وحدة الجماعة ضرورة إسلامية ـ 04
الشيخ الدكتور أحمد الوائلي
دوافع الهجوم على الشيعة
إذن من غير المعقول أن يعتمد إنسان عاقل على فرية تجسدها رواية مفتراة، أو رأي مكذوب، أو نية مبيّتة سيئة، أو غرض خبيث ومريض لا يصمد أمام الواقع الذي يكذبه تكذيباً تامّاً وكاملاً، ثم بعد ذلك يتمسك بهذه الفرى والادعاءات دون أن يحتكم إلى عقله وإلى الواقع الذي يعيشه، فإن تم هذا فإنه إنما يدل على أن هناك نوايا سيئة مبيّتة، وأغراضاً خبيثة مخططاً لها من أجل تحقيق هذا الهدف الخبيث، وهو بث الفرقة بين المسلمين. ولهذا فإننا نقول: إن المتبادر والمفهوم من آية المقام الكريمة أن مثل هذا لا يعبد الله تبارك وتعالى أبداً، بل إنه يعبد هواه الشيطاني، ويتّبع هدفه الخبيث المريض، ويجري خلف غرضه السيّئ.
وهذا ما سوف نرصده واضحاً من خلال بيان الأهداف والدوافع التي تكمن وراء مثل هذه الادعاءات المريضة، ومنها:
الدافع الأول: الحقد والبغض
فبعض هؤلاء الذين يقومون بهذا الدور القذر والخبيث إنما يقومون به انطلاقاً من حقدهم الكامد في نفوسهم، وبغضهم المستعر في قلوبهم ضدّ طائفة عريضة من أبناء المسلمين، لا لشيء إلّا لأنهم لا يقولون بمعتقده، أو بما يذهب إليه من آراء؛ سواء على مستوى الاعتقاد، أو على مستوى الفروع المتمثّلة بالأحكام الشرعية. فهؤلاء نتيجة حقدهم وبغضهم وكرههم يقومون بمثل هذا الدور حتى يطفئوا نار صدورهم، ويشفوا غيظهم وغليلهم منا مع ما يترتب على هذا الأمر مما أشرنا إليه، وهو البعد عن الله تبارك وتعالى وتحصيل غضبه وانتقامه، وكذلك عن رسولنا وحبيبنا الأعظم محمد بن عبد الله|.
الدافع الثاني: الأموال
ثم إن هؤلاء حتماً هم من ذوي النفوس الضعيفة التي تخضع لهواها وتلهث وراء حطام الدنيا ومتاعها فتشتري بوحدة المسلمين ثمناً قليلاً تأخذه من اُولئك الذين يقفون وراءه بتحقيق هذا المشروع إزاء القيام به وجعل أنفسهم أدوات رخيصة مبتذلة لتنفيذه لهم مقابل مبالغ مالية يملؤون بها جيوبهم؛ ليتمتعوا في هذه الحياة على حساب الحق، وعلى حساب دين الله سبحانه وتعالى ورضوانه.
الدافع الثالث: السلطة
أي أن هؤلاء يسعون دائماً وأبداً من أجل الحصول على منصب يبقيهم فيه أسيادهم، ومن يقف وراءهم من أجل تحقيق هذا الهدف، فيسعون إلى تحقيقه وإن كان فيه غضب الله تبارك وتعالى وسخطه. فمن المعروف أن الإنسان تضعف نفسه أمام غريزة السلطة؛ ولذا فإن البعض على استعداد كامل لأن يفعل أي شيء حتى وإن كان فيه غضب الله تبارك وتعالى والابتعاد عن رحمته وعبادته، فيبيع نفسه فضلاً عن أهله وإخوانه، ودينه ومعتقده من أجل الوصول إلى أهدافه، ومنها الكرسي والمنصب.
نعم، إن هذا الإنسان إذا ما قُيِّض له من يحقّق له هذا الهدف، فإنه سوف يبيع نفسه وكل غالٍ وثمين عنده له، بل للشيطان من أجل الحصول على هذا المنصب. فهو لا يتوانى إذن، ولا يتردّد في أن يسعى إلى تمزيق وحدة الجماعة والمجتمع من أجل الحصول على مبتغاه، والوصول إلى هذا الهدف الدنيوي الضحل والضئيل.
وانطلاقاً من هنا فإننا نقول: إن هذا إنما يسعى إلى عبادة غير الله تبارك وتعالى، وهي عبادة الغريزة المتمثّلة بالدوافع السلبية الثلاثة المذكورة آنفاً دون أن يكون ممن يعبد الله تبارك وتعالى أو يتوجه إليه بالطاعة والامتثال. وهذه الغرائز كما ذكرنا تتجسّد في حبّ المال، أو حبّ الجاه، والسلطان، أو الحقد الكامن وراء هذه المهاترات التي يبديها هؤلاء.
الدافع الرابع: الجهل
إن هؤلاء إن أردنا أن نحسن الظن بهم، فإننا نقول: إنهم إنما يسعون إلى تحقيق هذا الأمر نتيجة جهلهم وانخداعهم بغيرهم دون وعي منهم بخطورة هذا الأمر الذي يؤدّونه، ودون التفات إلى خطورة ما يقومون به كونه أمراً يترتب عليه نتيجتان سلبيتان:
الاُولى: تحقيق هدف أعداء الإسلام، وهو القضاء على وحدتهم.
الثانية: الابتعاد عن الله تبارك وتعالى، وعدم التوجّه إليه بالعبادة، بل عبادة هذا الهدف السيّئ نفسه؛ وبالتالي دخولهم في دائرة غضبه جل شأنه. وبهذا فإن هؤلاء نتيجة جهلهم وعدم توجههم إلى خطورة هذه الأساليب الخبيثة، وخطورة نوايا أصحابها المريضة فإنهم إنما يصبحون أدوات بأيدي هؤلاء لتحقيق هذا الهدف الذي سعى أعداء الإسلام إلى تحقيقه منذ أن أنزل الله تبارك وتعالى دينه على هذه الأرض.
يتبع…