شعراء القطيف (المرهون)

img

{35} العلاّمة الشيخ علي القديحي

المتوفّى سنة ( 1340 )

هو العلاّمة الحجّة الشيخ علي بن حسن بن علي بن سليمان القطيفي القديحي. كان رحمه الله عالما فاضلاً، تقيا ورعا، تلقى مبادئ علومه في القطيف على يد العلاّمة الأحد الشيخ أحمد آل طعان المتقدّم ذكره، ثم هاجر إلى النجف الأشرف، وتلمذ فيها على فطاحلها الألام وعباقرتها الأذاذ، كالنجفي والكاظمي والكشميري والجزائري وغيرهم (قدس اللّه‏ أرواحهم)، حتى فاز بكل ما يفوز به المجد في طلب العلم. فكان عالما أديبا، شاعرا مؤرّخا، قام بواجبه، وأدى رسالته؛ فقد ألّف ونظم فيما يتعلّق بأحكام الدين والدفاع عنه شيئا كثيرا، و[منها] كتابه التاريخي الشهير المعروف بـ (أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين) ذلك الكتاب الذي ضمّ بين دفتيه أعلاما أهملهم التاريخ لولاه لكنه بجهوده قد حفظ لهذه الأطار الثلاثة ما يجب أن يحفظ، فكان في صف مصادر (أعيان الشيعة) للأميني المرحوم، وكذلك كل من جاء بعده.

على أن ما ذكره أشبه شيء بنموذج من أعلامها، وخصوصا بالنسبة إلى الأساء والقطيف؛ فقد ذكر لهما ( 86 ) ترجمة، وذكر للبحرين ( 123 )، مع العلم أن هناك أمثالاً وأاثل لمن ذكر. (فجزاه اللّه‏ خير جزاء المحسنين)؛ فقد أصبح صاحب اليد البيضاء على الجميع، وفاق بذلك أوائلهم وأواخرهم (تغمده اللّه‏ بالرحمة).

ولد سنة ( 1274 )، وتوفّي سنة ( 1340 )، ومن أدبه في الطف ما قاله:

في رثاء الحسين عليه السلام

يا لخطب زلزل السبع الشدادا *** ولقد أوهى من الدين العمادا

ورمى الإسلام سهما مثبتا *** فأصاب القلب منه والفؤادا

وكسا الإيمان ثوبا أسودا *** بيض أيام الهدى عادت سوادا

ومصاب هدّ أركان الهدى *** والمعالي والعلا ثم الرشادا

ذاك رزء المصطفى والمرتضى *** وذوي الإيمان بدءا ومعادا

بالحسين الطهر مصباح الهدى *** من لبنيان العلا والفخر شادا

سيد السادات من أهل الإبا *** قائد القادات جودا ورشادا

لست أنسى رزءه المرّ الذي *** ليس ينسى أبدا حتى المعادا

إذ أتى في كربلا اُم البلا *** بكرام صفوة سادوا العبادا

هم رجال اللّه‏ أكرم بهُمُ *** من رجال طاولوا السبع الشدادا

وهُمُ شادوا المعالي والعلا *** إذ سواهم عن طريق الحق حادا

كذويه الغرّ والصحب الذي *** أودع الرحمن فيهم ما أرادا

تاجروا في اللّه‏ أرواحهُمُ *** فحباهم من لدنه المستجادا

وحموا عن شرعة الإسلام من *** زاده الشيطان كفرا وعنادا

فتراهم في مضيق الكفر في *** غاية البشر وجوها وفؤادا

وإذا البيض الحداد التمعت *** لم يروا ذلك بيضا وحدادا

وإذا الأقدام خفت ثبتوا *** كالجبال الشمّ ثقلاً وصلادا

حفظوا المختار في أبنائه *** إذ دعوهم ومنادي الموت نادى

ومذ اختار لهم خالقهم *** جنة خلدا وقربا مستزادا

سجدت أجسادهم فوق الثرى *** كبدور زادها اللّه‏ اتّقادا

فقضى الإسلام لما أن قضوا *** والمعالي لبست فيهم حدادا

أفتديهم ولهم قل الفدا *** من لهلاّك الورى كانوا العمادا

وبقي من بعدهم غوث الورى *** سبط خير الناس من للخلق سادا

مفردا لم يلفِ منهم ناصرا *** ماخلا رمحا وسهما وحدادا

وجسوما تركت فوق الثرى *** ويتامى وأيامى لن تفادى

فسطا في جمعهم من بعدما *** أوقر الأسماع وعظا ورشادا

حجة منه عليهم كرما *** إذ مليك الجود لازال جوادا

فترى الأبطال منه خضعا *** مثل نار قد غدت بعد رمادا

أو كشاء حلّ في أوساطها *** أشهب أودى به الجوع فزادا

وانثنت راياتها ناكصة *** تتوارى منه هضبا ووهادا

لا تلمها أن غدت ناكصة *** فحسام اللّه‏ أوداها نكادا

لكن اللّه‏ له اختار اللقا *** والتي تبقى خلودا لا نفادا

فهوى عن مهره بادي الرضا *** شاكرا للّه‏ فيما قد أرادا

وهوى من بعده ركن الهدى *** والمعالي برقعت فيه سوادا

واُصول الفخر خرّت للثرى *** بعده إذ كان فيهن العمادا

يا سماوات العلى خري ويا *** أرض ميدي قل فيه أن تمادى

ومياه البحر غوري بعدما *** قد قضى السبط عن الماء مذادا

وستور الحجبات انهتكي *** آل طه هتكت جهرا حدادا

ومصونات علي المرتضى *** برزت حاسرة ليست تفادى

والظما أودى بأحشائهُمُ *** والرزايا قد ورت فيه زنادا

يا لخطب قد عرا كل الورى *** لا أرى في صابه المر نفادا

فعليه حقّ أن نبكي دما *** دائم الدهر وأن نسلو الرقادا

آل بيت المصطفى والمرتضى *** حجج الجبّار بدءا ومعادا

خلصوني سادتي من كل ما *** أختشي منه العظيمات الشدادا

واشفعوا لي ولآبائي ومن *** كان لي ودا وأولاكم ودادا

« فعلي » حسن الظن بكم *** فاشفعوا فيه فلا يلقى نكادا

وعليكم صلوات اللّه‏ ما *** جودكم في سائر الأكوان جادا

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة