا ؟ فقلت لهم: والله ما أنا منعتكم وزوجته، بل الله منعكم وزوجه، فهبط علي جبرئيل فقال: يا محمد! إن الله جل جلاله يقول: « لو لم أخلق علياً لما كان لفاطمة ابنتك كفء على وجه الأرض، من آدم فمن دونه ».

أنا كريمة محمد إذ قال في رسول الله (صلى الله عليه وآله):” إنها روحي ونفسي وقلبي وبضعتي وثمرة فؤادي ونور بصري وفلذة كبدي وشجنتي، وإنها مني وأنا منها ».

  (يتبع الجزء الثالث)

       ١٤٣٤/٣/١٧ هـ

الكاتب الأستاذة أم عزيز (سلوى الشيخ علي)

الأستاذة أم عزيز (سلوى الشيخ علي)

مواضيع متعلقة