من الإعجاز الخلقي في جمجمة الجنين و الرضيع
وأن داخل هذا الرأس يسكن ويتربع دماغ مركز العصب في جسم الإنسان، لا غير. ولكن الأمر هو أوسع وأعظم من ذلك بكثير. فهذا الرأس أصل قوامه جزء رئيسي من الهيكل العظمي للإنسان، وهو في غاية من التعقيد والإبداع الهندسي يسمى الجمجمة. ونحن في هذه العجالة سوف نتطرق للحديث عن جزء من أجزاء الجمجمة وهو القحف لنتبين شيئا من الإعجاز الإلهي في خلقها وتركيبها ونستظهر عظمة الخالق وسعة علمه وجميل صنعه .
الجانب الخلقي والتشريحي
مما تتكون جمجمة الجنين والرضيع تشريحيا ؟ تتكون جمجمة الجنين والرضيع من مجموعة متباينة من العظام صممت بشكل هندسي محكم بما يكفل نمو وسلامة الطفل فيما قبل وبعد الولادة . والحديث عن هذا الجانب في البداية أمر مهم جدا حتى يتسنى للقارئ الكريم تصور الدقة العظيمة في خلق الله، ويسهل عليه إدراك مدى الإعجاز الإلهي الحكيم وقدرته اللامتناهية. ويقسم علماء التشريح الجمجمة إلى :
1 – القحف Cranium
وينقسم القحف بدوره إلى جزء علوي رقيق يسمى قبوة القحف Vault of the cranium وجزء سفلي صلب يدعى قاعدة القحف Base of the cranium .
2 – الوجه Face
مرحلة تخلق الجمجمة :
تبداء المراحل الأولى لتخلق الجمجمة منذ الإسبوع السادس من الحمل أثناء الطور الجنيني. وفي الإسبوع العشرين تتضح تشريحيا صورة المنشاء النسيجي لعظام جمجمة الجنين، إما أن تكون غشائية المنشاء Membranous أو غضرفية المنشاء Cartilaginous . و يلعب المنشاء دورا كبيرا في تركيب العظام ووظيفتها .
عظام الجمجمة :
يبلغ عدد عظام الجمجة عند البالغين إلى 22 عظما مقسمة كما يلي :
أ ) القحف Cranium
( وعددها 8 أعظم، نذكرها بالتفصيل لأهميتها في الموضوع )
العظم الجبهي Frontal bone وعددها 1.
العظم الجبهي Frontal bone وعددها 1 .
العظم الجداري Parietal bone وعددها 2 .
العظم القفوي Occipital bone وعددها 1 .
العظم الصدغي Temporal bone وعددها 2 .
العظم الوتدي Sphenoid Bone وعددها 1 .
العظم المصفوي Ethmoid bone وعددها 1 .
وتتشكل قبوة القحف (وهي ذات منشاء غشائي على الأغلب) من العظم الجبهي والعظمين الجدارين والجزء القشري من عظمتي الصدغ والعظمة القفوية مجتمعة . وهي عظام رقيقة مسطحة تتخللها مفاصل رخوة تسمى بالدروز Sutures والتي تتوسع في عدة أماكن لتشكل مناطق طرية مغطاة بأغشية ليفية تسمى باليوافـيخ (توجد ستة يوافيخ عند الولادة) وأهمها اليافوخ الأمامي Anterior fontanel واليافوخ الخلفي Posterior fontanel . ومع نمو الطفل تبداء هذه العظام المنفصلة بالالتحام وتلك اليوافيخ بالانغلاق .
وأما قاعدة القحف (وهي ذات منشاء غضروفي على الأغلب) فتتكون من العظم الوتدي و العظم المصفوي والجزء الحلمي والصخري لعظمتي الصدغ والجزء القاعدي (السفلي) والجانبي للعظمة القفوية.
وهي عظام صلبة ثابتة وملتحمة فيما بينها. وتوجد في هذه المنطقة السفلية من القحف فتحة يمــر عــبرها النخاع الشـوكي ليصل إلـى الدماغ المستقر داخـــل القحف، كما توجد فتحات أخرى صغيرة ومتعددة في هذه المنطقة السفلية بحيث تمر من خلالها كثيرا من الأعصاب والأوعية الدموية. ومن الجهة الأمامية فإن هذا الجزء من القحف يكسو جزءا من العين، وجزءا من الأذن الوسطى، وبصلة عصب الشم.
ب ) الوجه Face (وعددها 14 عظماً) .
الدلائل الإعجازية
أولاً: إن حجم رأس الجنين بالنسبة إلى سعة حوض الأم يعد كبيرا مما يشكل عسراً في الولادة. لذا شاءت الحكمة والإرادة الإلهية أن تكون عظام قبوة القحف من جمجمة الجنين غير ملتحمة فيما بينها وتوجد بينها اتساعات رخوة ليفية، مما يساعد عظام القحف على الانضغاط والانزلاق تحت بعضها البعض فيؤدي ذلك صغر محيط الرأس وتسهل الولادة، ثم يعود وضع الرأس إلى حالته الطبيعية بعد سويعات من الولادة بدون أدنى ضرر على الطفل. ولولا ذلك ما كان لحواء أن تصبح أماً ولا لآدم أن يصير أباً.
ثانياً: ذكرنا بأن أرضية قاعدة القحف تتكون من عظام قوية وثابتة لكونها ملتحمة مـع بعضها البعض والجنين لم يزل في رحم أمه. فلو كانت عظام هذه الأرضية بنفس التكوين والصفات لما لعظام قبوة القحف من قابلية الضغط والانزلاق لتهتك الدماغ وانقطع الحبل الشوكي وتقطعت باقي الأعصاب والأوعية الدموية المارة من خلال الفتحات المتعددة الموجودة في قاعدة القحف من الجمجمة مما يؤدي إلى موت الجنين أثناء عملية الولادة ، بعدما حملته أمه في بطنها وعانت ما عانت خلال تسعة أشهر وارتبطت روحها بروحه، وتـعلق قـلبها بـحب، وتـطـلـعت نـفسها لـرؤيته،
ولما تحققت الغاية الربانية من تكاثر الجنس البشري. بل ويؤدي عدم تخلق هذه الأرضية بالشكل المناسب إلى تضرر الحواس الثلاث الرئيسية وهي السمع والبصر والشم مما يشكل حالة من العجز والانقطاع الكبير عن السعي في الأرض وتحصيل المعرفة، فلا يتحقق بذلك مبدأ الخلافة الإلهية على الأرض وسوف يصبح الخلق عبثاً.
ثالثاً: إن دماغ الطفل الرضيع ينمو بسرعة خلال السنة الأولى من عمره. فمحيط رأس الطفل حديث الولادة يتراوح ما بين 32 – 35 سم، ويصل إلى 44 سم عند عمر ستة أشهر ، وإلى 47 سم عند بلوغه السنة الأولى من العمر. وبسبب وجود الدروز بين عظام قبوة القحف وعدم التحامها في جمجمة الطفل الرضيع، ووجود اليوافيخ وعلى الخصوص اليافوخ الأمامي والخلفي أمكن للدماغ أن ينمو بصورة صحية سليمة. أما لو كانت العظام ملتحمة عند الجنين أو بعد الولادة فسوف ينمو الدماغ في وسط قاس وضمن مستوى محدد ، فينتج عن ذلك ارتفاع في مستوى الضغط القحفوي وضمور المخ وصغر حجم الرأس والإعاقة العقلية والعصبية والجسدية. وأنى والحال هذه يتأتى لبني البشر أن يعمروا الأرض ويتحملوا عبىء رسالة السماء.
ولا شك أن فيما ذكرناه وهو في واقع الأمر قطرة من بحر وغيض من فيض. وللقارئ أن يتأمل فيما سطرناه بما يقوي به يقينه بخالقه وينفض به غبار الشك عن عقله . وهل يبقى بعد ذلك مجال للشبهة أو حجة لمن يدعى أصالة الصدفة في نفي حقيقة الخالقية المبدعة الحكيمة ؟ والإنسان بما هو مخلوق يحكي عن عظمة الخالق، قال تعالى: (وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) الذاريات: آية 22 ، وقال عز من قائل في سورة التين : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) آية 4 .
المصادر العلمية (References) :
1- Keith L. Moore : The Developing Human Clinically Oriented Embryology .
2- Richard S. Snell: Clinical Anatomy.
3- Kliegman Behrman J. S. : Nelson Textbook Of Pediatrics .
4- Hacker/ Moore : Essentials Of Obstetrics and Gynecology .
5- Different Scientific Internet Web-pages >