بحث حول دحو الأرض ٢٥ ذي القعدة
حسين آل إسماعيل
قال الله تعالى: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذٰلِکَ دَحَاهَا﴾.
▪️ ما هي معاني الأرض في القرآن الكريم؟
▪️ ما هي بعض الأحكام الفقهية للأرض؟
▪️ ما هو المعنى المراد كلمة دحو الأرض؟
وردت كلمة الأرض في القرآن في عدة موارد ويختلف معناها من مورد إلى آخر، ومن تلك المعاني ما يلي:
1- أرض مصر: كقوله تعالى في سورة يوسف آية 55: ﴿اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾.
2- أرض بني قريضة: كقوله تعالى في سورة الأحزاب آية 27: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً﴾.
3- أرض القيامة: كقوله تعالى في سورة الزمر آية 69: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ﴾.
4- الأرض بمعنى القبر: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً﴾.
5- جميع أراضي الدنيا: كقوله تعالى في سورة هود آية 6: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾.
وللأرض عدة أحكام فقهية ذكرها الفقهاء في رسائلهم العملية، ومنها ما يلي:
1 ـ للسجود: ورد في صحيح البخاري 149 / 1 حديث 2 عن النبي الأعظم| أنه قال: «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً».
2 ـ للتيمم: قال الله تعالى في سورة النساء آية 43: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً﴾.
3 ـ مطهرة: فالأرض من جملة المطهرات بشروط معينة ذكرها الفقها في رسائلهم.
ذكر العلماء وأهل التفسير أن لدحو الأرض عدة معاني وهي ما يلي:
1- الدحو بمعنى الخلق والإنشاء: فيكون معنى قوله تبارك وتعالى: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذٰلِکَ دَحَاهَا﴾.
دحاها : يعني خلقها وأنشأها.
ويترتب على ذلك المعنى أن الله خلق السماء أولاً، ثم خلق الأرض، والدليل على ذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا﴾.
2- الدحو بمعنى البسط والمد: فيكون معنى قوله تبارك وتعالى: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذٰلِکَ دَحَاهَا﴾.
دحاها: بسطها ومدها وهيأها لكي يحيا عليها الإنسان، ويتمكن من الاستفادة منها، وهذا المعنى تؤكد عليه الآيات القرآنية التي في سورة النازعات وهي: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾.
سمكها: أي سقفها.
سواها: رتب أجزاءها.
أغطش: أظلم ليلها.
أخرج: أبرز ضحاها.
أرساها: ثبتها.
3- الانفصال: فإن الأرض كانت تابعة للشمس، ثم انفصلت عنها. هذا الانفصال يسمى بالدحو.
وتعود أهمية يوم دحو الأرض لعدة أسباب:
1- ولد في ليلته إبراهيم وعيسى: ورد في وسائل الشيعة 449 / 10 عن الحسن بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي وأنا غلام، فتعشينا عند الرضا× ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة، فقال له: «ليلة خمس وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم× وولد فيها عيسى بن مريم’».
2- يوم يشتمل على عدة أعمال: يوم دحو الأرض يشتمل على عدة أعمال منها:
أ) الغسل: يستحب الغسل فيه قربة إلى الله تعالى.
ب) الصوم: ولهذا الصوم ثواب عظيم يتمثل فيما يلي:
أولاً: يكتب للصائم عبادة مئة سنة: ورد عن عبد الرحمن السلمي عن أمير المؤمنين× قال: «من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة، فله عبادة مئة سنة صام نهارها وقام ليلها».
ثانياً: يكتب له صيام ستين شهراً: ورد في وسائل الشيعة: «من صام ذلك اليوم، كان كمن صام ستين شهراً».
ثالثاً: يكتب له كفارة سبعين سنة: ورد في وسائل الشيعة 450 /10 عن موسى بن جعفر× قال: «من صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة».
رابعاً: نصوم تأسياً بالمعصوم: ورد في وسائل الشيعة 450 / 10 عن محمد بن عبد الله الصيقل قال: خرج علينا أبو الحسن الرضا× في يوم خمس وعشرين من ذي القعدة فقال: «صوموا فإني أصبحت صائماً».
ج) الدعاء الخاص: ورد في إقبال الأعمال ص 312 يدعى في يوم الخامس والعشرين من ذي القعدة بهذا الدعاء: «اللهم داحي الكعبة، وفالق الحبة، وصارف اللزبة، وكاشف الكربة…» إلخ.
د) صلاة يوم دحو الأرض: ركعتان تصلّى عند الضحى، بالحمد مرّة، والشمس خمس مرّات، وتقول بعد التسليم: «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بِاللهِ الْعَلىِّ الْعَظيمِ ، ثمّ تدعو وتقول: يا مُقيلَ العَثَراتِ اَقِلْني عَثْرَتي، يا مُجيبَ الدَّعَواتِ اَجِبْ دَعْوَتي، يا سامِعَ الأَصْواتِ اِسْمَعْ صَوْتي، وَارْحَمْني وَتَجاوَزْ عَنْ سَيِّئاتي، وَما عِنْدي يا ذَا الْجَلالِ وَالاكْرامِ».