إظهار النبي‘ لشخصية ولده المجتبى×
حسين آل إسماعيل
أظهرَ رسول الله| شخصية ولده الحسن× من خلال جانبين وهما ما يلي:
الجانب الأول: من خلال كلماته الشريفة التي خصَّ بها ولده الحسن×.
الجانب الثاني: من خلال السيرة العملية الفعليه في المواقف المختلفة.
أمَّا كلماته الشريفة حولَ شخصية ولده الحسن× فمنها ما يلي:
١) بيَّنَ أنَّ اتباعَ الحسن اتباعٌ لرسول الله: رُوِيَ في كتاب الحسن بن علي تأليف توفيق أبو عَلَم عن رسول الله| أنه قال: «أمَّا الحسن فإنَّه ابني وولدي ومنِّي، وقرَّة عيني، وضياء قلبي، وثمرة فؤادي، وهو سيد شباب أهل الجنة، وحجة الله على الأمة، وأمره أمري، وقوله قولي، فَمَنْ تبعه فإنَّه منِّي، ومَنْ عصاه فليس منِّي».
٢) بَيَّنَ أنَّ النَّظر للحسن يجلب السُّرور: رُوِيَ في كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ج٢ ص٣٦٩ قال رسول الله|: «مَنْ سرَّه أنْ ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن».
٣) بَيَّنَ أنَّ مَنْ آذى الحسن آذى رسول الله رُوِيَ في كتاب كنز العمال للمتقي الهندي ج٦ ص٢٢٢ عن أنس بن مالك قال: دخل الحسن على النبي فأردتُ أن أميطه فقال لي رسول الله|: «ويحكَ يا أنس دع ابني وثمرة فؤادي، فإن مَنْ آذى هذا فقد آذاني ومَنْ آذاني فقد آذى الله».
٤) بيَّنَ أنَّ زيارة الحسن سببٌ لثبوت القدم على الصِّراط: رُوِيَ في كتاب ميزان الحكمة للريشهري ج٢ ص١١٩٧ قال رسول الله|: «مَنْ زار الحسن في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام».
وأما الجانب العملي في إظهار النبي| لشخصية الحسن× فيتمثل فيما يلي:
١) مَنْ تشفَّع بالحسن قُبِلَتْ شفاعته: جاء في كتاب قبسٌ من نور في حياة المجتبى للشيخ حسن الحائري ص٩٩ بإسناده عن الإمام محمد بن علي’ أنَّه قال: «أذنب رجلٌ ذنباً في حياة رسول الله| فتغيَّبَ خجلاً من رسول الله| يريد وسيلة يتوسل بها لغفران ذنبه ومحو زلته، فوجد الحسن والحسين’ في طريق خالٍ من الناس، فاحتملهما على عاتقيه، وأتى بهما إلى رسول الله| فقال: يا رسول الله، إني مستجيرٌ بالله وبهما، فتبسَّم رسول الله|، ثم قال للرجل: اذهب وأنت طليق، وقال للحسن والحسين’: قد شفعتكما فيه، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً﴾». (النساء ٦٤).
وهذا مِن تكريم الرسول للحسن× ومعلومٌ أنَّ رسول الله| كان يُكرِم الصَّبيَّ حتَّى ورد في كتاب مُستدرَك الوسائل ومُستنبط المَسائل ج٨ ص٢١٧ عن رسول الله| أنه قال: «خمسٌ لا أدعهنَّ حتى الممات: الأكل على الحضيض مع العبد، وركوبي الحمار مؤكفاً، وحلبي العنز بيدي، ولبسي الصوف، والتسليم على الصبيان، لتكون سنة من بعدي».
٢) الحسن× يُحيب على أسئلة السائلين بأمر رسول الله: رُوِيَ في كتاب بحار الأنوار ج٤٣ ص٣٣٣ حياة الإمام الحسن× عن حذيفة بن اليمان قال: بينما كان رسول الله| وجماعة من أصحابه إذ أقبل إليه الإمام الحسن× فأخذ رسول الله| فما قطع رسول الله| كلامه حتى أقبل إلينا أعرابي يجرُّ هراوة له، فلما نظر رسول الله| قال: «قد جاءكم رجلٌ يُكلمكم بكلام غليظ تقشعر منه جلودكم وإنه يسألكم عن أمور، وإنَّ لكلامه جفوة»، فجاء الأعرابي، فلم يُسلِّم، وقال: أيُّكم محمد؟ قلنا: ما تريد؟ قال رسول الله|: «مهلاً»، فقال: يا محمد كنتُ أبغضك ولم أرك، والآن فقد ازددت لك بغضاً، فتبسم رسول الله| وغضبنا لذلك، وأردنا بالأعرابي إرادة، فأومأ إلينا رسول الله| أنِ اسكتوا، فقال الأعرابي: يا محمد إنك تزعم أنك نبي، وإنك قد كذبت على الأنبياء، وما معك من برهانك شيء، فقال له: «وما يدريك؟» قال: فخبرني ببرهانك، قال: «إنْ أحببتَ أخبرك عضو من أعضائي فيكون ذلك أوكد لبرهاني»، قال: أو يتكلم العضو؟! قال: «نعم يا حسن قم»، فازدرى الأعرابي نفسه، وقال: هو ما يأتي، ويقيم صبيا ليكلمني؟ قال له رسول الله|: «إنك ستجده عالماً بما تريد»، فابتدره الحسن× وقال: «مهلا يا أعرابي:
ما غبيّاً سألتَ وابن غبيِّ *** بل فقيهاً إذاً وأنت الجهولُ
وإنْ تكُ قد جهلتَ فإنَّ عندي *** شفاء الجهل ما سأل السؤولُ
وبحراً لا تُقسِّمه الدَّوالي *** تُراثاً كان أورثه الرسولُ
لقد بسطتَ لسانك، وعدوتَ طورك، وخادعتَ نفسك، غير أنك لا تبرح حتى تؤمن إن شاءالله» فتبسم الأعرابي وقال: هيه.
فقال له الحسن×: «لقد اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جرى بينكم، على جهل وخرق منكم فزعمتم أن محمداً لا خلف له والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثأره، وزعمتَ أنك قاتله، وكان في قومك مؤنته، فحملتَ نفسك على ذلك».
قال الأعرابي متعجباً: من أين قلت يا غلام هذا كأنك كشفت عن سويداء قلبي وما خفي عليك شيء من أمري.
ثم قال للحسن: ما الإسلام؟ فأجاب الحسن: «الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لهوأن محمدا عبده ورسوله».
فأسلم وحسن إسلامه وعلمه رسول الله| شيئاً من القرآن فاستأذن النبي أن يرجع إلى قومه ليعرفهم ذلك فأذن له فانصرف إلى قومه ثم رجع ومعه جماعة من قومه فدخلوا في الإسلام.
فالحسن كان يمثل جده المصطفى| ويفرغ عن لسانه.