أسرار أدعية الرزق والدين ـ 08
الشيخ إبراهيم القطيفي
فصل: ولنختم ما أوردناه بما ورد من الاستعاذة من الشيطان الرجيم، وقطع وساوسه وحشرجته في الصدور، نقدّم لذلك مقدّمة نافعة ذكرها أهل السلوك والمعرفة لمكائده، وهي أنه إذا عرض شيء من وسوسته، فليفرح المؤمن بذلك فرحاً ظاهراً ثم ليحمد الله تعالى ويشكره و[يمدحه]([1])، حيث لم يجعل له عليه سبيلاً، وحيث جعل كيده ضعيفاً، فإنه لا [يعاود]([2]) ذلك أبداً إن شاء الله تعالى، لأنه عدوٌّ قصدُه أن يلقي الهمّ والغمّ على المؤمنين، وإن ينسيهم ذكر الله تعالى، فإذا فرحوا، وذكروا، وحمدوا، وشكروا كان هو الوسيلة لهم في اللوح العاجل إن شاء الله تعالى.
أقول: وهذه النكتة مستفادة من قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾([3]).
و﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفً﴾([4]).
و﴿إِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾([5]).
إلى غير ذلك من الآيات.
ثم أقول: إن هذه الفائدة قد جرّبتها وجرّبها من وصفتها له فصحّت ولم ينخرم([6]) أبداً.
إذا عرفت هذا، فهنا [فصلان]([7]):
[الأوّل]: عوذة بلابل([8]) الصدر: أبو القاسم المعلى قال: حدّثنا حمّاد بن عيسى عن حريز بن عبدالله السجستاني، عن أبي عبدالله الصادق× قال: يابن رسول الله، إن أجد بلابلَ في صدري ووسواساً في فؤادي لربّما قطع صلاتي، ووسوس عليّ قراءتي، قال: «وأين أنت من عوذة أمير المؤمنين×»؟ قلت: يابن رسول الله| علّمني.
قال: «إذا أحسست بشيء من ذلك، فضع يدك عليه، وقل: باسم الله وبالله، اللهم مننت عليّ بالإيمان، وأودعتني القرآن، ورزقتني صيام شهر رمضان، فامنن عليّ بالرحمة والرضوان، والرأفة والغفران، وتمام ما أوليتني من النعم والإحسان، يا حنان يا منّان يا دائم يا رحمن، سبحانك وليس لي أحد [سواك]([9])، سبحانك، أعوذ بك بعد هذه الكرامات من الهوان، وأسألك أن تجلي قلبي عن الأحزان. تقولها: ثلاثاً، فإنك تعافى بإذن الله تعالى، ثم تصلّي على محمد النبيّ| وآله [والسلام]([10]) عليهم ورحمة الله وبركاته»([11]).
[الثاني]: وممّا ينتظم في هذا السلك حرز مولانا وسيّدنا زين العابدين علي بن الحسين ـ عليهما الصلاة والسلام ـ يقُرأ في كلّ صباح ومساء وهو هذا:
«بسم الله الرحمن الرحيم. باسم الله وبالله، سددت أفواه الجنّ والإنس والشياطين والسحرة والأبالسة من الجن والإنس والشياطين([12])، ومن يلوذُ بهم بالله العزيز الأعز، وبالله الكبير الأكبر.
باسم الله الظاهر الباطن، المكنون المخزون، الّذي قام([13]) به السماوات والأرض، ثمّ استوى على العرش. بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ﴾([14])، ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ﴾([15])؟ ﴿قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾([16])، ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا﴾([17]) ﴿وَخَشَعَت الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾([18])، ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾([19])، ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا﴾([20])، [﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا﴾]([21]) ﴿وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾([22])، ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ﴾([23])، فهم لا ينطقون ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهُ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾([24]) [وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين]([25])..».
معنى هذا ممّا خفي لكن كتبه لحسن الظن بكاتبه حلّه ([26]) أيام إفادته وعزّه.
[هذه]([27]) صورة خطّ مؤلّفه الفقيه العالم الأعلم شيخ مشايخ الإسلام والإيمان، الشيخ أبي إسماعيل إبراهيم بن سليمان القطيفي ـ رحمه الله تعالى، وغفر له بالنبيّ وآله الطاهرين ـ صلوات الله تعالى وسلامه عليه وعليهم أجمعين ـ والحمد لله ربّ العالمين. ووقع الفراغ من كتابته صبيحة يوم السبت الثامن من شهر ربيع الثاني سنة (ست وثمانين وتسعمائة) على مشرفها وآله شرائف الصلاة والسلام والتحية في أصفهان بيد العبد الفقير الحقير الغريب الكئيب التائب في العتبة العليّة العالية الرضويّة على مشرفها الصلاة والسلام والتحية من أحقر العبيد، بل الكلب الباسط ذراعيه بالوصيد، الفقير الشهير بخالد بن حسين صاعد، وفّقه الله تعالى، ورزقه العود إلى مجاورة تلك العتبة العلية والروضة البهية العالية، بمن خُتم به الرسالة، وآله سلاطين ممالك البسالة، وخواقين بقاع النبالة صلوات الله، وشرائف تسليماته، ولطائف تحياته عليهم أجمعين، صلاة دائمة نامية زاكية وسلاماً وافياً كافياً تامّاً إلى يوم يقوم الناس لربّ العالمين.
____________________________
([1]) في المتن: (ويحمده)، وما أثبتناه من نسخة بدل ذكرت في هامش المخطوط.
([6]) بالخاء المعجمة والراء المهملة والميم من باب… (هامش المخطوط). ووردت معها ترجمة لمعناها باللغة الفارسيّة.
([8]) ورد في هامش المخطوط ترجمة لمعناها في اللغة الفارسية.
([12]) في المصدر: «والسلاطين».
([19]) الإسراء: 46، وفي المصدر بدلها: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا﴾ طه: 111.
([23]) ياسين: 65، وقوله تعالى: ﴿وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ﴾ ليست في المصدر.