بمناسبة ذِكرى استشهاد فاطمة الزهراء سلام الله عليها

img

حسين آل إسماعيل

جاء في زيارة السيدة الزهراء÷: «السلامُ عليكِ أيَّتُها المُحَدَّثَةُ العليمة

النقطة الأولى: ماذا ينبغي لنا تِجَاهَ السلام على المعصوم×؟

النقطة الثانية: نتحدث عن لقب المحدثة في ثلاث جهات:

الجهة الأولى: هل نص القرآن الكريم على نساء حدثتهن الملائكة؟

الجهة الثانية: هل الاعتقاد بأن الملائكة حدثت الزهراء يعتبر من الغلو؟

الجهة الثالثة: هل هناك روايات تظل على أن الملائكة حدثت فاطمة÷؟

ينبغي لنا تِجاه السلام على المعصوم ثلاثة أمور وهي ما يلي:

أولاً/ أنْ تجعلَ السلام على المعصوم برنامجاً يوميّاً لا تنقطع عنه: فلا تترك إرسال التحية والسلام عليهم في كل يوم وذلك لأمرين:

الأمر الأول: لتفتح يومك بالسلام على المعصوم فتستدر الرحمة، وتلتمس البركة، وتحصل على التسديد والتوفيق.

الأمر الثاني: لتكون مُستجيباً لِمَا ورد عنهم بإرسال السلام إليهم فقد جاء في كتاب المزار للشيخ المفيد ص١٦٨ عن النبي الأعظم‘ أنه قال: «مَنْ زار قبري بعد موتي كان كمن هاجر إلَيَّ في حياتي فإن لم تستطيعوا فابعثوا إلَيَّ السلام فإنَّه يبلغني«.

ثانياً/ أنْ تعلمَ أنَّ المعصوم× يسمع الكلام ويردُّ السلام: وبهذا يكون السلام تواصل بين الشيعة وأئمتهم فقد ورد في بحار الأنوار ج٩٨ ص٢٢٤ في زيارة الإمام الحسين×: «أشهدُ أنَّكَ تسمع الخطاب وترد الجواب«.

فلتكن صادقاً في سلامك لأنه يسمع كلامك وليس مجرد لقلقة لسان.

ثالثاً/ أنْ تتعرف على معنى السلام على المعصوم×: فقد ذكروا أنَّ السلام على المعصوم× له عدة معاني:

المعنى الأول/ بمعنى التسليم والعهد: فأنت عندما تُسلِّم على الإمام فإنَّكَ بهذا تُجدِّد العهد وتؤكد الميثاق والبيعة مع إمامك بأنَّكَ تُوالي وليَّه وتُعادي عدوَّه.

ويدلُّ على ذلك المعنى ما رُوِي في كتاب الكافي ج١ ص٤٥١ عن داود الرَّقي أنَّه سأل أبا عبد الله الصادق× عن معنى السلام النبي‘ والأئمة^ فقال الإمام الصادق×: «إنَّ الله تبارك وتعالى لما خلق نبيَّه‘ ووصيَّه× وابنته وابنيه وجميع الأئمة^ وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق بأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأنْ يتقوا الله ووعدهم أنْ يُسلِّم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن وأن يُنزلَ لهم البيت المعمور ويُظهِرَ لهم السقف المرفوع ويُريحهم من عدوهم والأرض التي يُبدلها الله من السلام ويُسلِّم ما فيها لهم لا شية فيها لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يُحبون وأخذ رسول الله‘ على جميع الأئمة^ وشيعتهم الميثاق بذلك وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله لعله أن يُعجله عز وجل ويُعجل السلام لكم بجميع ما فيه

المعنى الثاني/ السلام بمعنى السلامة فعلى هذا المعنى يكون سلامك على المعصوم× بمعنى الدعاء له فعندما تقول: »السلام عليك يا رسول الله«.

يعني أسأل الله أن يُسلمك من كل آفة، ويحفظك من كل سوء ثم ذكرت الزيارة لقباً من ألقابها÷ وهو أنها (محدَّثة) وأنا وقفات عند هذا اللقب الشريف.

المحور الأول/نص القرآن الكريم على أن الملائكة حدثت جملة من النساء:

أ) مريم: قال الله تعالى في سورة آل عمران آية ٤٢: ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ﴾.

ب) سارة: قال الله تعالى في سورة هود آية 69 ـ 70: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ… * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِکَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَ مِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾.

ج) أم موسى: قال الله تعالى في سورة القصص آية ٧: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾.

فثبت واقعا أن هؤلاء النساء الطاهرات قد نزل عليهن الملائكة فلا محذور حينئذ من نزول الملائكة على فاطمة الزهراء÷ لتحدثها وتقوم بخدمتها.

المحور الثاني/ إن الاعتقاد بنزول الملائكة على الزهراء÷ لا يعتبر غلوّاً لأنها أفضل من مريم وأفضل من سارة وأفضل من أم موسى بل ان كتب أبناء العامة صرحت بذكر مجموعة من المحدَّثين ومنهم:

١/عمران بن الحصين الخزاعي: في كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد ج٧ ص١١ قال: «كان عمران بن الحصين الخزاعي من المحدَّثين إذ كانت الملائكة تسلم عليه«.

٢/أبو المعالي الصالح: في كتاب المنتظم لابن الجوزي ج٩ ص١٣٦قال: «أن أبا المعالي الصالح كلمته الملائكة في صورة طائر«.

٣/ أبو يحي الناقد: في كتاب تاريخ بغداد ج٩ ص٣٦٢ قال: «إن أبا يحي الناقد كلمته الحوراء«.

وأمثال هذه المرويات في كتبهم غير قليل ولم يستنكر أحد ولم يتهم اصحابها بالغلو فاتضح أن تسمية الزهراء بالمحدثة لا مانع منه أبدا.

المحور الثالث/ هناك روايات تدل على نزول الملائكة على الزهراء÷ منها ما يلي:

الرواية الأولى: روي في بحار الأنوار ج٤٣ص٧٩ عن إسماعيل بن بشار قال: حدثنا علي بن جعفر الحضرمي بمصر منذ ثلاثين سنة قال: حدثنا سليمان قال: محمد بن أبي بكر لما قرأ قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ (٥٢ سورة الحج)، «ولا محدث قلت وهل يحدث الملائكة إلا الأنبياء؟ قال: إن مريم لم تكن نبيه وكانت محدثة وأم موسى بن عمران كانت محدثة ولم تكن نبيه وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق ويعقوب ولم تكن نبيه وفاطمة بنت رسول الله‘ كانت محدثة ولم تكن نبيه«.

وجاء في رواية: «جعل الله رعيلاً من الملائكة لحراسة فاطمة«.

الكاتب الادارة

الادارة

مواضيع متعلقة