مأساة الإمام الحسين (عليه السلام) والتجديد الأدبي

img

الشيخ الدكتور أحمد الوائلي

وهذه العادة التي جرت عندهم وفي تاريخهم قد وصلتنا عنهم بعد أن بلغت حدّ التواتر الذي لا يمكن أن ينكره أحد. وقد أخذ اُدباء الطفّ هذا المعنى ونقلوه إلى واقعة كربلاء؛ حيث إنهم استفادوا من تلك الرؤية التي كان العرب عليها، وهو أنهم حينما يمرّون على قبر كريمٍ فإنهم ينحرون عنده أعزّ ما لديهم من الإبل، مطورين تلك الفكرة مع قبر الإمام الحسين× بما أنه أكبر من كلّ كريم بما قدّم من تضحية في سبيل الدين، وبما يمتّ به من نسب إلى رسول الله|، وبما يمثّل من عنفوان الإسلام وعزّته وكرامته؛ ولهذا فإن نحر الابل الجُزُر على قبره لم يعد أمراً كافياً، ومن هنا ابتكر اُدباء الطف أمراً جدّدوا فيه هذه النظرة أو هذه الرؤية، وجدّدوا فيه ما يمكن أن يعقر في ذلك الضريح المقدس، يقول أديبهم:

خليلي هل من وقفة لكما معي *** على جدث أسقيه صيّب أدمعي
ليروى الثرى منه بفيض مدامعي *** لأن الحيا الوكّاف لم يكُ مقنعي
خليليّ هبّا فالرقاد محرّم *** على كل ذي قلب من الوجد موجعِ
هلُما معي نعقر هناك قلوبنا *** إذا الحزن أبقاها ولم تتقطعِ
هلمّا نقم بالغاضرية مأتماً
*** لخير كريم بالسيوف موزّعِ([1])

وأوّل قلب عقر على ثرى ضريح الإمام الحسين× هو قلب الحوراء زينب÷ الطاهر، وقلوب بنات السيدة الزهراء÷ حينما رجعت السبايا من الشام، فقد جاءت اُخت الإمام الحسين× ووضعت رأسها على قبر أبي عبد الله×.

________________________

([1]) الأبيات للشيخ محمد حسين الحلي. أدب الطف 9: 144.

الكاتب الشيخ الدكتور أحمد الوائلي

الشيخ الدكتور أحمد الوائلي

مواضيع متعلقة