الهجرة؛ ملامح نصر، ومشروع دولة ـ 14

img

الشيخ الدكتور أحمد الوائلي

من أهداف إزالة العقبات النفسية من المجتمع الإسلامي

فنبينا الأكرم| إنما سعى إلى إزالة هذه العقبات من طريق توحيد المجتمع الإسلامي عبر هذا التحرك المضمون النتائج، والمدروس بدقّة، حيث خلع من هذا المجتمع ذلك الشعور بالتفاضل الذي بقي يتملّكه، وأكّده بلسانه الشريف حيث قال|: «كلكم لآدم وآدم من تراب»([1]).

كما أنه| قال في مجلس آخر: «ليس لأحد على أحد فضل إلّا بالتقوى»([2]). أي أن ما يصلح لأن يميّز إنساناً عن آخر إنما هو الإيمان والتقوى.

ومن هنا فإنه يمكن لنا أن نجمل الغرض من نزع مثل هذه العقبة الكؤود من أنفس المسلمين بجوانب يمكن ذكر أهمّها بالتالي:

خلق عامل تكافؤ الفرص

وهو الأمر الذي يمكن تجسيده في موارد عدّة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

أولاً: الزواج

فالمفترض في مسألة الزواج أنه ليس هناك من عقبة تقف بوجه أحد دون أحد؛ فالمسلمون تتكافأ نفوسهم وأموالهم وأعراضهم([3]).

ثانياً: العمل

وكذلك الحال في مسألة العمل؛ وذلك أنه من حقّ أي إنسان مسلم، بل غير المسلم إن كان يعيش ضمن دائرة المجتمع الإسلامي، وكان مهادناً لا خائناً أن يحصل على فرصة عمل كغيره، دونما فرق بينه وبين غيره في هذا الأمر الحسّاس والهامّ؛ لابتناء حياة الإنسان عليه.

وننطلق من هذا إلى خلاصة خالصة هي أن النبي الأكرم| حينما آخى بين المهاجرين والأنصار، رتّب على هذه المؤاخاة أثاراً أخلاقية وآداباً اجتماعية ضخمة جدّاً بما يستلزم ذلك الترتّب من قيم والتزامات راح كل واحد من هذين الطرفين إلى المسارعة للتمسّك بها، وإجرائها على اُصولها، وتنفيذها والاستفاده منها على الجانبين: الدنيوي والأخروي وفق هذا الأمر الإلهي الحكيم.

يتبع…

___________________

([1]) تحف العقول: 24. شرح نهج البلاغة 1: 128. الدرّ المنثور 6: 98.

([2]) الكافي 8: 360، كتاب الروضة، ح551. مسند أحمد 5: 411، قريب منه.

([3]) ورد عن ررسول الله| قوله: «المؤمنون تتكافأ دماهم، ويسعى بذمّتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم». انظر: دعائم الإسلام 2: 404 / 1415. الخصال: 149، باب الثلاثة، ح182. مسند أحمد 2: 215. سنن ابن ماجة 2: 895 / 2683 ـ 2685. سنن أبي داود 1: 625 / 2751.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة