بحث حول عباد الرحمن
حسين آل إسماعيل
قال الله تعالى في سورة الفرقان آية ٦٣: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾
انطلاقا من هذه الآية المباركة نتحدث حول ثلاثة محاور وهي ما يلي:
١/ ما هي أنواع العباد؟
٢/ ما هو تعريف الجاهل؟
٣/ كيف يُخاطب الجاهل؟
العباد نوعان وهما على النحو التالي:
أ/ العبد التكويني: وهو الذي يعبد الله تعالى شاء أم أبى وهو يذكر ويسجد، كما قال الله تعالى في سورة الرعد آية ١٥: ﴿وَلِلهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾.
واختلف المفسرون في كيفية عبادة الجمادات والكواكب وغيرها، وكيفية تسبيحها لله تعالى على قولين وهما ما يلي:
القول الأول/ من المفسرين مَن حمل معنى التسبيح والعبادة على المجاز، بمعنى أن نفس حركتها الكونية المنظمة، كما أمرها الله تعالى هي تسبيح وعبادة.
القول الثاني/ منهم مَن حمل معنى التسبيح والعبادة على الحقيقة أي أن لهذه الكواكب والجمادات وغيرها عبادتها الخاصة وتسبيحها الخاص بها.
ب/ العبد التشريعي: وهو الذي يتعبد ويطلع الأوامر الإلهية، وهذا النوع هو حر حتى لو كان عبداً بخلاف الأول هو عبد حتى لو كان حراً. وبعبارة أخرى فالعباد الأحرار هم الذين يرفضون العبودية لغير الله تعالى من الطواغيت والجبابرة، فهؤلاء هم الأحرار حتى لو كانوا مملوكين لغيرهم. وأما أولئك الذين يخرجون عن طاعة الله تعالى ويطيعون أسيادهم الظالمين فأولئك هم العبيد حتى ولو كانوا في الظاهر أحراراً.
الجاهل
هو الذي لا يتصرف التصرف الصحيح وإن كان عالماً، وبعبارة أخرى إن الجاهل هو الذي يتبع هواه ويخالف أمر مولاه وإن كان عالماً. روي في كتاب ميزان الحكمة باب الجهل ص٤٦٤ عن النبي الأعظم|: «إن الجاهل من عصى الله وإن كان جميل المنظر عظيم الخطر».
أما كيفية مخاطبة الجاهل في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ﴾ فهي تكون على عدة صور وأشكال منها ما يلي:
١/ الاعتداء باللسان: إن كثيراً من الجهلاء لا يمتلكون لسانهم ولا ينجو من لسانهم حتى المقربون منهم. يقول الإمام الصادق×: «الجاهل أسير لسانه».
٢/ الاعتداء بالليل: قد لا يكتفي هذا الجاهل من إيذاء الناس بلسانه فيتطاول بيده.
٣/ السؤال بقصد الاستهزاء: عندما يريد السؤال عن مسألة فإنه يسأل لا بقصد التعلم وإنما بقصد السخرية كما سأل الأشعث مولانا أمير المؤمنين× وهو على المنبر يقول: «سئلوني قبل أن تفقدوني». فقام إليه الأشعث وقال له: كم شعرة في لحيتي. فرد عليه أمير المؤمنين× وقال: «تحت كل شعرة شيطان يلعنك».