تعاليم الإمام الرضا للسيطرة على النفس

img

حسين آل إسماعيل

للإمام الرضا× عدة تعاليم تساعد المسلم على السيطرة على نفسه وكبح جماحها وإيقاظ خير ما في النفس من قِيَم ومشاعر وأحاسيس وتسعى لاستئصال جذور الشر من نفس الإنسان وهذه الإرشادات هي ما يلي:

أولاً/ التزام الصمت: لا يخفى بأنَّ أكثر مشاكلنا من إطلاق العنان لألسنتنا بدون ضابط، وأنَّ الكثير منا يرغب في الكلام أكثر من الاستماع، وهنا تستدعي الضرورة في أكثر الأحيان أن نتربى على الالتزام بالصمت في حالات الانفعال ومن هنا يشيد الإمام الرضا بالصمت لعدة أسباب وهي ما يلي:

السبب الأول/ لأنَّ الصمت من من علامات الفقه: رُوِي في كتاب كشف الغمة ٣ : ٨٥ عن أحمد بن محمد بي أبي نصر قال: قال الإمام الرضا×: «مِن علامات الفقه: الحلم والعلم والصمت».

السبب الثاني/ لأن الصمت من أبواب الحكمة ويكسب المحبة: رُوِي في كتاب اُصول الكافي٢ : ١١٣ حديث ١ عن أبي الحسن الرضا× قال: «إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة، إنه دليل على كل خير».

السبب الثالث/ لأن الصمت مهم للعبادة الحقيقية: رُوِي في أصول الكافي ٢: ١١٦حديث ١٩ عن الوشاء قال: سمعتُ الإمام الرضا× يقول: «كان الرجل من بني إسرائيل إذا أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين».

ثانياً/ الحِلم: ويضع الإمام الرضا× ثلاث قواعد تربوية وهي ما يلي:

القاعدة الأولى: السكوت عن الجاهل.

القاعدة الثانية: عدم عتاب الصديق.

القاعدة الثالثة: استجلاب العدو ليكون صديقاً.

ويصبُّ الإمام الرضا× هذه القواعد الثلاث في قالب شعري جميل رائع فقد جاء في كتاب الإمام الرضا سيرة وتاريخ ص١٣٢ + ص١٣٣ قال المأمون العباسي يوماً للإمام الرضا×: هل رويتَ من الشعر شيئاً؟ فقال×: «قد رويتُ منه الكثير فقال أنشدني أحسن ما رويته في الحِلم».

فأنشده الإمام الرضا×:

إنْ كان مثلي مَنْ بليت بجهله *** أَبَيتُ لنفسي أنْ تُقابل بالجهلِ
وإنْ كان مثلي في محلي من النهى *** أخذتُ بحلمي كي أجل عن المثلِ
وإنْ كنت أدنى منه في الفضل والنهى *** عرفت له حق التقدم والفضل

فقال له المأمون: ما أحسن هذا، مَنْ قاله؟ فقال: «بعض فتياننا» قال المأمون: فأنشدني أحسن ما رويته في السكوت عن الجاهل وترك عتاب الصديق. فقال×:

إني ليهجرني الصديق تجنباً *** فأريه أنّ لهجره أسبابا
وأراه إنْ عاتبته أغريته *** فأرى له ترك العتاب عتابا
وإذا بليت بجاهل مستحكم *** يجد المحال من الأمور صوابا
أوليته مني السكوت وربما *** كان السكوت عن الجواب عتابا

ثم قال له المأمون: أنشدني أحسن ما رويته في استجلاب العدو حتى يكون صديقاً. فقال×:

ومَنْ لا يُدافع سيئات عدوه *** بإحسانه لم يأخذ الطول مِن عَلِ
ولم أرَ في الأشياء أسرع مهلكا *** لغمر قديم مِن ودادٍ مُعجَّلِ

ثالثاً/ التواضع: فقد أكد الإمام الرضا× على حقيقة التلازم بين الإيمان والحياء فقد رُوِي في عيون أخبار الرضا ١ : ٢٥٦حديث ٢٣ قال الإمام الرضا×: «الحياء من الإيمان».

فمن يخلع حزام العفة وينطلق وراء شهواته ولا يبالي بما قيل له أو فيه فلا إيمان له واقعاً لأن الإيمان التزام وشعور متغلغل في أعماق النفس يحكي عنه الحياء بجلاء.

رابعاً/ الإخلاص في العمل: رُوِي في كتاب الكافي ٢ : ٢٩٤ عن محمد بن عرفة قال: قال لي الرضا×: «ويحك يا بن عرفة اعملوا لغير رياء ولا سمعة فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل».

وبيَّن أن الإخلاص يُوجب مضاعفة الثواب رُوِي في الكافي ٢: ٤٢٨ عن العباس مولى الرضا قال: سمعت الرضا×: «المتستر بالحسنة يعمل سبعين حسنة والمذيع بالسيئة مخذول والمتستر بها مغفور له».

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة