في رحاب الزيارة الجامعة ـ 05
جاء في الزيارة الجامعة الشريفة: «ووكَّدتم مِيثاقه».
نتطرَّق من خلال هذه الكلمة إلى ما يلي:
١) ما معنى كلمة «وكَّدتم»؟
٢) ما معنى الميثاق؟
٣) بِمَ فُسِّرَ الميثاق في هذه العبارة؟
٤) ما هي خصوصيات الحجر الأسود؟
وكَّدتم: مِن التوكيد بمعنى التَّأكيد وهي التقوية والتَّوكيد أفصح من التَّأكيد.
الميثاق: هو العهد الموثَّق، مِنَ الوثاق وهو في الأصل الحبل الذي يُقيَّد ويُشدُّ به، سُمِّي به العهد لوثاقته واستحكامه وأهل البيت^ مِمَّن اتصفوا بتقوية عهد الله والتزموا بالوفاء بميثاق الله، إذ هم أطوع الخلق لله تعالى فكانوا أوفى بميثاقه.
وفُسِّرَ المِيثاق في هذه الكلمة بتفسيرين وهما ما يلي:
١) المِيثاق: هو الذي أخذه الله مِن النَّبيين بالدَّعوة للتوحيد وتبليغ الرِّسالة وإعلاء الكلمة وهو ما قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾ (الأحزاب: 7).
وأهل البيت^ كانوا في أعلى درجات هذا الميثاق كما يشهد له جهودهم وجهادهم إلى أنْ وقعت شهادتهم.
٢) الميثاق: هو الذي أخذه الله من بني آدم في عالم الذر فقال تعالى: ﴿وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّکَ مِنْ بَني آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلي أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلي شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هذا غافِلينَ﴾ (الأعراف: 172). وأهل البيت^ أسبق الخلق وأوفاهم بهذا الميثاق.
وهنا عدة أمور مهمة حول هذا الميثاق وهي ما يلي:
١) هذا الميثاق سجَّله وأثبته كما في علل الشرائع ص٤٢٣ وقد كتب أسماء عبيده في رق وهو جلد رقيق كتب فيه وأودعه في الحجر الأسود وكان لهذا الحجر عينان ولسانان وشفتان لأنه كان يومئذ قبل تبديله إلى هذه الصورة مَلَكًا من ملائكة الله العظام فقال له: افتح فاك ففتح فاه فألقمه ذلم الرق ثم قال له: اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة وسيشهد ولهذا استحب للطائف حول الكعبة وللداخل إلى المسجد الحرام واستلام الحجر وأن يقول عنده مشيرا إليه: «أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة».
٢) هذا الحجر أنزله الله من الجنة: كما في كتاب سفينة البحار ج٢ ص٢٣٥ وقد أنزله مع آدم× وهو بأرض الهند حتى وافى به مكة فجعله في ركن البيت.
٣) هذا الحجر صخامته ٣٠ سنتميترًا ووزنه ٢ كيلو غرام وهو أخف من الماء لذا لا يرسب في الماء وهو ضد النار لذا لا يتأثر بالحرارة ولا يحترق بالنار بالرغم من إصابته بالحريق عدة مرات.
٤) هذا الحجر يمين الله في أرضه كما في كتاب أحكام الحج وأسراره ص٩٨ أنه جاء في الحديث: «أنه يمين الله في أرضه يصافح بها خلقه» فيجدر تعظيمه وتقبيله واستلامه.
٥) أنَّ هذا الحجر تكلم ونطق كما روي في الكافي ج١ ص٣٩٨ عن زرارة والكابلي: «أنطق الله الحجر الأسود وشهد بإمامة زين العابدين×».
وصلى الله على محمد وآل محمد
حسين آل إسماعيل