ارفع يدك عني …وإلا ؟؟؟؟؟. – الجزء الاول

img

 منذ الازل شكلت المرأة لغزاً حار فيه الفلاسفة والعلماء والادباء والفقهاء! وبين منصف ومجحف ضاعت المرأة في دوامة لا مستقر لها! ولم ترحم يوماً فقد استعرض هذا المفتول عضلاً قوته عليها ليرض مواضع الرجولة من نفسه إنه السيد وإنه الامر الناهي وإنه على كل شيء سليط!! رغم رضاها بأن تكون الجندي المجهول طوال هذه الاحقاب الطويلة المضنية منذ الخليقة، لم يرض الرجل بها كذلك! فنصب نفسه قيماً عليها ينزلها منزلة الاثاث من بيته فهي له متعة وهي له أمة يتوارثها كجزء من الميراث! وهي بهيمة يُحملها تبعات أخطائه كلها! وهي العار الذي يلحق به منذ مولدها وحتى مماتها والافضل وأدها لترتاح وتُريح! وإذا تفضل عليها وأبقاها!فبقاؤها بقاء البهيمة التي تُعلف لتخدم سيدها ومالك رقها ولا تطمع بأن تكون ذا مرتبة أسمى من ذلك! فعليها كل الواجبات ولها العلف!!

 هكذا عاشت المرأة في كنف مولاها الرجل! عيشة ضنك وبؤس! لا هي تعتق فترحم ولا هي تموت فترتاح! ذل وبؤس وعبودية!!! وكافحت المرأة وناضلت من أجل حقوقها وتميزها وشقت طريقها إلى حياة كريمة ولكن الرجل أبى إلا أن يعيدها الى حظيرة سلطانه باسم الرجولة تارة وباسم المجتمع تارة أخرى، وباسم الاخلاق والقيم والتقاليد مرات عديدة، وباسم الدين حدث ولا حرج!!!!

وإلى يومنا هذا يأتي علينا رجال ذوي فكر سوداوي يطالبون بإرجاع ناقصة العقل والدين إلى زريبتهم ويتقاسمونها غنيمة مَشَاعٌ بينهم! ينادون بوضعها وراء قضبان سجونهم فهي مخلوقة مفطورة على الانحلال والرذيلة ودوافع السقوط والانحطاط لديها عظيمة! ألم يقل الله تعالى:” الزانية والزاني “. ألم يقدمها على الرجل في موضع الرذيلة، إذاً أنها مجبولة على الخيانة وحب الرذيلة وعليه لابد من وضعها تحت الرقابة الصارمة! وتحت ولي أمرها يكشمها ويضبطها ويحد من تصرفاتها الرعناء!! ثم لا ننس أن الله جعل للرجل القيمومة على المرأة إذ قال تعالى:” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”. وأي حجة أفضل من تلك الاية! فالرجل أفضل من المرأة! والنبوة محصورة في الرجال دون النساء!! وعليه فالله جلت قدرته هو الذي فضله عليها ولها أن تقبل الامر طواعية أو لتصمت!!

 مه أيها الرجل! مه! ثم مه قبل أن تتقول على الله تعالى وتحرف تفسير كلام الله! انظر إلى نفسك في المرأة وأعد التفكير في كلامك!! فأنا المدعوة المرأة سأقبل أن أدعوك إلى كلمة سواء بيني وبينك فإما أن تكون على صواب فأعود إلى حظيرتك! وإما أن كلانا على صواب وتلك معضلة لابد لها من حل! وإما كلانا مخطيئين وهذه أيضاً مشكلة ما لها من قرار! وأما أن أكون أنا المرأة على صواب! وعليه أيها القادم علي من عصر الظلام ان ترجع الى جحرك ولا تبقي لك أثراً يذكر!!! وإلا ؟!

 كلمتي موجهة فقط لك أيها المتأسلم الذي تنظر إلي من عليائك نظرة فوقية، ونسيت يوم خلقك الله من تراب خلقني وإياك من ذات الطينة، أما القول بانني مخلوقة من ضلعك الاعوج فهذه خرافة إسرائيلية مدسوسة في كتب الدين ولا يصدقها إلا كل ذي قلب سقيم!؟ وإلا ما الحاجة أن يخلق القادر على كل شيء من ضلع آدم -ولاحظوا الرواية تقول أن الله اقتنص الفرصة عندما كان آدم نائماً فخلق حواء من ضلعه المكسور-!!! عجباً لم يقتنص الله القادر على كل شيء فرصة نوم مخلوقه ليخلق حواء ألا يستطيع فعل ذلك وآدم مستيقظاً! ؟؟! خرافة ما بعدها خرافة ولكن لنمض في حديثنا فالمقام يقتضي حنكة وتدبيراً.

 ١- أيها الظلامي ألا تخجل أن تتصورني بهيمة! وتتباهي علي بأن الانبياء كلهم رجال! أنسيت أنني أم الانبياء! أرضعتهم عصارة فكري وربيتهم على صالح أخلاقي ونبت لحمهم من مبادئي وعقلي ؟ فأين كنت يوم حملتهم بين أضلعي؟! ويوم طُوردت لقتل جنيني!؟ أين كنت يوم أمر نمروذ الطاغية أن يفرق بين المرء وزوجه ؟! أين كنت يوم أخفيت حملي حتى لا تشعر بي عيون الطاغية فيكتشف أمري ؟! اين كنت يوم روحت ألتمس المغارة موضعاً لألد فيه طفلي؟ أين كنت يوم استودعت ربي طفلي أمانة تحرسه عيون الله من أن يصل إليه الاعداء ؟! أين كنت وأنا ألتمس طريقاً لرؤية فلذة كبدي بعيداً عن عيون العسس والحرس لاغذيه من روحي وقلبي ؟؟ أين كنت وخمسة عشر ة عاماً وأنا أبرأ بطفلي من ديانة وثنية، وعبودية للطاغية نمروذ الذي أدعى الربوبية ودعا قومه لعبادته ؟ أين كنت يوم وقف ولدي يتحدى الدنيا وما فيها ليثبت لهم أن الاصنام لا تضر ولا تنفع! قال الحق على لسان ولدي النبي( ع ):”قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ، أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ “. أين كنت يوم طُرد ولدي ابراهيم من بيته على يد ابيه آزر! لرفضه التوقف عن التهكم على اصنام لا تضر ولا تنفع وخُير بين عبادة الوثن أو الطرد من البيت!؟ قال تعالى:”قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا “. أوأمن آزر بالحق وترك عبادة الاصنام!؟ أم أن عقله الرجولي لم يهده الى الصراط المستقيم!! ؟ أين كنت يوم وقف ولدي إبراهيم النبي ( ع ) يثبت للعالم كله كذب وزيف ادعاء نمروذ الطاغية ويثبت أنه مخلوق لا خالق! إذ تحداه بربه الذي يحي ويميت، قال نمروذ أنا أبقي على هذا الرجل فأكون أحييته وأمر بقتل آخر فأكون أمته!؟ فتحداه ولدي النبي إذ قال ربي الذي يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب!! فبهت نمروذ! قال الحق:” أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ “.

فهل أمن الرجل العاقل نمروذ عندما ثبت بالدليل القاطع أن الله المحي المميت هو رب الخلق أجمعين ؟! رب المشرق والمغرب وإليه ترجعون ؟! وهل أمن قوم إبراهيم عندما رأوا المعجزات الالهية والنار العظيمة التي أضحت برداً وسلاماً على ابراهيم ( ع ) ؟! أم أمنت معه سارة تلك المرأة التي أصبحت فيما بعد زوج ابراهيم! فأين العقل منك أيها الظلامي!!؟… انا المتحدثة إليك أم أبي الانبياء ابراهيم ( ع )..

 ٢- وانا سارة التي ضحت بعواطفها وتغلبت على مشاعرها واحساسها بالنقص لعدم قدرتها على انجاب طفل تسر به بعلها وهو شيخ كبير، فتشجعه على الزواج من أمتها لعلها تصيب وتفلح في إنجاب ولد له يحفظ نسله ويعينه في دربه درب الانبياء!! وكان لها ما أرادت، فإذ بهاجر تنجب ولداً لابراهيم ( ع ) وسماه والده إسماعيل قال تعالى:” رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ “. وأنا التي بعد صبرها وعجزها وشيخوختها بشرها ربها بمعجزة منه بإسحاق ومن بعد إسحاق يعقوب وكلاً جعلهما ربي نبياً، قال تعالى:” فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ”. فأنا أم سلالة الانبياء وأنا المرأة التي شملتني رحمة ربي وبركاته إذ جعلني من أهل ابي الانبياء إبراهيم ( ع ) فأُذكر ويُصلى علي في كل صلاة إذ قال الملك العادل:” قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ “. فأنا أم إسحاق النبي ويعقوب المبتلى بولده يوسف، ويوسف النبي الفاضل هذا سبطي الذي جعله ربي على خزائن الملك أميناً مؤتمناً منصفاً في مملكة فرعون! أنا هذه المرأة العملاقة التي أنجبت هداة يهدون بأمر الله فأين أنت مني ؟!!!

 ٣- والآن قف وتأمل من أنا!؟ وحذاري أن تبخسني حقي! فأنا التي ابتليت بإبتلاء ما ابتلاه الله أحداً قبلي ولا أحداً بعدي! أنا المرأة الضعيفة، أنا الام الحنون التي قُذفت في ارض جرداء قاحلة لا ماء فيها ولا كلاء ولا أنيس استأنس معه وحشة القفاري ولا جان يبدد ظلمة الجبال السوداء! وتُركت هناك بلا معين سوى الله، وما معي من حطام الدنيا إلا قليلاً من الماء وبعض من تميرات!! خاضعة لامر ربي متيقنة بفرج من الله قريب، متسلحة بدعاء بعلي النبي إبراهيم، إذ قال الله تعالى على لسان نبيه إبراهيم ( ع ):” وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ “. ومعتمدة على هاتف خاطبني قائلاً:” لا تخافي الضيعة، فإن ها هنا سيكون بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه، فقري عيناً، إن الله لا يضيع أهله،” وأنا الممتحنة التي انفطر قلبي خوفاً على طفلي أن يهلك من العطش، فرحت أسعى جاهدة في طلب الماء بين الصفا والمروة، قاطعة كلاً منهما سبعة أشواط دون جدوى، وما يأست من رحمة ربي! وما أن انتهيت حتى وقع ناظري على الماء تلاعبها قدمي طفلي إسماعيل النبي، فزممت الماء زماً فسميت العين زمزم وجعلت بركة لما نوي لها! أنا المكرمة من ربي إذ حباني الله بمكرمات لم يكرم بها جنس الرجال خلا الانبياء ( ع )! عدا كوني الحاضنة التي احتضنت نبي الله إسماعيل! فطفلي هذا وابيه هما اللذان أوكل الله لهما بناء البيت الحرام تحرسهما عين الله، اذ قال الحق:” وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”. وهما اللذان شرفهما ربهما ببناء وتطهير المسجد الحرام من المشركين، اذ قال الله تعالى:” وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ “. كما قال:”وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ۖ وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ “. وأنا المرأة التي شرفت وكرمت وجعلت خطوات ابتلائي في مكة شعيرة من شعائر الحج!!؟ أوليس السعي بين الصفا والمروة من شعائر الحج ؟! أوليس الطواف حول المسجد الحرام شعيرة من شعائر الحج وبعلي وفلذة كبدي من رفعا قواعد الكعبة ودعيا الله أن يريهما مناسك الحج! قال الحق:” وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق “. أليس الذبيح الاول ولدي الذي افتداه ربه بذبح عظيم، قال تعالى:” فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ”.وأنا المرأة التي جاء الشيطان مهرولاً ساذجاً يستصرخني منع إبراهيم ( ع ) من طاعة أوامر ربه بمنعه ذبح ولدي ووحيدي إسماعيل فما كان مني إلا أن آيسته مني بردي عليه: أن إبراهيم نبي وما كان له أن يقدم على ذبح ولده إلا إنصياعاً لامر ربه! فذهب مجدداً إلى نبي الله لعله يثبطه ويحول دون تنفيذ أمر الله، فما كان من بعلي إلا رجمه بالحجارة! فأكرمني الله كما أكرم شيخي أبو الانبياء ابراهيم وولدنا إسماعيل بجعل خطوتنا هذه مباركة إذ أذن الله أن تكون شعيرة من شعائر الحج برمي الشيطان في كل موسم حج بجمرات عديدة ولا يصح الحج بدونها، كما كرمنا بجعل خاتمة الحج فريضة على كل مسلم ومسلمة أضحية تقدم قربان طاعة لله تعالى كما فعلنا آل إبراهيم! ثم كرمني ربي بأن جعل مثواي وقبري عند مقام إبراهيم وجعله ربي مصلى للطائفين والركع السجود، قال سبحانه وتعالى “: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى”.

أنتم معاشر الرجال تسيرون على خطاي في كل موسم حج فهل تنكرون هذا ؟! وهل انتهت مكرمات ربي عند هذا الحد ؟! لا والذي بنى السماء بغير عمد! ربي أكرمني وشرفني بسلالة الطهر المطهر فأنا لست فقط زوجة إبراهيم ابي الانبياء ولست أم إسماعيل النبي ( ع ) ولكني الأم الكبرى لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن مثلي إذا وقفت للعرض يوم الحساب ووقفتم أيها الرجال لحسابكم فإذا بي اختصم وإياكم أمام الجبار لهضم حقي في الدنيا على أيديكم!!ويكفيني شرفاً أن أقف مزهوة لأدعي أن الله لا يعذب جسداً كان وعاء اً لمحمد وأل محمد وسأقف بين سيد الخلق حفيدي وبين آله الاطهار أبنائي الذين لم يخلق الله نظراء لهم، وحال لساني يكاد يفضحوني من مثلي ؟! أتراك أيها الظلامي تجرؤ أن تنافسني قدري أو منزلتي..؟! رد علي إن استطعت ؟؟!

 ٤- وأنا الملكة التي رفضني قومي واستهجنوا أمر تنصيبي عليهم فلم يكن لوالدي ولد يخلفه وكانت الساحة لي من غير منافس! غير أن الملك ادغار طمع في مملكتي فجيش جيشاً عاث في مملكتي فساداً وخفت على نفسي من الاسر وهربت بادىء الامر، ولاحقاً دخلت عليه مدعية رغبتي في الزواج منه، وشرب الاحمق زهواً نخب انتصاره علي وإذعاني وخضوعي له! حتى إذا ما أخذ السكر منه كل مأخذ أغمدت خنجري في قلبه قاتلة إياه ومستعيدة مملكتي، أنا المرأة المستضعفة المهانة التي لم يرق للرجال الانطواء تحت ولايتي هي عينها التي أعادت للرجال كرامتهم وكبرياءهم ومملكتهم بحيلة بسيطة! قال تعالى” إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ.”أنا الموصوفة في كتاب ربي بالحكمة والعقل والرأي السديد إذ قال تعالى:” قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ،قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُوْلُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ “. أنا من استشارت الرجال ولم أتفرد بالرأي والقرار بل إستأنست برأي الحكماء والعقلاء وذوي الخبرة من الرجال، ومع ذلك اعتمدت على بصيرتي الثاقبة في التدقيق فيما تتسببه الحروب من نتائج كارثية على الامم المستضعفة والمهزومة! قال تعالى:”، قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ “. وكذلك أنا التي ادركت ان سليمان يظهر بين طيات لسانه ملكاً نبياً، فإن كان كذلك فلن يقبل هدية أنا مرسلة إياها لعلها تكشف لي صدق حدسي فيتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود، وحينئذٍ لا مفر من دخولي في دين الله أنا وقومي طواعية، وإما يخيب ظني فيكون ملكاً فيقبل الهدية ويتغاضى عن سائر الامور! وبهديتي أكسب سلامة قومي ومملكتي!،قال تعالى:”وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ “. وأنا التي حين دخلت صرح سليمان الممرد من قوارير، قال جل وعلا:”قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”. ورأيت المعجزة الإلهية المتمثلة في عرشي الذي تركته في سبأ موصد عليه الأبواب وإذا به أمامي عند سليمان ( ع ) فتلك معجزة أخرى فآمنت برب العالمين، وأيقنت فداحة خطأي وجريرتي المتمثلة بعبادة الشمس المخلوق بيد الله سبحانه وتعالى وأضحيت من العابدات التائبات. وقال الحق في أمري “: فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ،وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ، قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.” هذه أنا التي ما أن رأت برهان ربها أسلمت وايقنت أنه لا إله إلا الله ربي ورب سليمان ورب الخلق أجمعين، ولم أصر على قبيح عملي بل تداركتني رحمة الله وأسلمت لله رب العالمين، ومن ثم اتبعني قومي ودخلوا في دين الله أفواجاً! فكافأني ربي بأن جعلني من المكرمات وجعلني حليلة لنبيه سليمان، بل رغم كوني زوجة نبي إلا أن سليمان ( ع ) استبقاني على عرش سبأ حتى وافتني المنية بعد عشرين عاماً قتضيتها زوجة لنبي كريم، وسؤالي الى من يدعون أنهم جنس الله المختار..!! أأنتم الذين اصطفاهم ربهم أم أنا الأمة الضعيفة التي كانت سبباً في هداية قومها ؟! أأنا صاحبة فراسة وذكاء فطري هداني إلى الإيمان برب العالمين ؟! أم فرعون الرجل الملك الذي رأى من آيات الله الكثير ومع ذلك إدعى الربوبية ؟! أبصيرتي أحق أن تتبع أم طغيان وعمى فرعون الذي قاد قومه فما هدى ؟!؟

 ٥- أنا المرأة الضعيفة التي لا حول لي ولا قوة! وأنا الأمة من بني إسرائيل الذين استعبدهم فرعون مصر وأذلهم واستخدمهم سخرة، أنا من هؤلاء القوم،ولكن قوتي تكمن في إيماني بربي، فبعد أن رأى فرعون في المنام ما يخيفه وبعد تفسير المفسرين له بأن سيولد في بني إسرائيل ولداً يتسبب في القضاء على ملكه! فأمر بقتل كل الأولاد الذين يولدون في ذاك العام وبث العيون والقابلات للإبلاغ عن كل مولد صبي ليُقتل حال مولده! غير أن الله المحي المميت كتب لولدي النجاة على يد قابلة وقع حب هذا الطفل في قلبها لحظة ولادته، فأخفت الامر عن الجند والشرطة، ثم قُمتُ بصناعة التابوت كما أوحى إلي الله تعالى إذ قال:” إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى، أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي “. ولما أذن الله أن يقع ولدي في قبضة فرعون! أحدث الله تعالى أموراً كثيرة أولها ربط على قلبي ليقر عيناً! قال الله سبحانه في هذا الامر:” وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ “. كما أن الله قذف حب ولدي في قلب فرعون فأمسك عن قتله، وأنا الصابرة التي أرسلتُ ابنتها كلثم لتقص أثر أخيها وتحتال على فرعون إذ حرم الله المراضع على ولدي، فاقترحت كلثم عليهم ناصحة مرضعاً لن يرفضها، وحجتها رغبتها في رضا الملك ورجاء منفعته! فقبل منها حجتها! قال الحق:” وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ، وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ “. وأنا التي رد الله علي ولدي كما وعدني إذ قال سبحانه:” فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ “. أنا أم موسى النبي ( ع )الذي ارضعته المبادئ والاخلاق فشب راشداً محسناً جديراً بأن يكون كليم الله ( ع )، قال الحق:” وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ “. وأنا أم النبي البار بأهله إذ ألتمس من ربه أن يجعل أخاه شريكاً له في النبوة وأن يجعله سنداً له وعضداً، قال الحق:” وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا، وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا، إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا “. أنا المرأة التي ذُكرت في القرآن كتاب ربي، ومُجدت فيه ومُجد أبنائي الذكور منهم والبنات، أضف إليه زوج ابني، بنت النبي شعيب ( ع )، فمن من الرجال يناطحني مجدي!

 ٦-أنا كريمة النبي شعيب ربيبة الأخلاق والقيم، أناوأختي اللتان قمنا برعاية شيخنا النبي الطيب شعيب ( ع ) الذي منعه الكبر من ممارسة مهامه الاسرية فحملتها وأختي دون كلال أو ممل، فكنا نقوم بمهامنا كلها عن طيب خاطر، كما كنا نطلب الماء غير غافلين عن قيمنا ووضعنا فلا نزاحم أحداً حتى يخلو المكان من الرعاء فنستسقي الماء لوالدنا، ودام الامر كذلك حتى ورد الماء رجل كريم فاستسقى لنا الماء، قال تعالى: ” وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا “. وأنا التي جئته على استحياء حاملة دعوة والدي ليشكره على فعله النبيل، قال سبحانه:” فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا “. وأنا التي أبصرت ببصيرتها الثاقبة كون هذا الرجل دمث الاخلاق مؤتمن على الاعراض والمال، وهو على القطع سامي الاخلاق، وأنا التي اقترحت على والدي استئجاره معللة مقترحي بأنه القوي الأمين، قال تعالى:” قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ “. وأنا التي أكرمني ربي فجعله بعلاً لي وأباً لاولادي، أنا بنت نبي شعيب ( ع ) وزوج لكليم الله موسى ( ع ).

 ٧- أنا الملكة أسيا بنت مزاحم، من مثلي من الرجال أستطاع خلع تاج الملك، والرضا بالعبودية لله الواحد القهار! خلعت تاج الملك راضية سعيدة إذ هداني عقلي وفكري إلى سلوك الصراط المستقيم والتخلي عن ملك زائف زائل عما قريب، كل حصادي ذاك من فضل ربي الواحد الأحد، تخليت عن عبادة فرعون الإله الزائف رغم المخاطر المحيطة بي واستترت عن العيون عابدة ساجدة لله رب العالمين.

 ولنبدأ حكايتي من يوم مجيد في تاريخ الانسانية يوم قذف اليم بتابوت موسى وهو طفل رضيع! وأتخذته قرة عين لي وولداً -إذ حرمت من نعمة الاولاد- ومَنَعْتُ بذلك قتله! قال تعالى:” وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ”. أنا أم موسى الثانية أحببته رضيعاً واشتركت في تربيته طفلاً مدللاً مطاعاً، وأنا التي أمنت برب موسى وهارون وكتمت إيماني حتى افتضح أمري، وجن جنون فرعون! أأمراته تجرؤ على التخلي عن عبادته وتتبع ذاك المهين ولا يكاد يبين!؟ ( استغفر الله رب وأتوب إليه ) قال تعالى:” وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ، أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ، فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ “. فهل أمن فرعون الرجل برب العالمين أم أخذته العزة بالإثم ووقف مختالاً مستكبراً!! وادعى أنا ربكم الأعلى! قال العلي الأعلى:” فَكَذَّبَ وَعَصَى، ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى، فَحَشَرَ فَنَادَى، فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى “. كما قال سبحانه:” وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ “. وعندما توالت عليه آيات الله الواحدة تلو الأخرى تستصرخ عقله وقلبه، ويلك أمن!؟ أليس لك عقل رشيد؟ أم ليس لك فؤاد يستنصحك فتتبع الهدى ؟! أم إنك بهيمة تساق بالهوى وبزخرف الحياة الدنيا إلى جهنم وبئس المصير ؟! وغرورك الذي زين لك قبيح فعلك فأرداك جنهم! وتقدمت قومك تسوقهم سوء العاقبة!؟ قال ربنا الأعلى:” فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ، فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآَخِرِينَ “. وقال الجبار المنتقم:” وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ،وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ “. ألم أكن أنا الأمة في حظيرة فرعون الملك السيد المطاع! فلم هداني عقلي الانثوي إلى الصراط المستقيم، وخرجت من طاعة الرجل الذي سقاني أصناف العذاب وغرسني بأوتاد في الأرض وكتم أنفاسي بصخور ثقيلة في وزنها خفيفة في ميزان إيماني بالواحد الاحد! فتجرعت الغصص صابرة محتسبة نفسي عند الله، والالم يعصف بي وأنا مبتسمة راضية برضا ربي، سائلة المولى تقبل هذا اليسير مني، ومتوسلة رضاه وبيتاً في جنة المأوى، قال رب الآخرة والأولى:” وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ “. أنا الشهيدة التي فاضت روحها باسمة راضية مرضية إذ أكرمني ربي وشرفني برؤية رضاه علي متجسداً ذلك ببيت لي في الجنة قبل أن تفارق روحي جسدي المثقل بالجراح!

قل لي بربك أيها الظلامي! ألم تكن الفرص مطروحة أمامي وأمام فرعون على نحو متكافئ ؟! فلم عقلي الصغير هداني إلى رؤية أيات ربي وتصديقها والإيمان بها والتسليم لرب العالمين! ولم يرها فرعون رغم أنه المتقدم علي في الإطلاع على الأيات كلها وخصوصاً الأيات الكبرى منها!؟ قال تعالى:”فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى،فَكَذَّبَ وَعَصَى “. والآن أأنا خير أم فرعون وملائه ؟! أأنا المؤمنة خير أم ذاك الذي عصى ربه، وحجد أنعم الله عليه، وكفر بآيات الله ؟! ما لكم كيف تحكمون ؟!

ـ يتبع ـ

الأربعاء ١٠ ـ ٣ ـ ١٤٣٤ هـ

الكاتب الأستاذة أم عزيز (سلوى الشيخ علي)

الأستاذة أم عزيز (سلوى الشيخ علي)

مواضيع متعلقة