أفراد المجتمع في ظل هذا الوباء

img

من الملاحظ أنَّ أفراد المجتمع في هذه الأيام التي نعيشها في ظل انتشار هذا الوباء على عدة أقسام:

القسم الأول/ مَنْ يتقيَّد بالتعليمات الطبيَّة بالبقاء في المنزل والمكث في البيت واستعمال المُعقِّمات ولبس القفَّازات والكمامات ويقتصر على هذا المقدار فقط.

القسم الثاني/ مَنْ يلتزم بالأمور الروحيَّة كالدُّعاء والتَّوسل وزيارة المعصومين^ والتضرع إلى الله جلَّ وعلا ولكنَّه يُهمل كلام الأطباء ولا يُطبقه فالأطباء ـ مثلاً ـ يمنعون من التصافح المباشر في فترة انتشار الفيروس لِمَا له من آثار سلبية وهو يتصافح دون مبالاة، والأطباء يحثُّون على استعمال المعقم الطبي وهو يترك استعماله وغير ذلك من الأمور التي يُوصي بها أهل الاختصاص وهو يُهملها.

القسم الثالث/ مَنْ يُهمل في الجانبين فلا يتقيَّد بكلام الأطباء وأهل الاختصاص وأهل الخبرة في مجال الطب، ولا يستغل أوقاته في الدعاء والتضرع لله جل وعلا أو التوسل بأهل البيت^.

القسم الرابع/ مَنْ يتقيد بالجانبين فمِن جهة أنَّه يتقيد بكلام الأطباء ويُطبيقه تطبيقًا تامّاً، ومن جهة أخرى يلجأ إلى أولياء إلى محمد وآل محمد متوسلًا بهم إلى الله تعالى في زوال هذا المرض.

وهذا القسم هو المطلوب، لأمرين وهما ما يلي:

١/ لأنَّ الأحاديث النبوية  والروايات الشريفة تحث على التقيًّد بكلام الطبيب الحادق ولذلك رُوِيَ عن النبي الأعظم‘ أنه قال: «إذا كان الطبيبُ حادقًا والمريضُ ممتثلًا ذهب الدَّاء».

فالحديث يفرض معادلة ذات طرفين تتكون مِن فهم الطبيب وامتثال المريض وبهما يزول المرض.

٢/ لأنَّ التوسل إلى الله تعالى مِمَّا حثَّت عليه روايات المعصومين^، وحثَّ عليه مراجعُنا حفظهم الله وأيَّدهم وأذكر شاهدين فى ذلك وهما كما يلي:

أولاً/ رُوِيَ في بحار الأنوار ج٩٨ / ١١٤ + ١١٥ ح٣٤ عن أبي هاشم الجعفري رضوان الله عليه أنَّه قال: دخلتُ على أبي الحسن  الهادي× وهو محموم عليل، فقال: «يا أبا هاشم ابعث رجلاً من موالينا إلى الحائر يدعو الله لي»، فخرجتُ مِن عنده فاستقبلني علي بن بلال فأعلمتُه ما قال الإمام× وسألته أنْ يكون هو الرجل الذي يخرج، فقال: السمع والطاعة ولكنني أقول: أنه أفضل مِن الحائر إذا كان بمنزلة مَنْ في الحائر ودعاؤه لنفسه أفضل من دعائي له في الحائر، فأعلمته ما قال لي فقال×: «قل له: كان رسول الله‘ أفضلَ مِن البيت والحجر وكان يطوف بالبيت ويستلم الحجر، وإنَّ لله تبارك وتعالى بقاعًا يُحب أنْ يُدعى فيها فيجيب لِمَن دعاه والحائر منها».

ثانياً/ حادثة حول زيارة عاشوراء وآثارها العجيبة ذكرها المرحوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري (قدَّس الله نفسه الزكية) يقول: «عندما كنت مشغولاً بدراسة العلوم الدينية في مدينة سامراء، أُصيب أهل تلك المدينة بمرض الوباء وكان في كل يوم يموت عدد كثير منهم، وفي ذات يوم عندما كنتٌ في بيت أستاذي المرحوم السيد محمد الفشاركي (قدَّس الله نفسه الزكية)، وكان هناك عدد من أهل العلم إذ دخل المرحوم آقا محمد تقي الشيرازي (قدَّس الله نفسه الزكية)، وكان من حيث المقام العلمي بدرجة المرحوم آية الله الفشاركي، وبدأ الكلام عن الوباء والطاعون وأنَّ كل الناس معرضون لخطر الموت. فقال آية الله المرحوم الفشاركي (قدَّس الله نفسه الزكية): إذا أصدرتُ حُكماً هل ينفذ؟ ثم قال: هل تعتقدون بأنِّي مجتهد جامع لشرائط الاجتهاد؟ فقال الجالسون: نعم. فقال: أنّي آمر شيعة سامراء بأنْ يلتزموا بقراءة زيارة عاشوراء لمدة عشرة أيام، ويهدون ثوابها إلى روح السيدة نرجس خاتون الطاهرة، والدة الإمام الحجة (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، ويجعلونها شافعة لنا عند ولدها (عجَّل الله فرجه الشريف) لأن يشفع لنا عند ربه، وإني أضمن لكل من يلتزم بقراءة هذه الزيارة الشريفة أنْ لا يصاب بهذا الوباء. قال: ما أنْ أصدر هذا الحكم ولأنَّ الظرف كان مُخيفاً وفي غاية الخطر أجمع الشيعة المقيمون في سامراء على إطاعة الحكم، وبدؤوا يقرؤون زيارة عاشوراء، وبعد قراءة الزيارة توقفت الإصابة بهذا المرض حتى أنَّ أبناء السنة في سامراء مِن شدة خجلهم صاروا يدفنون موتاهم في الليل مما جعل بعضهم يسأل الشيعة عن سبب توقف الوفيات فيهم، فقالوا: قرأنا زيارة عاشوراء فاشتغل أبناء السنة بقراءة زيارة عاشوراء المباركة ورفع الله البلاء عنهم أيضاً، وجاء بعض من أبناء العامة إلى حضرة الإمام الهادي والعسكري’ وقالوا: إنا نسلم عليكما مثل ما يسلم الشيعة. وبهذه الطريقة رفع البلاء والوباء عن كل أهل سامراء».

حسين آل إسماعيل

الكاتب حسين آل إسماعيل

حسين آل إسماعيل

مواضيع متعلقة