شرح دعاء الصباح 13

img

(13) ﴿يا مَن أرقَدَني في مِهادِ أمِنِه وَأمانِهِ﴾

«أرقدني»: أنامَني. و«الأمنُ»: ضدّ «الخوف»، وهو اطمينان القلب وسُكون النّفس. و«الأمان» الحراسة والكلاءة. ولمّا مَجَّدَهُ عليه السلام تعالى بذكر طائفة من الفضائل بعضها ثبوتيّة جماليّة وبعضها سلبيّة جلالية، كما قال تعالى: ﴿تَبارَكَ اسمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ والإكْرامِ([1])، شرع في تعظيمه بذكر بعض أُمّهات الفواضل؛ بعضها من باب جلب المنفعة، وبعضها من باب دفع المضرّة.

ومن أُمّهات جوالب المنفعة: الأمنُ والأمان، كما قدّم على الإيمان في دعاء آخر، وهو: «اللهمَّ إنّي أسألُكَ الأمنَ وَالإيمانَ بِكَ»([2]). وإضافة المِهاد ـ وهو الفراش والمهد ـ إليه من قبيل إضافة المشبّه به إلى المشبّه مثل «لُجين الماء»، و«ذهب الأصيل». والفقرة من باب التمثيل لرأفته وشفقته؛ فإنّه أشفق بك من الأُمّ الشفيقة؛ فهو كالتمثيل المركّب في قولهم: «أراك تُقدَّم رِجلاً وتُؤخرِّ أُخرى»، فقد مثّل رأفته وعطوفته بعباده بحال أُمٍّ شفيقة، أو أبٍ رحيم عطوفٍ يُنيم الولد في المهد مُراقباً مُحارساً له، من غير أن يكون في المفردات مجاز. وعليه حمل كثير من متشابهات القرآن مثل قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى([3]) و﴿وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ([4])، وغير ذلك. وقد قال الحكماء: إنّ النّاس للتخييل والتمثيل أطوع منهم للتّصديق، بل رجّح بعضهم كثيراً من القياسات الشعريّة على كثير من الخطابيّات.

ومن أُمّهات الجوالب: اليقظة، كما قالعليه السلام تلقيناً.

___________________________________________

([1]) الرحمن: 78.

([2]) الكافي2: 587/25، وقريب منه في الإقبال بالأعمال الحسنة2: 227.

([3]) طه: 5.

([4]) الذاريات: 47.

الكاتب الملا هادي السبزواري

الملا هادي السبزواري

مواضيع متعلقة