أسرار أدعية الرزق والدين ـ 02

img

الشيخ إبراهيم القطيفي

فصل: من أراد كثرة الرزق، وإدراره والبركة فيه فليقرأ عند كلّ دخول يدخله إلى داره ـ وإن كان عند خروجه [من]([1]) داره إلى داع دعاه ـ سورة الإخلاص فإنه يرى الخير والبركة، فإنّ قال بعد قراءتها: يا من هو الله أحد ـ إلى آخر السورة ـ ارزقني السعة في الرزق وإدراره والبركة فيه، كان أبلغ.

فصل: قد روي أنّ لكلّ إمام من الاثني عشر ـ عليهم الصلاة والسلام ـ خاصته([2])، وخاصّة الجواد× التوسّل به في سعة الرزق. وكيفيّة التوسّل به على ما روي عنهم^ أن يقول: «وأسألك اللهم بحقّ وليكّ أبي جعفر الجواد× إلا جدت عليّ به من فضلك، [وتفضّلت]([3]) عليّ به من وسعك ما أستغني به عمّا في أيدي خلقك، وخاصّة يا ربّ لئامهم، وبارك لي فيه، وفي مالك عندي من نعمك وفضلك ورزقك. إلهي انقطع الرجاء إلّا منك، وخابت الآمال إلّا فيك ياذا الجلال والإكرام.

أسألك بحقّ من حقّه عليك واجبٌ أن تصلّي على محمّد وآل محمد([4])، وأن تبسط عليّ ما حظرته من رزقك، وإن تسهّل ذلك وتيسّره في خير منك وعافية، وأنا في خفض عيش ودعة يا أرحم الراحمين([5]).

يا أبا جعفر يا محمد بن علي يابن رسول الله، يا حجّة الله على خلقه، يا سيّدي ويا مولاي، إنّي توجّهت بك إلى الله، وتوسّلت بك إلى الله، وقدّمتك بين يدي حوائجي يا وجيهاً عند الله اشفع لي في سعة رزقي وتيسيره وقضاء دَيني إنّه كريم».

واعلم أنّه لم أقف على حديث يعيّن زمان هذا التوسل، فليكن دبر المكتوب، وسحر الليل، فإنّ لم يكن فدبر صلاة الصبح والسحر، ويجوز في كلّ وقت وحال.

فصل: قد ظهر من الآثار أن الرزق يُحبس بالذنوب، إما مطلقاً، أو إلى وقت، فينبغي الاستغفار ليزول ذلك الحبس، والاستغفار هو التوبة، ويعبّر عنها بالاستغفار؛ لأنه طلب المغفرة مع الندامة، وإليه الإشارة بالخبر: «لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار»([6]).

فصل: روي أنّ علياً× صعد المنبر للاستسقاء، فما سُمع منه غير الاستغفار، فقيل: يا أمير المؤمنين، ما سمعنا منك غير الاستغفار؟ فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «ألم تسمعوا قوله تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾([7])؟ ولا أعلم دعاء أفضل من الاستغفار وأعظم بركةً منه، وأنفع في الدنيا والآخرة»([8]).

فصل: وروي عنه× إنّه قال: «أفضل [أوقات]([9]) الاستغفار بالأسحار، وإنما قال يعقوب لبنيه: ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ﴾([10]) يوم قالوا: ﴿يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ﴾([11]) انتظاراً لوقت السحر، وتأخيراً للاستغفار إلى طلوع الفجر وهو وقت الاستغفار، قال الله تعالى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾([12]).        

وقال تعالى: ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾([13])»([14]).

فصل: وروي عنه× إنّه قال: «أتمّ الاستغفار سبعين»([15]).

وإليه أشار تعالى: ﴿إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ﴾([16]).

وكان× يستغفر الله سبعين مرّة عقيب ركعتي الفجر([17]).

فصل: روي أن من استغفر الله تعالى بعد صلاة الفجر بهذا الاستغفار ثلاث مرات، غفر الله له أربعمائة كبيرة، وسبعمائة ذنب، وهو: «أستغفر الله الذي لا إله إلّا هو بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والإكرام، وأتوب إليه، وأسأله أن يتوب عليَّ»([18]).

فصل: وعن الصادق ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «من استغفر الله بعد الفجر سبعين مرّة غفر الله له [ولو عمل في]([19]) ذلك اليوم سبعين ألف ذنب»([20]).

فصل: وروي استغفار آخر لم يعيّن له وقت، وله شأن عظيم، صورته بعد البسملة: «أستغفر الله من كلّ ذنب أذنبته، عمداً أو سهواً أو خطأ، أو سرّاً أو علانية، وأتوب إليه من الذنب الّذي أعلم ومن الّذي لا أعلم، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم».

فصل: وروي: «من استغفر شهرين متتابعين كلّ يوم أربعمائة مرّة، أعطاه الله تعالى كنزاً من مال، وكنزاً من علم، وصورته: أستغفر الله الذي لا إله إلّا هو الحيّ القيوم الرّحمن الرحيم، بديع السماوات والأرض بجميع ظُلمي وجُرمي، وإسرافي على نفسي»([21]).

يتبع…

___________________

([1]) في المخطوط: (إلى).

([2]) رواه في بحار الأنوار 99: 249 ـ 250 / 10، وقد نقله عن (الكتاب العتيق) للغرويّ.

([3]) من المصدر، وما في المخطوط: «تفضل».

([4]) في المصدر: «وأهل بيته» بدل: «وآل محمد».

([5]) رواه في بحار الأنوار 99: 251 ـ 252 / 10، وقد نقله عن (الكتاب العتيق) للغروي، وأنه من كلام رسول الله| حينما رآه أبو الوفا الشيرازي في منامه.

([6]) التوحيد: 408 / 6، بحار الأنوار 8: 352 / 1، وفيهما: «لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار».

([7]) نوح: 10 ـ 12.

([8]) مجمع البيان 10: 457، المصباح (الكفعمي): 87 / الهامش: 1.

([9]) من المصدر، وما في المخطوط: «الأوقات».

([10]) يوسف: 98.

([11]) يوسف: 97.

([12]) آل عمران: 17.

([13]) الذاريات: 18.

([14]) المصباح (الكفعمي): 87 / الهامش: 1.

([15]) المصباح (الكفعمي): 87 / الهامش: 1.

([16]) التوبة: 80.

([17]) المصباح (الكفعمي): 87 / الهامش: 1.

([18]) الخصال: 540 / 12، باختلاف يسير.

([19]) من المصدر.

([20]) المصباح (الكفعمي): 87 / الهامش: 1، وفيه: «سبعين ذنباً» بدل: «سبعين ألف ذنب».

([21]) المصباح (الكفعمي): 93، وفيه: «أستغفر الله الذي لا إله إلّا هو الحيّ القيّوم، بديع السماوت والأرض من جميع جرمي وظلمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه».

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة