حدث في مثل هذا اليوم (10 شعبان)

حدث في مثل هذا اليوم (10 شعبان)

وفيه من سنة 105 هجرية تُوفّيت حبابة جارية يزيد بن عبد الملك بن مروان التي شُغف بحبّها حتى شغلتْه عمّا سواها، فعذله مَسْلَمَة بن عبد الملك على احتجابه عن الناس، واشتغاله باللهو والكاس، وقال له فيما قال له: إنّما مات عمر بن عبد العزيز أمس وقد كان من عدله ما قد علمت، فينبغي أن تُظهر للناس العدل وترفض هذا اللهو؛ فقد اقتدى بك عُمّالك في سائر سيرتك وأفعالك. فارتدع عمّا كان عليه، وأظهر الإقلاع والندم، وأقام على ذلك أيّاماً، وفي ذات يوم غنّتْه جاريتُه حبابة:

إذا أنت لم تعشقْ ولم تعرف الهوى *** فكنْ حَجَراً من
فما العيشُ إلاّ ما تلذُّ وتشتهي *** وإنْ لامَ فيهِ ذو الشنان وفنَّدَا

فلمّا فرغت منه جعل يردّد قولها، وعاد إلى لهوه وقصفه.([1])

واعتلَّت حبابة فأقام يزيد عندها لا يظهر للناس، ثمّ ماتت بالتأريخ المذكور: 10 / 8 / 105، فأقام لا يدفنها جزعاً عليها حتى جافت، فقيل له إنّ الناس يتحدّثون عن جزعك وإنّ الخلافة تجلّ عن ذلك، فدفنها وأقام على قبرها وجعل يقول:

فإنْ تسلُ عنكَ النفسُ أو تدعِ الهوى *** فباليأسِ تسلو عنك لا بالتجلّدِ([2])

وحزن عليها حزناً شديداً، وضمّ إليه جارية كانت تخدمها ليتذكّرها بها، وفي ذات يوم تمثّلت الجارية بقول الشاعر:

كفى حزناً للهائمِ الصبِّ أنْ يرى *** منازلَ مَن يهوي معطّلة قَفْرَا([3])

فبكى حتى كاد أن يموت، ومازال حزيناً إلى أن مات بعدها بأيّام قلائل، وسيأتي الكلام على موته بتأريخ: 25 / 8 / 105هجرية.

وقيل: إنّ سبب موتها أنّ يزيد بن عبد الملك قال في نفسه: زعموا أنّه لا تصفو عيشة لأحد يوماً كاملاً إلّا كدرها عليه شيء من الأشياء، وسأجرّب ذلك. ثمّ أمر مَن في خِدْمته إذا كان غد فلا تخبروني بشيء ولا تأتوني بكتاب. وخلا بمحبوبته حبابة ومعها كل ما يشتهيان من الطعام والفواكه والمشروبات، فأكلت حبابة رمّانة فشرقت بحبّة منها وماتت بالتأريخ المذكور، فأقام معها ثلاثة أيام لا يدفنها حتى تغيّرت وأنتنت وهو يشمّها ويقبّلها ويبكي عليها حتى عابه الناس، فأمر بدفنها ثمّ مات حزناً عليها بعد (15) يوماً([4]).

***

وفيه من سنة 329 هجرية خرج التوقيع للسفير الرابع وهو علي بن محمد السمري رحمه الله ـ وفيه ما يلي:

«بسم الله الرحمن الرحيم. يا علي بن محمد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك؛ فإنّك ميّت بينك وبين ستة أيام، فأجمِعْ أمرك و لا توصِ إلى أحدٍ بعدك، فقد وقعتْ الغيبة التامّة فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً. وسيأتي من شيعتي مَن يدّعي المشاهدة، ألا فمَن ادّعى المشاهد قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم».

قال الراوي: فلمّا صار اليوم السادس من خروج هذا التوقيع وهو يوم 15 / 8 / 328 أو 329، دخلنا عليه وهو يجود بنفسه، فقلنا له: مَن وصيّك؟ فقال: لله أمر هو بالغه، ومات. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.

***

وفيه من سنة 754 هجرية تُوفّي بالحلّة العميدي العالم الفقيه عميد الدين السيد عبد المطلب ابن السيد محمد ابن السيد علي الأعرج الحلّي الحسيني ابن أخت العلّامة الحلّي، صاحب التآليف النافعة. وأكثرها شروح على كتب خاله العلّامة الحسن بن المطهر الحلّي المتوفّى 11 / 1 / 726، ومنها كتاب (منية اللبيب في شرح التهذيب)، و(كنز الفوائد في حلّ مشكلات القواعد)، و(تبصرة الطالبين في شرح نهج المسترشدين)، وغير ذلك من الكتب ولمّا مات رحمه الله نقل من الحلة ـ بعد أن صُلّي عليه بها في مقام أمير المؤمنين عليه السلام ـ ودُفن عند أمير المؤمنين بالنجف الأشرف، وعمره يومئذٍ ثلاث وسبعون سنة إلّا خمسة أيام؛ فقد كان مولده بتأريخ: 15 / 8 / 681، ووفاته 10 / 8 / 754. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته.

***

وفيه من سنة 980 هجرية وُلد العالم الفاضل، المحقق المدقّق، المتبحّر الورع الصالح، الشيخ محمد، ابن الشيخ حسن صاحب المعالم ابن الشهيد الثاني. له مؤلّفات كثيرة، منها كتاب (شرح تهذيب الأحكام)، وكتاب (شرح الاستبصار)، وحاشية على شرح (اللمعة)، وحاشية (المعالم)، وحاشية أصول الكافي، إلى غير ذلك من الكتب النافعة. وله شعر حسن، ومنه قصيدته الحسينية التي قال فيها:

كيفَ ترقى دموعُ أهلِ الولاءِ *** والحسينُ الشهيدُ في كربلاءِ
جدّهُ المصطفى الأمينُ على الوحـ *** ـي من اللهِ خاتَمُ الأنبياءِ
وأبوه أخو النبيِّ عليٌ *** آيةُ اللهِ سيِّدُ الأوصياءِ
أمّهُ البِضْعَةُ البتولُ أخوهُ *** صفوةُ الأولياءِ والأصفياءِ
ليتَ شعري ما عُذْر عبدٍ محبٍّ *** جامدِ الدمعِ ساكنِ الأحشاءِ([5])

إلى آخر القصيدة المذكورة في كتاب (أدب الطف) للسيد جواد شبّر، وقد أرّخ والده عام مولده فقال:

أَحْمُدُ رَبِّي اللهَ أنْ جاءني *** محمّدٌ من فيض نَعْمَاهُ
تاريخه (لا زال مثلَ اسْمِهِ *** بجودِهِ يُسْعِدُهُ اللهُ)([6])

(980)

رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.

________________

([1]) انظر: تاريخ الإسلام 7: 280 ـ 281، تاريخ مدينة دمشق 65: 308.

([2]) تاريخ مدينة دمشق 69: 92، سير أعلام النبلاء 5: 151، الوافي بالوفيات 28: 31.

([3]) تاريخ الطبري 5: 375، تاريخ مدينة دمشق 69: 43، 93، سير أعلام النبلاء 5: 152.

([4]) انظر المصادر السابقة.

([5]) أدب الطف 5: 87.

([6]) إجازات الحديث (السيد جعفر الأشكوري): 408.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top