حدث في مثل هذا اليوم (15 رجب)

حدث في مثل هذا اليوم (15 رجب)

قال صاحب كتاب (وقائع الشهور والأيام): وفيه دعاء أمّ داود، قالوا: وهي فاطمة بنت عبد الله بن إبراهيم الهاشمية التي قبض المنصور الدوانيقي على ولدها داود بن الحسين العلوي بعد قَتْل أبناء عمّه الحسنيين، فاشتدّ حزنها لفراقه فدخلت على الإمام جعفر (عليه السلام) تعوده في مرض له، فسألها عنه وقال: «ما الذي بلغك عنه؟». فبكتْ وقالت: وأين داود يا مولاي؟ إنّه قد انقطع عنّي خبره، فأسألك الدعاء له، فإنّه أخوك في الرضاعة، وكانت قد أرضعت الإمام على لبنه. فقال: «يا أمّ داود، إنّه قد دنا هذا الشهر الحرام ـ يعني شهر رجب ـ وهو شهر مبارك عظيم الحرمة، الدعاء فيه مستجاب». ثمّ أمرها أن تصوم أيام البيض منه، وأن تغتسل في اليوم الأخير منها ـ وهو اليوم الخامس عشر منه ـ عند الزوال، وأن تصلّي نوافل الظهر ثماني ركعات وتقرأ في أول ركعة منها أمُ الكتاب، و﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، وفي الثانية أم الكتاب ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، وفي الست البواقي ما أحبَّت من السور القصار، ثمّ تُصلي الظهر، وتركع بعدها ثماني ركعات أيضاً (وهي نافلة العصر)، فإذا فرغت من الصلاة قرأتْ السور التي ذكرها لها، ثم قرأتْ الدعاء المذكور في مفاتيح الجنان، ثمّ تسجد وتقول: «اللّهمّ لك سجدتُّ، وبِكَ آمنتُ فارْحَمْ ذُلِّي وَفَاقَتِي، واجتهادي وتضرُّعي، ومسكنَتِي وفَقْرِي إليك يا ربّ».

ثمّ قال لها: «واجهدي أن تَسحّ عيناك ولو مقدار ذبابة من الدموع؛ فإنّ آية إجابة هذا الدعاء حرقة القلب وانسكاب العبرة».

قالت أم داود: فكتبتُ الدعاء وانصرفتُ إلى منزلي ولمّا دخل رجب صمتُ تلك الأيام وعملت ما أمرني به من الصلاة والدعاء، فرد الله عَلَيَّ ولدي سالماً في أيام لا يزيد عددها على عدد الأيام التي يقطعها المسافر بين العراق والحجاز([1]).

***

قال صاحب كتاب (وقايع الشهور والأيام): في هذا اليوم كان خروج النبي (صلى الله عليه وآله) وبني هاشم من الشِّعْب. أقول: ويشكل على هذا القول أنّ شهر رجب من الأشهر الحرم، وبنو هاشم يخرجون من حصار الشعب في كلّ شهر من الأشهر الحرم إلّا أن يكون المقصود من ذلك إلغاء قريش للصحيفة القاطعة فلا بأس. وقد كان ذلك قبل موت أبي طالب؛ لأنّه (رحمه الله) أنشأ في إلغاء الصحيفة قصيدةً قال فيها:

جزى الله رهطاً بالحجون تتابعوا *** على ملأ يهدي لحزم ويرشدُ
قضوا ما قضوا من ليلهم ثم أصبحوا *** على مهلا وسائر الناس رقّدُ([2])

وكان الذين تسبّبوا في إلغاء الصحيفة خمسة، وهم: هشام بن عمرو بن الحرث، ثمّ أسلم بعد ذلك، وزهير بن أبي أمية المخزومي أخو أُمّ سلمة لأبيها، وأُمّه عاتكة بنت عبد المطلب، وقد أسلم بعد ذلك كالذي قبله، والمطعم بن عدي مات كافراً، وأبو البختري بن هشام قتل يوم بدر كافراً، وزمعة بن الأسود قُتل ببدر كافراً أيضاً.

***

وفيه أو في النصف من شعبان سنة 2 من الهجرة قبل واقعة بدر بشهر أو شهرين حُوِّلت القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام؛ بسبب دعاء الرسول (صلى الله عليه وآله) كما تنصّ على ذلك الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ([3]).

قال بعض الشعراء:

كم للنبيِّ المصطفى من آيةٍ *** غرّاء حَارَ الفكرُ في مَعْنَاهَا
لَمَّا رأى الباري تقلُّبَ وجْهِهِ *** ولاّه أيمن قبلةً يَرْضَاهَا([4])

وسنشير إن شاء الله إلى هذه الحادثة الشريفة بتاريخ 15 / 8.

***

وفي كتاب صفوة الصفوة لابن الجوزي قال: وفي يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من رجب سنة 32 هجرية في خلافة عثمان تُوفّي العباس بن عبد المطلب. وقد تقدّم أنّه (رحمه الله) تُوفّي بتاريخ 7 / 7، وسيأتي أنّه تُوفّي بتاريخ 12 / 9 / 32. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.

***

وفيه من سنة 65 هجرية تُوفيتْ عقيلة الطالبيين زينب ابنة أمير المؤمنين (عليهما السلام)، وقيل: إنّها أوّل مَن لحق بالحسين من أهل بيته. وهذا القول يرجّح قول مَن قال بأنّها (عليها السلام) تُوفّيت سنة 62 هجرية.

قال المرحوم الشيخ محمد جواد مغنية المتوفّى بتاريخ 19 / 1 / 1400 هجرية في كتابه (مع بطلة كربلاء): واختلفوا في قبرها على ثلاثة أقوال:

1 ـ إنّها دُفنتْ في مدينة جدّها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولو كان كذلك لَعُرف قبرها واشتهر، وكان مزاراً للمؤمنين كغيره من قبور الصالحات والصالحين.

2 ـ إنّها دُفنتْ في قرية بضواحي الشام، أي في المقام المعروف بقبر الست، ولم ينقل هذا القول عن أحد من ثقات المتقدّمين.

3 ـ القول الثالث أنّها دُفنتْ في مصر، ونقل هذا عن جماعة منهم العبيدلي وابن عساكر الدمشقي وابن طولون وغيرهم، قال (رحمه الله): ويلاحظ أنّ علماءنا الذين عليهم الاعتماد كالكليني والصدوق والمفيد والطوسي والحلّي لم يتعرّضوا لمكان قبرها (عليها السلام) حتى نرجّح بقولهم ـ كُلاًّ أو بعضاً ـ أحد الأقوال الثلاثة، فلم يبق إلّا الشهرة بين الناس، ولكنّ الشهرة عند أهل الشام تعارضها الشهرة عند أهل مصر؛ ولذلك لا يمكن الجزم بشيء، وليس من شكّ أنّ زيارةَ المشهد المشهور بالشام والجامع المعروف بمصر بقصد التقرّب إلى الله سبحانه بالتعظيم لأهل البيت الذين قرّبهم الله ورفع درجاتهم ومنازلهم حسنةٌ راجحة؛ لأنّ الغرض إعلان الفضائل، وتعظيم الشعار والمكان وسيلة لا غاية، وقد جاء في الحديث «نية المرء خير من عمله»([5]). وقد قال بعض أهل المعرفة: إنّ القول بقبرها في الشام وإن كان لم ينقل عن أحد من الثقات كما تقدّم إلّا أنّه مجبور بأمرين:

الأول: كثرة ظهور الكرامات باسمها÷ في هذا المقام الشريف ([6]).

الثاني: أنّ الله ربّما أراد أن يظهر كرامة أوليائه ومهانة أعدائه بأن تكون عاصمة يزيد المتكبّر المتجبّر عاصمة لِسَبِيَّتِهِ التي أهانها بدخول مجلسه والحبل في عنقها كما جاءت به الرواية عن الإمام زين العابدين (عليه السلام)([7])؛ لأنّ في ذلك عبرة لمن أعتبر، ومصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ([8]) .

فبغداد الرشيد لموسى بن جعفر (عليه السلام)، وخراسان المأمون للإمام الرضا (عليه السلام)، وسامرا المتوكّل للهادي والعسكري’، وشام يزيد لسبيَّته زينب (عليها السلام) والعاقبة للمتقين.

***

وفي هذا اليوم ـ 15 / 7 ـ من سنة 148 هجرية تُوفّي الإمام الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام). وسيأتي إن شاء الله تعالى أنّ وفاته بتاريخ 25 / 10 من السنة المذكورة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

وفيه من سنة 344 هجرية تُوفّي أبو بكر محمد بن عمر التميمي الحافظ المعروف بــابن الجعابي البغدادي، قاضي الموصل الإمامي. كان من حُفّاظ الحديث، ومن أجلّاء أهل العلم الناقدين للحديث. يروي عنه الشيخ المفيد (رحمه الله). له تصانيف كثيرة أكثرها على طريقة التشيّع، ومنها كتاب (الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم)، وكتاب (طرق مَن روى عن أمير المؤمنين)، وكتاب (مَن روى مؤاخاة النبي (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين)، وكتاب (مَن روى حديث الغدير)، وكتاب (مَن كان يتديَّن بمحبَّة أمير المؤمنين من أهل العلم والفضل والدلالة على ذلك)، إلى غير ذلك من التصانيف النافعة والتآليف المفيدة. وكان إماماً في معرفة علل الحديث وأحوال الرجال، وقد انتهى إليه هذا العلم في آخر عمره حتى لم يبق في الدنيا مَن يتقدّمه فيه.

والجعابي نسبةً إلى صنع الجعاب ـ جمع جعبة ـ وبيعها، والجعبة: هي كنانة النبل. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنّته.

***

وفيه من سنة 387 هجرية تُوفّي الملك السابع من ملوك آل سامان نوح بن منصور بن نوح بن عبد الملك الساماني. وقد اختلّ بموته ملك آل سامان الذي دام مئة وسبعين سنة وستة أشهر. وكان ملكهم مِـمَّا وراء النهر إلى حدود أصفهان، وعدَّة ملوكهم عشرة، وهم: إسماعيل بن أحمد الساماني، وولده أحمد بن إسماعيل، ونصر بن أحمد، ونوح بن نصر، وعبد الملك بن نوح، وأخوه منصور بن نوح، وولده نوح بن منصور صاحب هذه الترجمة، وولده منصور بن نوح، ثمّ أخوه عبد الملك بن نوح، ثمّ أخوه إسماعيل بن نوح وهو آخرهم، فسبحان مَن لا يزول ملكه.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1315 هجرية والموافق تقريباً 10 / 12 / 1897م تُوفّي مخترع الديناميت وصاحب جائزة نوبل (الفرد نوبل) السويدي، وقد وقف ثروته لتأسيس خمس جوائز سنوية: 1ـ الأداب. 2ـالفيزياء. 3ـ الكيمياء. 4ـ الطب. 5 ـ السلام.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1387 هجرية والموافق تقريباً 19 / 1 / 1967م وصلت إلى كوكب الزهرة أوّل سفينة فضاء، وهي السفينة السوفيتية «فينوس4»، وقد أَرسلت إشارات ومعلومات للأرض تدلّ على أنّه لا توجد حياة على وجه هذا الكوكب كما يظنّ البعض، والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

كرامة للإمام الرضا عليه السلام

وفيه من سنة 1389هجرية تُوفّي العالم العابد، الشيخ الميرزا أحمد الكافي اليزدي، الذي سافر إلى زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) فألحّ عليه بعض المؤمنين أن يقيم عندهم، وأصرّوا عليه بشدّة فاستجاب لهم وبقي عندهم، وبعد مدّة أصابه مرض في عينيه فذهب بصره على الرغم من مراجعة الأطباء المعروفين بالخبرة، والمهارة، فلمّا أعياه الأمر، وتأكّد أن لا فائدة في أيّ علاج ذهب إلى الحرم الشريف وجلس مقابل الضريح المقدس وجعل يخاطب الإمام الرضا (عليه السلام) ويقول: مولاي، جاءك العميان من بلادهم فرجعوا من حضرتك وهم يبصرون، وأنا جئتك ببصري لأجاورك فصرتُ أعمى، فهل هذا من حسن ضيافة الأولياء للغرباء يا مولاي؟

قال: وبينما أنا أبكي وأتضرّع إذ عرضتْ لي غفوة فرأيتُ كأنّ راكباً على ناقة يقترب منّي وقال لي: «تحرك يا شيخ». فقلتُ: دعني أفصح عن ألمي. قال: «تقصد ألم عينيك؟». قلت: نعم. قال: «خذ هذه العصابة، وامسح بما فيها عليهما».

قال: فأخذتُها وأخرجتُ ما فيها ومسحتُ به عيني فانفتحتا وأبصرتُ النور، وانتبهتُ مبصراً والحمدلله.

قالوا: ولم يشكُ عينيه حتى تُوفّي. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1394هجرية تُوفّي بمكة المكرمة الخطيب الكبير الملّا عبد الله بن مكي المبشر التاروتي القطيفي، المولود سنة 1322هجرية. وكان ذاهباً إلى العمرة الرجبية ولكنّه لم يتمّها وعاجله القدر قبل أدائها فتوفّي مُحْرِماً ودفن بمكة المكرمة بمقبرة المعلّى، وعمره 72 سنة.

ومن عجيب ما أعطى الله هذا الرجل أنّه مع كونه مكفوف البصر فإنّه يستطيع تصليح الساعة والراديو وأمثالها، وقد رأيتُه بعيني يضع صحناً في حجره ويفتح الساعة في ذلك الصحن بما عنده من سكروب وسكين وغير ذلك، ثمّ يعيد تركيب الساعة بدقّة ومهارة، فتعود صالحة كما كانت أوّلاً. وقد عرف بهذا الأمر عند جميع مَن يعرفه، وكثيراً ما كان يشتري الساعة العاطلة فيصلحها ويبيعها صالحة مضمونة، فسبحان مَن أعطاه. وقد أَرّخ عام وفاته المقدّس الشيخ فرج العمران المتوفّى بتأريخ 22 / 3 / 1398هجرية فقال:

لله عبد الله ها *** جر زائراً شوقاً وحُبَّا
والله آواه ومو *** لى العبد أولى العبد قُرْبَا
وأحلّه بجنانه *** نعم الثواب ونعم عقبى
بالعفو يتحف مثلما *** أرّخت (بالغفران يُحْبَى)([9])

رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1405 هجرية تُوفّي بالبحرين الخطيب الكبير الملّا عبد الحسين بن راشد بن سعيد بن علي آل فرج العرادي؛ نسبةً إلى قرية (عراد) بجزيرة المحرق في البحرين. وقد عُرف بتضلّعه في الشعر الشعبي، فله قصائد تتّسم بالرقّة والحُسْن، وقد جَـمَعَ شعره في ثلاثة مجلّدات، وقد سمّاه (النصرة العرادية). قال صاحب كتاب (أعلام الثقافة الإسلامية بالبحرين): وكانت المحافل الدينية تصدح بأنغام شعره، يسكبها في الآذان المرهقة صوته الرخيم، وقد تميّز بالخلق الإسلامي الرفيع والأريحية النادرة، والابتسامة الرقيقة، والكرم العفوي، والدأب على قضاء حوائج إخوانه المؤمنين؛ لما كان لشخصيته من مكانة مرموقة على الصعيدين الشعبي والرسمي. وإذا كان مولده سنة 1332 ووفاته 15/ 7/ 1405 هجرية فعمره لا يزيد عن 73 سنة، رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1428 هجرية تُوفّي بطهران آية الله الشيخ علي المشكيني رئيس مجلس الخبراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن عمر يقارب 87 سنة.

_________________

([1]) فضائل الأشهر الثلاثة: 34 ـ 36.

([2]) الغدير 7: 374، أنساب الأشراف: 32، البداية والنهاية 3: 122، السيرة النبوية (ابن هشام) 1: 254.

([3]) البقرة: 144.

([4]) السيرة الحلبية 2: 354.

([5]) المحاسن 1: 260 / 315، تأويل مختلف الحديث: 139.

([6]) ومنها كتاب الأزهار الأرجية (ص – 59 ج7)، وكرامة بصفحة (213 ج12) منه أيضاً. المؤلّف.

([7]) وفيات الأئمّة: 166.

([8]) الأنبياء: 105.

([9]) الأزهار الأرجية م6، ج15: 558.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top