أعمال شهر رمضان ـ أعمال ليلة الجمعة

img

العلامة الشّيخ علي الشيخ منصور المرهون

دعاء الندبة

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْليماً، اللهُمَّ لَكَ الحَمْدُ عَلى ما جَرى بِهِ قَضاؤكَ في أَوْلِيائِكَ الَّذينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدينِكَ إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزيلَ ما عِنْدَكَ مِنَ النَّعيمِ المُقيمِ الَّذي لا زَوالَ لَهُ وَلاَ اضْمِحْلالَ، بَعْدَ أنْ شَرَطْتَ عَلَيْهِمُ الزُّهْدَ في دَرَجاتِ هذِهِ الدُّنْيَا الدَّنِيَّةِ وَزُخْرُفِها وَزِبْرِجِها فَشَرَطُوا لَكَ ذلِكَ وَعَلِمْتَ مِنْهُمُ الوَفاءَ بِهِ فَقَبَلْتَهُمْ وَقَرَّبْتَهُمْ، وَقَدَّمْتَ لَهُمُ الذِّكْرَ العَلِيَّ وَالثَّناءَ الجَلِيّ، وَأَهْبَطْتَ عَلَيْهِمْ مَلائِكَتَكَ وَكَرَّمْتَهُمْ بِوَحْيِكَ وَرَفَدْتَهُمْ بِعِلْمِكَ وَجَعَلْتَهُمُ الذَّريعَةَ إلَيكَ وَالوَسيلَةَ إلى رِضْوانِكَ، فَبَعْضٌ أَسْكَنْتَهُ جَنَّتَكَ إلى أنْ أَخْرَجْتَهُ مِنْها، وَبَعْضٌ حَمَلْتَهُ في فُلْكِكَ وَنَجَّيْتَهُ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ مِنَ الهَلَكَةِ بِرَحْمَتِكَ، وَبَعْضٌ اتَّخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ خَليلاً وَسَأَلَكَ لِسانَ صِدْق فِي الآخِرينَ فَأَجَبْتَهُ وَجَعَلْتَ ذلِكَ عَلِيّاً، وَبَعْضٌ كَلَّمْتَهُ مِنْ شَجَـرَةٍ تَكْليماً وَجَعَلْتَ لَهُ مِنْ أَخيهِ رِدْءاً وَوَزيراً، وَبَعْضٌ أَوْلَدْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَب وَآتَيْتَهُ البَيِّناتِ وَأَيَّدْتَهُ بِرُوحِ القُدُسِ، وَكُلٌّ شَرَعْتَ لَهُ شَريعَةً، وَنَهَجْتَ لَهُ مِنْهاجاً، وَتَخَيَّرْتَ لَهُ أَوْصِياءَ، مُسْتَحْفِظاً بَعْدَ مُسْتَحْفِظ مِنْ مُدَّةٍ إلى مُدَّةٍ إِقامَةً لِدينِكَ وَحُجَّةً عَلى عِبادِكَ وَلِئَلّا يَزُولَ الحَقُّ عَنْ مَقَرِّهِ وَيَغْلِبَ الباطِلُ عَلى أَهْلِهِ وَلا يَقُولَ أَحَدٌ لَوْلا أَرْسَلْتَ إلَيْنا رَسُولاً مُنْذِراً وَأَقَمْتَ لَنا عَلَماً هادِياً فَنَتَّبِـعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أنْ نَذِلَّ وَنَخْزى، إلى أَنِ انْتَهَيْتَ بِالأمْرِ إلى حَبيبِكَ وَنَجيبِكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَكانَ كَمَا انْتَجَبْتَهُ سَيِّدَ مَنْ خَلَقْتَهُ وَصَفْوَةَ مَنِ اصْطَفَيْتَهُ وَأَفْضَلَ مَنِ اجْتَبَيْتَهُ وَأَكْرَمَ مَنِ اعْتَمَدْتَهُ قَدَّمْتَهُ عَلى أَنْبِيائِكَ وَبَعَثْتَهُ إلى الثَّقَلَيْنِ مِنْ عِبادِكَ وَأَوْطَأتَهُ مَشارِقَكَ وَمَغارِبَكَ وَسَخَّرْتَ لَهُ البُراقَ وَعَرَجْتَ بِرُوْحِهِ إلى سَمائِكَ وَأَوْدَعْتَهُ عِلْمَ ما كانَ وَما يَكُونُ إلى انْقِضاءِ خَلْقِكَ ثُمَّ نَصَرْتَهُ بِالرُّعْبِ، وَحَفَفْتَهُ بِجَبْرائيلَ وَميكائيلَ وَالمُسَوِّمينَ مِنْ مَلائِكَتِكَ وَوَعَدْتَهُ أنْ تُظْهِرَ دينَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ، وَذلِكَ بَعْدَ أنْ بَوَّأتَهُ مَبَوَّأَ صِدْقٍ مِنْ أَهْلِهِ وَجَعَلْتَ لَهُ وَلَهُمْ ﴿اَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمينَ، فيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ اِبْراهيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً﴾، وَقُلْتَ ﴿اِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ اَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً﴾ ثُمَّ جَعَلْتَ أَجْرَ مُحَمَّدٍ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ مَوَدَّتَهُمْ في كِتابِكَ فَقُلْتَ: ﴿قُلْ لا اَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ اَجْراً إلّا المَوَدَّةَ في القُرْبى﴾ وَقُلْتَ ﴿ما سَالتُكُمْ مِنْ اَجْر فَهُوَلَكُمْ﴾ وَقُلْتَ: ﴿ما اَسْاَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ اَجْر إلّا مَنْ شاءَ أنْ يَتَّخِذَ إلى رَبِّهِ سَبيلاً﴾، فَكانُوا هُمُ السَّبيلَ إلَيكَ وَالمَسْلَكَ إلى رِضْوانِكَ، فَلَمَّا انْقَضَتْ أَيّامُهُ أَقامَ وَلِيَّهُ عَلِيَّ بْنَ أَبي طالِب صَلَواتُكَ عَلَيْهِما وَآلِهِما هادِياً، إِذْ كانَ هُوَ المُنْذِرَ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ، فَقالَ وَالمَلأُ أَمامَهُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ اللهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، وَقالَ: مَنْ كُنْتُ أنا نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَميرُهُ، وَقالَ أنا وَعَلِيٌّ مِنْ شَجَرَة واحِدَة وَسائِرُالنَّاسِ مِنْ شَجَرٍ شَتّى، وَأَحَلَّهُ مَحَلَّ هارُونَ مِنْ مُوسى فَقال لَهُ أنْتَ مِنّي بِمَنْزِلَةِ هارُونَ مِنْ مُوسى إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ سَيِّدَةَ نِساءِ العالَمينَ وَأَحَلَّ لَهُ مِنْ مَسْجِدِهِ ما حَلَّ لَهُ، وَسَدَّ الأَبْوابَ إلّا بابَهُ، ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِلْمَهُ وَحِكْمَتَهُ فَقالَ: أنا مَدينَةُ العِلْمِ وَعَلِيٌّ بابُها، فَمَنْ أَرادَ المَدينَةَ وَالحِكْمَةَ فَلْيَأتِها مِنْ بابِها، ثُمَّ قالَ: أنْتَ أَخي وَوَصِيّي وَوارِثي، لَحْمُكَ مِنْ لَحْمي وَدَمُكَ مِنْ دَمي وَسِلْمُكَ سِلْمي وَحَرْبُكَ حَرْبي وَالإيمانُ مُخالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ كَما خالَطَ لَحْمي وَدَمي، وَأنْتَ غَداً عَلَى الحَوْضِ خَليفَتي وَأنْتَ تَقْضي دَيْني وَتُنْجِزُ عِداتي وَشيعَتُكَ عَلى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ مُبْيَضَّةً وُجُوهُهُمْ حَوْلي فِي الجَنَّةِ وَهُمْ جيراني، وَلَوْلا أنْتَ يا عَلِيُّ لَمْ يُعْرَفِ المُؤْمِنُونَ بَعْدي، وَكانَ بَعْدَهُ هُدىً مِنَ الضَّلالِ وَنُوراً مِنَ العَمى وَحَبْلَ اللهِ المَتينَ وَصِراطَهُ المُسْتَقيمَ، لا يُسْبَقُ بِقَرابَةٍ في رَحِمٍ وَلا بِسابِقَةٍ في دينٍ وَلا يُلْحَقُ في مَنْقَبَةٍ مِنْ مَناقِبِهِ، يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما، وَيُقاتِلُ عَلَى التَّأويلِ وَلا تَأخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ، قَدْ وَتَرَ فيهِ صَناديدَ العَرَبِ وَقَتَلَ أَبْطالَهـُمْ وَناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ، فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ، فَأَضَبَّتْ عَلى عَداوَتِهِ وَأَكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ، حَتّى قَتَلَ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارِقينَ، وَلَمّا قَضى نَحْبَهُ وَقَتَلَهُ أَشْقَى الآخِرينَ يَتْبَعُ أَشْقَى الأَوَّلينَ لَمْ يُمْتَثَلْ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الهادينَ، بَعْدَ الهادينَ وَالأُمَّةُ مُصِرَّةٌ عَلى مَقْتِهِ مُجْتَمِعَةٌ عَلى قَطيعَةِ رَحِمِهِ وَإِقْصاءِ وُلْدِهِ إلّا القَليلَ مِمَّنْ وَفى لِرِعايَةِ الحَقِّ فيهِمْ، فَقُتِلَ مَنْ قُتِلَ، وَسُبِيَ مَنْ سُبِيَ وَأُقْصِيَ مَنْ أُقْصِيَ وَجَرَى القَضاءُ لَهُمْ بِما يُرْجى لَهُ حُسْنُ المَثُوبَةِ إذْ كانَتِ الأرْضُ للهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ، وَسُبْحانَ رَبِّنا إن كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَهُوَ العَزيزُ الحَكيمُ.

 فَعَلَى الأطايِبِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِما وَآلِهِما فَلْيَبْكِ الباكُونَ وَإِيّاهُمْ فَلْيَنْدُبِ النّادِبُونَ وَلِمِثْلِهِمْ فَلْتَذْرِفِ الدُّمُوعُ وَلْيَصْرُخِ الصّارِخُونَ وَيَضِجَّ الضّاجُّونَ وَيَعِـجَّ العاجُّوَن. أيْنَ الحَسَنُ أيْنَ الحُسَيْنُ أيْنَ أَبْناءُ الحُسَيْنِ صالِحٌ بَعْدَ صالِـحٍ وَصادِقٌ بَعْدَ صادِقٍ، أيْنَ السَّبيلُ بَعْدَ السَّبيلِ أيْنَ الخِيَرَةُ بَعْدَ الخِيَرَةِ؟ أيْنَ الشُّمُوسُ الطّالِعَةُ أيْنَ الاَْقْمارُ المُنيرَةُ أيْنَ الأَنْجُمُ الزّاهِرَةُ أيْنَ أَعْلامُ الدّينِ وَقَواعِدُ العِلْمِ أيْنَ بَقِيَّةُ اللهِ الَّتي لا تَخْلُو مِنَ العِتْرَةِ الهادِيـَةِ؟ أيـْنَ المُعَدُّ لِـقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ أيْنَ المُنْتَظَرُ لإِقامَةِ الأَمْتِ وَاْلعِوَجِ أيْنَ المُرْتَجى لإِزالَةِ الجَوْرِ وَالعُدْوانِ أيْنَ المُدَّخَرُ لِتَجْديدِ الفَرآئِضِ والسُّنَنِ أيْنَ المُتَخَيَّرُ لإِعادَةِ المِلَّةِ وَالشَّريعَةِ أيْنَ المُؤَمَّلُ لإِحْياءِ الكِتابِ وَحُدُودِهِ أيْنَ مُحْيي مَعالِمِ الدّينِ وَأَهْلِهِ أيْنَ قاصِمُ شَوْكَةِ المُعْتَدينَ أيْنَ هادِمُ أبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ أيْنَ مُبيدُ أهْلِ الفُسُوقِ وَالعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ أيْنَ حاصِدُ فُرُوعِ الغَيِّ وَالشِّقاقِ أيْنَ طامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالأَهْواء أيْنَ قاطِعُ حَبائِلِ الكِذْبِ وَالإِفْتِراءِ أيْنَ مُبيدُ العُتاةِ وَالمَرَدَةِ أيْنَ مُسْتَأصِلُ أَهْلِ العِنادِ وَالتَّضْليلِ وَالإلحادِ أيْنَ مُـعِزُّ الأَوْلِياءِ وَمُذِلُّ الأعْداءِ؟ أيْنَ جامِعُ الكَلِمَةِ عَلَى التَّقْوى أيْنَ بابُ اللهِ الَّذي مِنْهُ يُؤْتى أيْنَ وَجْهُ اللهِ الَّذي إلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الأوْلِياءُ أيْنَ السَّبَبُ المُتَّصِلُ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ، أيْنَ صاحِبُ يَوْمِ الفَتْحِ وَناشِرُ رايَةِ الهُدى أيْنَ مُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا أيْنَ الطّالِبُ بِذُحُولِ الأَنْبِياءِ وَأَبْناءِ الأنْبِياءِ أيْنَ الطّالِبُ بِدَمِ المَقْتُولِ بِكَرْبَلاءَ أيْنَ المَنْصُورُ عَلى مَنِ اعْتَدى عَلَيْهِ وَافْتَرى أيْنَ المُضْطَرُّ الَّذي يُجابُ إذا دَعا أيْنَ صَدْرُ الخَلائِقِ ذُوالبِرِّ وَالتَّقْوى؟ أيْنَ ابْنُ النَّبِي المُصْطَفى، وَابْنُ عَلِيٍّ المُرْتَضى وَابْنُ خَديجَةَ الغَرّآءِ وَابْنُ فاطِمَةَ الكُبْرى بِأَبي أنْتَ وَأُمّي وَنَفْسي لَكَ الوِقاءُ وَالحِمى، يَا بْنَ السّادَةِ المُقَرَّبينَ يَا بْنَ النُّجَباءِ الأَكْرَمينَ يَا بْنَ الهُداةِ المَهْدِيّينَ  يَا بْنَ الخِيَرَةِ المُهَذَّبينَ يَا بْنَ الغَطارِفَةِ الأنْجَبينَ يَا بْنَ الأَطائِبِ المُطَهَّرينَ يَا بْنَ الخَضارِمَةِ المُنْتَجَبينَ يَا بْنَ القَماقِمَةِ الأَكْرَمينَ، يَا بْنَ البُدُورِ المُنيرَةِ يَا بْنَ السُّرُجِ المُضيئَةِ يَا بْنَ الشُّهُبِ الثّاقِبَةِ يَا بْنَ الأَنْجُمِ الزّاهِرَةِ يَا بْنَ السُّبُلِ الواضِحَةِ يَا بْنَ الأعْلامِ الّلائِحَةِ يَا بْنَ العُلُومِ الكامِلَةِ يَا بْنَ السُّنَنِ المَشْهُورَةِ يَا بْنَ المَعالِمِ المَأثُورَةِ يَا بْنَ المُعْجِزاتِ المَوْجُودَةِ يَا بْنَ الدَّلائِلِ المَشْهُودَةِ يَا بْنَ الصـِّراطِ المُسْتَقيمِ يَا بْنَ النَّبَأِ العَظيمِ يَا بْنَ مَنْ هُوَ في أُمِّ الكِتابِ لَدَى اللهِ عَلِيٌّ حَكيمٌ يَا بْنَ الآياتِ وَالبَيِّناتِ يَا بْنَ الدَّلائِلِ الظّاهِراتِ يَا بْنَ البَراهينِ الواضِحاتِ الباهِراتِ يَا بْنَ الحُجَجِ البالِغاتِ يَا بْنَ النِّعَمِ السّابِغاتِ يَا بْنَ طه وَالـمُحْكَماتِ يَا بْنَ يس وَالذّارِياتِ يَا بْنَ الطُّورِ وَالعادِياتِ يَا بْنَ مَنْ دَنا فَتَدَلّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أو أَدْنى دُنُوّاً وَاقْتِراباً مِنَ العَلِيِّ الأَعْلى.

 لَيْتَ شِعْري أيْنَ اسْتَقَرَّتْ بِكَ النَّوى بَلْ أَيُّ أرْض تُقِلُّكَ أو ثَرى أَبِرَضْوى أو غَيْرِها أمْ ذي طُوى؟ عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ أَرَى الخَلْقَ وَلا تُرى وَلا أَسْمَعُ لَكَ حَسيساً وَلا نَجْوى، عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ تُحيطَ بِكَ دُونِيَ البَلْوى وَلا يَنالُكَ مِنّي ضَجيجٌ وَلا شَكْوى، بِنَفْسي أنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنّا بِنَفْسي أنْتَ مِنْ نازِحٍ ما نَزَحَ عَنّا بِنَفْسي أنْتَ أُمْنِيَّةُ شائِقٍ يَتَمَنّى مِنْ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَةٍ ذَكَرا فَحَنّا، بِنَفْسي أنْتَ مِنْ عَقيدِ عِزٍّ لا يُسامى بِنَفْسي أنْتَ مِنْ أَثيلِ مَجْدٍ لا يُجارى بِنَفْسي أنْتَ مِنْ تِلادِ نِعَمٍ لا تُضاهى بِنَفْسي أنْتَ مِنْ نَصيفِ شَرَفٍ لا يُساوى.

 إلى مَتى أَحارُ فيكَ يا مَوْلايَ وَإلى مَتى وَأَيَّ خِطابٍ أَصِفُ فيكَ وَأَيَّ نَجْوى؟ عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ أُجابَ دُونَكَ وَأُناغى عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ أَبْكِيَكَ وَيَخْذُلَكَ الوَرى عَزيزٌ عَلَيَّ أنْ يَجْرِيَ عَلَيْكَ دُونَهُمْ ما جَرى، هَلْ مِنْ مُعينٍ فَأُطيلَ مَعَهُ العَويلَ وَالبُكاءَ هَلْ مِنْ جَزُوعٍ فَأُساعِدَ جَزَعَهُ إذا خَلا هَلْ قَذِيَتْ عَيْنٌ فَساعَدَتْها عَيْني عَلَى القَذى هَلْ إلَيكَ يَا بْنَ أَحْمَدَ سَبيلٌ فَتُلْقى هَلْ يَتَّصِلُ يَوْمُنا مِنْكَ بِعِدَةٍ فَنَحْظى؟ مَتى نَرِدُ مَناهِلَكَ الرَّوِيَّةَ فَنَرْوى مَتى نَنْتَقِعُ مِنْ عَذْبِ مائِكَ فَقَدْ طالَ الصَّدى مَتى نُغاديكَ وَنُراوِحُكَ فَنَقِرَّ عَيْناً، مَتى تَرانا وَنَراكَ وَقَدْ نَشَرْتَ لِواءَ النَّصْرِ تُرى، أَتَرانا نَحُفُّ بِكَ وَأنْتَ تَأُمُّ المَلاََ وَقَدْ مَلأْتَ الأَرْضَ عَدْلاً وَأَذَقْتَ أَعْداءَكَ هَواناً وَعِقاباً وَأَبَرْتَ العُتاةَ وَجَحَدَةَ الحَقِّ وَقَطَعْتَ دابِرَ المُتَكَبِّرينَ وَاجْتَثَثْتَ اُصُولَ الظّالِمينَ وَنَحْنُ نَقُولُ: الحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ.

 اللهُمَّ أنْتَ كَشّافُ الكُرَبِ وَالبَلْوى وَإلَيْكَ أَسْتَعْدي فَعِنْدَكَ العَدْوى وَأنْتَ رَبُّ الآخِرَةِ وَالدُّنْيا فَأَغِثْ يا غِياثَ المُسْتَغيثينَ عُبَيْدَكَ المُبْتَلى وَأَرِهِ سَيِّدَهُ يا شَديدَ القُوى وَأزِلْ عَنْهُ بِهِ الأَسى وَالجَوى وَبَرِّدْ غَليلَهُ يا مَنْ عَلَى العَرْشِ اسْتَوى وَمَنْ إلَيْهِ الرُّجْعى وَالمُنْتَهى.

 اللهُمَّ وَنَحْنُ عَبيدُكَ التّائِقُونَ إلى وَلِيِّكَ المُذَكِّرِ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ خَلَقْتَهُ لَنا عِصْمَةً وَمَلاذاً وَأَقَمْتَهُ لَنا قِواماً وَمَعاذاً وَجَعَلْتَهُ لِلْمُؤْمِنينَ مِنّا إِماماً فَبَلِّغْهُ مِنّا تَحِيَّةً وَسَلاماً وَزِدْنا بِذلِكَ يا رَبِّ إِكْراماً وَاجْعَلْ مُسْتَقَرَّهُ لَنا مُسْتَقَرّاً وَمُقاماً وأتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِتَقْديمِكَ إِيّاهُ أَمامَنا حَتّى تُورِدَنا جِنانَكَ وَمُرافَقَةَ الشُّهَداءِ مِنْ خُلَصائِكَ.

 اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ جَدِّهِ وَرَسُولِكَ السَّيِّدِ الأَكْبَرِ وَعَلى أَبيهِ السَّيِّدِ الأَصْغَرِ وَجَدَّتِهِ الصِّدّيقَةِ الكُبْرى فاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلى مَنِ اصْطَفَيْتَ مِنْ آبائِهِ البَرَرَةِ وَعَلَيْهِ أَفْضَلَ وَأَكْمَلَ وَأَتَمَّ وَأَدْوَمَ وَأَكْثَرَ وَأَوْفَرَ ما صَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَصَلِّ عَلَيْهِ صَلاةً لا غايَةَ لِعَدَدِها وَلا نِهايَةَ لِمَدَدِها وَلا نَفادَ لأَِمَدِها.

 اللهُمَّ وَأَقِمْ بِهِ الحَقَّ وَأَدْحِضْ بِهِ الباطِلَ وَأَدِلْ بِهِ أَوْلِياءَكَ وَأَذْلِلْ بِهِ أَعْداءَكَ وَصِلِ اللهُمَّ بَيْنَنا وَبَيْنَهُ وُصْلَةً تُؤَدّى إلى مُرافَقَةِ سَلَفِهِ وَاجْعَلْنا مِمَّنْ يَأخُذُ بِحُجْزَتِهِمْ وَيَمْكُثُ في ظِلِّهِمْ وَأَعِنّا عَلى تَأدِيَةِ حُقُوقِهِ اِلَيْهِ وَالإجْتِهادِ في طاعَتِهِ وَاجْتِنابِ مَعْصِيَتِهِ وَامْنُنْ عَلَيْنا بِرِضاهُ وَهَبْ لَنا رَأَفَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَدُعاءَهُ وَخَيْرَهُ ما نَنالُ بِهِ سَعَةً مِنْ رَحْمَتِكَ وَفَوْزاً عِنْدَكَ، وَاجْعَلْ صَلاتَنا بِهِ مَقبُولَةً وَذُنُوبَنا بِهِ مَغْفُورَةً وَدُعاءَنا بِهِ مُسْتَجاباً وَاجْعَلْ أَرْزاقَنا بِهِ مَبْسُوطَةً وَهُمُومَنا بِهِ مَكْفِيَّةً وَحَوآئِجَنا بِهِ مَقْضِيَّةً، وَأَقْبِلْ إلَيْنا بِوَجْهِكَ الكَريمِ وَاقْبَلْ تَقَرُّبَنا إليكَ وَانْظُرْ اِلَيْنا نَظْرَةً رَحيمَةً نَسْتَكْمِلُ بِهَا الكَرامَةَ عِنْدَكَ ثُمَّ لا تَصْرِفْها عَنّا بِجُودِكَ، وَاسْقِنا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِكَأسِهِ وَبِيَدِهِ رَيّاً رَوِيّاً هَنيئاً سائِغاً لا ظَمَأَ بَعْدَهُ يا أَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة